هذا اللفظ في هذا الحديث ليس في كتاب مسلم . وإنما هو في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . في الجمع بين الصلاتين في الجملة من غير اعتبار لفظ بعينه : فمتفق عليه . ولم يختلف الفقهاء في جواز الجمع في الجملة ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة يخصصه بالجمع بعرفة ومزدلفة ، وتكون العلة فيه : النسك ، لا السفر . ولهذا يقال : لا يجوز الجمع عنده بعذر السفر ، وأهل هذا المذهب : يؤولون الأحاديث التي وردت بالجمع على أن المراد تأخير الصلاة الأولى إلى آخر وقتها ، [ ص: 330 ] وتقديم الثانية في أول وقتها . وقد قسم بعض الفقهاء الجمع إلى جمع مقارنة وجمع مواصلة . وأراد بجمع المقارنة : أن يكون الشيئان في وقت واحد ، كالأكل والقيام مثلا ، فإنهما يقعان في وقت واحد . وأراد بجمع المواصلة : أن يقع أحدهما عقيب الآخر ، وقصد إبطال تأويل أصحاب أبي حنيفة بما ذكرناه ، لأن جمع المقارنة لا يمكن في الصلاتين ، إذ لا يقعان في حالة واحدة ، وأبطل جمع المواصلة أيضا . وقصد بذلك إبطال التأويل المذكور إذ لم يتنزل على شيء من القسمين . وعندي : أنه لا يبعد أن يتنزل على الثاني ، إذا وقع التحري في الوقت . أو وقعت المسامحة بالزمن اليسير بين الصلاتين إذا وقع فاصلا . لكن بعض الروايات في الأحاديث لا يحتمل لفظها هذا التأويل ، إلا على بعد كبير ، أو لا يحتمل أصلا . فأما ما لا يحتمل ، فإذا كان صحيحا في سنده ، فيقطع العذر . وأما ما يبعد تأويله : فيحتاج إلى أن يكون الدليل المعارض له أقوى من العمل بظاهره . وهذا الحديث الذي في الكتاب ليس يبعد تأويله كل البعد بما ذكر من التأويل . وأما ظاهره : فإن ثبت أن الجمع حقيقة لا يتناول صورة التأويل ، فالحجة قائمة به ، حتى يكون الدليل المعارض له أقوى من ذلك التأويل من هذا الظاهر .
والحديث يدل على الجمع إذا كان على ظهر سير . ولولا ورود غيره من الأحاديث بالجمع في غير هذه الحالة لكان الدليل يقتضي امتناع الجمع في غيرها . لأن الأصل : عدم جواز الجمع ، ووجوب إيقاع الصلاة في وقتها المحدود لها ، وجواز الجمع بهذا الحديث : قد علق بصفة مناسبة للاعتبار . فلم يكن ليجوز إلغاؤها . لكن إذا صح الجمع في حالة النزول فالعمل به أولى ، لقيام دليل آخر على الجواز في غير هذه الصورة ، أعني السير ، وقيام ذلك الدليل يدل على إلغاء اعتبار هذا الوصف . ولا يمكن أن يعارض ذلك الدليل بالمفهوم من هذا الحديث . [ ص: 331 ] لأن دلالة ذلك المنطوق على الجواز في تلك الصورة بخصوصها أرجح . وقوله " وكذلك المغرب والعشاء " يريد في طريق الجمع ، وظاهره : اعتبار الوصف الذي ذكره فيهما : وهو كونه على ظهر سير . وقد دل الحديث على الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .
ولا خلاف أن الجمع ممتنع بين الصبح وغيرها ، وبين العصر والمغرب ، كما لا خلاف في جواز الجمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة . ومن ههنا ينشأ نظر القائسين في مسألة الجمع . فأصحاب أبي حنيفة : يقيسون الجمع المختلف فيه على الجمع الممتنع اتفاقا ويحتاجون إلى إلغاء الوصف الفارق بين محل النزاع ومحل الإجماع . وهو الاشتراك الواقع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، إما مطلقا أو في حالة العذر . وغيرهم يقيس الجواز في محل النزاع على الجواز في محل الإجماع . ويحتاج إلى إلغاء الوصف الفارق ، وهو إقامة النسك .