أما البداءة بالصلاة قبل الخطبة ، فقد ذكرناه . وأما عدم الأذان والإقامة لصلاة العيد : فمتفق عليه ، وكأن سببه تخصيص الفرائض بالأذان تمييزا لها بذلك عن النوافل ، وإظهارا لشرفها . وأشار بعضهم إلى معنى آخر ، وهو أنه لو دعا النبي صلى الله عليه وسلم إليها لوجبت الإجابة . وذلك مناف لعدم وجوبها . فهذا حسن بالنسبة إلى من يرى أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان . وهذه المقاصد التي ذكرها الراوي - من الأمر بتقوى الله ، والحث على طاعته والموعظة والتذكير - : هي مقاصد الخطبة . وقد عد بعض الفقهاء من أركان الخطبة الواجبة : الأمر بتقوى الله وبعضهم : جعل الواجب : ما يسمى خطبة عند العرب . وما يتأدى به الواجب في الخطبة الواجبة تتأدى به السنة في الخطبة المسنونة .
الوجه الثاني : تقرير اللفظ على الصحة . وهو أن تكون اللفظة أصلها من [ ص: 348 ] الوسط الذي هو الخيار . وبهذا فسره بعضهم من علية النساء وخيارهن . وعن بعض الرواة { من واسطة النساء } وقوله { سعفاء الخدين } الأسفع والسعفاء : من أصاب خده لون يخالف لونه الأصلي ، من سواد أو خضرة أو غيرهما . وتعليله صلى الله عليه وسلم بالشكاة وكفران العشير : دليل على تحريم كفران النعمة . لأنه جعله سببا لدخول النار . وهذا السبب في الشكاية يجوز أن يكون راجعا إلى ما يتعلق بالزوج وجحد حقه . ويجوز أن يكون راجعا إلى ما يتعلق بحق الله من عدم شكره ، والاستكانة لقضائه : وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر ذلك في حق من هذا ذنبه . فكيف بمن له منهن ذنوب أكثر من ذلك ، كترك الصلاة والقذف ؟ وأخذ الصوفية من هذا الحديث : الطلب للفقراء عند الحاجة من الأغنياء . وهذا حسن بهذا الشرط الذي ذكرناه . وفي مبادرة النساء لذلك ، والبذل لما لعلهن يحتجن إليه - مع ضيق الحال في ذلك الزمان - ما يدل على رفيع مقامهن في الدين ، وامتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد يؤخذ منه : جواز تصدق المرأة من مالها في الجملة ، ومن أجاز التصدق مطلقا ، من غير تقييد بمقدار معين ، فلا بد له من أمر زائد على هذا يقرر به العموم في جواز الصدقة . وكذا من خصص بمقدار معين .