في الحديث رد على اعتقاد أهل الجاهلية في أن الشمس والقمر تكسفان لموت العظماء . وفي قوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=43752يخوف الله بهما عباده } إشارة إلى أنه ينبغي الخوف عند وقوع التغيرات العلوية . وقد ذكر أصحاب الحساب لكسوف الشمس والقمر أسبابا عادية . وربما يعتقد معتقد أن ذلك ينافي قوله عليه السلام " يخوف الله بهما عباده " وهذا الاعتقاد فاسد . لأن لله تعالى أفعالا على حسب الأسباب العادية ، وأفعالا خارجة عن تلك الأسباب . فإن قدرته تعالى حاكمة على كل سبب ومسبب ، فيقطع ما شاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض فإذا كان ذلك كذلك فأصحاب المراقبة لله تعالى ولأفعاله ، الذين عقدوا أبصار قلوبهم بوحدانيته ، وعموم قدرته على خرق العادة ، واقتطاع المسببات عن أسبابها إذا وقع شيء غريب . حدث عندهم الخوف لقوة اعتقادهم في فعل الله تعالى ما شاء . وذلك لا يمنع أن يكون ثمة أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله تعالى [ ص: 352 ] خرقها . ولهذا كان النبي عند اشتداد هبوب الريح " يتغير ، ويدخل ، ويخرج " خشية أن تكون كريح عاد ، وإن كان هبوب الريح موجودا في العادة . والمقصود بهذا الكلام : أن يعلم أن ما ذكره أهل الحساب من سبب الكسوف : لا ينافي كون ذلك مخوفا لعباد الله تعالى . وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام ، لأن الكسوف كان عند موت ابنه إبراهيم . فقيل : إنها إنما كسفت لموت إبراهيم . فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . وقد ذكروا : أنها إذا صليت صلاة الكسوف على الوجه المذكور ، ولم تنجل الشمس : إنها لا تعاد على تلك الصفة . وليس في قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=24227فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم } ما يدل على خلاف هذا ، لوجهين :
أحدهما : أنه أمر بمطلق الصلاة ، لا بالصلاة على هذا الوجه المخصوص . ومطلق الصلاة سائغ إلى حين الانجلاء .
الثاني : لو سلمنا أن المراد الصلاة الموصوفة بالوصف المذكور : لكان لنا أن نجعل هذه الغاية لمجموع الأمرين - أعني الصلاة والدعاء - ولا يلزم من كونهما . غاية لمجموع الأمرين : أن تكون غاية لكل واحد منهما على انفراده . فجاز أن يكون الدعاء ممتدا إلى غاية الانجلاء بعد الصلاة على الوجه المخصوص مرة واحدة ويكون غاية للمجموع .