وبقوله " ثلاثا ، أو خمسا " على أن الإيتار مطلوب في غسل الميت . والاستدلال بصيغة هذا الأمر على الوجوب عندي يتوقف على مقدمة أصولية وهي : جواز إرادة المعنيين المختلفين بلفظة واحدة ، من حيث إن قوله " ثلاثا " غير مستقل بنفسه . فلا بد أن يكون داخلا تحت صيغة الأمر . فتكون محمولة فيه على الاستحباب . وفي أصل الغسل : على الوجوب . فيراد بلفظ الأمر : الوجوب بالنسبة إلى الإيتار . وقوله عليه السلام { إن رأيتن ذلك } تفويض إلى رأيهن بحسب المصلحة والحاجة . لا إلى رأيهن بحسب التشهي ، فإن ذلك زيادة غير محتاج إليها . فهو من قبيل الإسراف في ماء الطهارة . وإذا زيد على ذلك فالإيتار مستحب ، وإنهاؤه الزيادة إلى سبعة في بعض الروايات - لأن الغالب أنها لا تحتاج إلى الزيادة عليها . والله أعلم . وقوله " بماء وسدر " أخذ منه : أن الماء المتغير بالسدر تجوز به الطهارة ، وهذا يتوقف على أن يكون اللفظ ظاهرا في أن السدر ممزوج بالماء ، وليس يبعد أن يحمل على أن يكون الغسل بالماء من غير مزج له بالسدر ; بل يكون الماء والسدر مجموعين في الغسلة الواحدة . غير أن يمزجا . وفي الحديث دليل على استحباب الطيب ، وخصوصا الكافور ، وقيل : إن في الكافور خاصية الحفظ لبدن الميت .
ولعل هذا هو السبب في كونه في الأخيرة ; فإنه لو كان في غيرها أذهبه الغسل بعدها ، فلا يحصل الغرض من الحفظ لبدن الميت . و " الحقو " بفتح الحاء هنا : الإزار . تسمية للشيء بما يلزمه . وقوله " أشعرنها " أي : اجعلنه شعارا لها ، والشعار : ما يلي الجسد ، والدثار : ما فوقه . وقوله " ابدأن بميامنها " دليل على استحباب التيمن في غسل الميت ، وهو مسنون في غيره من الاغتسال أيضا . وفيه دليل أيضا على البداءة بمواضع الوضوء . وذلك تشريف . وقد تقدمت إشارة إلى أن ذلك إذا فعل في الغسل : هل يكون وضوءا حقيقيا ، أو جزءا من الغسل ، خصت به هذه الأعضاء تشريفا ؟ و " القرون " ههنا الضفائر . وفيه دليل على استحباب تسريح شعر الميت [ ص: 370 ] وضفره ، بناء على الغالب في أن الضفر بعد التسريح ، وإن كان اللفظ لا يشعر به صريحا . وهذا الضفر ثلاثا مخصوص الاستحباب بالمرأة . وزاد بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيه : أن يجعل الثلاث خلف ظهرها . وروى في ذلك حديثا أثبت به الاستحباب لذلك .
وهو غريب وهو ثابت من فعل من غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم .