الأول : قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=16255بعث عمر على الصدقة } الأظهر : أن المراد على الصدقة الواجبة . وذكر بعضهم : أن تكون التطوع ، احتمالا أو قولا . " وإنما كان الظاهر أنها الواجبة لأنها المعهودة . فتصرف الألف واللام إليها ، ولأن البعث إنما يكون على الصدقات المفروضة .
[ ص: 384 ] والثاني : يقال : نقم ينقم - بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل ، وبالعكس بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل - والحديث يقتضي : أنه لا عذر له في الترك . فإن " نقم " بمعنى أنكر ، وإذا لم يحصل له موجب للمنع ، إلا أن كان فقيرا ، فأغناه الله . فلا موجب للمنع . وهذا مما تقصد العرب في مثله النفي على سبيل المبالغة بالإثبات كما قال الشاعر :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
لأنه إن لم يكن فيهم عيب إلا هذا - وهذا ليس بعيب فلا عيب فيهم ، فكذلك هنا إذا لم ينكر إلا كون الله أغناه بعد فقره ، فلم يكن منكرا أصلا .
الثالث : " العتاد " ما أعد الرجل من السلاح والدواب وآلات الحرب . وقد وقع في هذه الرواية " أعتاده " وفي أخرى " أعتده " واختلف فيها . فقيل " أعتده " بالتاء : وقيل " أعبده " بالباء ثاني الحروف . وعلى هذا اختلفوا فالظاهر : أن " أعبده " جمع عبد . وهو الحيوان العاقل المملوك . وقيل : إنه جمع صفة من قولهم " فرس عبد " وهو الصلب . وقيل : المعد للركوب . وقيل : السريع الوثب . ورجح بعضهم هذا بأن العادة لم تجر بتحبيس العبيد في سبيل الله ، بخلاف الخيل .
الخامس : نشأ إشكال من كونه لم يؤمر بأخذ الزكاة منه ، وانتزاعها عند منعه . فقيل : في جوابه : يجوز أن يكون عليه السلام أجاز لخالد أن يحتسب ما حبسه من ذلك فيما يجب عليه من الزكاة . لأنه في . سبيل الله . حكاه القاضي قال : وهو حجة لمالك في جواز دفعها لصنف واحد . وهو قول كافة العلماء ، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية . قال : وعلى هذا يجوز إخراج القيم في الزكاة . وقد أدخل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث في " باب أخذ العرض في الزكاة " فيدل : أنه ذهب إلى هذا التأويل . وأقول : هذا لا يزيل الإشكال . لأن ما حبس على جهة معينة تعين صرفه إليها ، واستحقه أهل تلك الجهة مضافا إلى جهة الحبس ، فإن كان قد طلب من خالد زكاة ما حبسه ، فكيف يمكن من ذلك مع تعين ما حبسه لمصرفه ؟ وإن كان قد [ ص: 385 ] طلب منه زكاة المال الذي لم يحبسه - من العين والحرث والماشية فكيف يحاسب بما وجب عليه في ذلك ، وقد تعين صرف ذلك المحبس إلى جهته ؟ . وأما الاستدلال بذلك على أن صرف الزكاة إلى صنف من الثمانية جائز ، وأن أخذ القيم جائز : فضعيف جدا . لأنه لو أمكن توجيه ما قيل في ذلك لكان الإجزاء في المسألتين مأخوذا على تقدير ذلك التأويل . وما ثبت على تقدير لا يلزم أن يكون واقعا إلا إذا ثبت وقوع ذلك التقدير . ولم يثبت ذلك بوجه ، ولم يبين قائل هذه المقالة إلا مجرد الجواز . والجواز لا يدل على الوقوع . إلا أن يريد القاضي : أنه حجة لمالك وأبي حنيفة على التقدير . فقريب ، إلا أنه يجب التنبيه ، لأنه لا يفيد الحكم في نفس الأمر . وأنا أقول : يحتمل أن يكون تحبيس خالد لأدراعه وأعتاده في سبيل الله : إرصاده إياه لذلك ، وعدم تصرفه بها في غير ذلك . وهذا النوع حبس ، وإن لم يكن تحبيسا . ولا يبعد أن يراد مثل ذلك بهذا اللفظ . ويكون قوله " إنكم تظلمون خالدا " مصروفا إلى قولهم " منع خالد " أي تظلمونه في نسبته إلى منع الواجب ، مع كونه صرف ماله في سبيل الله . ويكون المعنى : أنه لم يقصد منع الواجب ، ويحمل منعه على غير ذلك .
السادس : أخذ بعضهم من هذا : وجوب زكاة التجارة . وأن خالدا طولب بأثمان الأربع والأعتد . قالوا : ولا زكاة في هذه الأشياء ، إلا أن تكون للتجارة . وقد استضعف هذا الاستدلال ، من حيث إنه استدلال بأمر محتمل ، غير متعين لما ادعى .
السابع : من قال بأن هذه صدقة كانت تطوعا . ارتفع عنه هذا الإشكال . ويكون النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بما حبسه خالد على هذه الجهات عن أخذ شيء آخر من صدقة التطوع . ويكون من طلب منه شيئا آخر - مع ما حبسه من ماله وأعتده في سبيل الله - ظالما له في مجرى العادة ، وعلى سبيل التوسع في إطلاق اسم الظلم .
أحدهما : أن يكون هذا اللفظ صيغة إنشاء لالتزام ما لزم العباس . ويرجحه قوله " إن عم الرجل صنو أبيه " فإن في هذه اللفظة إشعارا بما ذكرناه ، فإن كونه صنو الأب : يناسب [ ص: 386 ] تحمل ما عليه .
الثاني : أن يكون إخبارا عن أمر وقع ومضى . وهو تسلف صدقة عامين من العباس وقد روي في ذلك حديث منصوص " إنا تعجلنا منه صدقة عامين " يجمع النخلتين أصل واحد .