في الحديث دليل على إعطاء المؤلفة قلوبهم ، إلا أن هذا ليس من الزكاة فلا يدخل في بابها ، إلا بطريق أن يقاس إعطاؤهم من الزكاة على إعطائهم من الفيء والخمس . وقوله " فكأنهم وجدوا في أنفسهم " تعبير حسن كسي حسن الأدب في الدلالة على ما كان في أنفسهم ، وفي الحديث دليل على إقامة الحجة عند الحاجة [ ص: 387 ] إليها على الخصم . وهذا " الضلال " المشار إليه ضلال الإشراك والكفر . والهداية بالإيمان . ولا شك أن نعمة الإيمان أعظم النعم ، بحيث لا يوازيها شيء من أمور الدنيا . ثم أتبع ذلك بنعمة الألفة ، وهي أعظم من نعمة الأموال . إذ تبذل الأموال في تحصيلها وقد كانت الأنصار في غاية التباعد والتنافر ، وجرت بينهم حروب قبل المبعث . منها : يوم بعاث
ثم أتبع ذلك بنعمة الغنى والمال . وفي جواب الصحابة رضي الله عنهم بما أجابوه : استعمال الأدب ، والاعتراف بالحق الذي كنى عنه بقول الراوي " كذا وكذا " وقد تبين مصرحا به في رواية أخرى . فتأدب الراوي بالكناية ، في جملة ذلك : جبر للأنصار ، وتواضع وحسن مخاطبة ومعاشرة . وفي قوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=1693ألا ترضون - إلى آخرها } إثارة لأنفسهم وتنبيه على ما وقعت الغفلة عنه من عظم ما أصابهم بالنسبة إلى ما أصاب غيرهم من عرض الدنيا . وفي قوله عليه السلام " لولا الهجرة " وما بعده : إشارة عظيمة بفضيلة الأنصار . وقوله " لكنت امرأ من الأنصار " أي في الأحكام والعداد ، والله أعلم . ولا يجوز أن يكون المراد : النسب قطعا . وقوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=13817الأنصار شعار ، والناس دثار } الشعار " الثوب الذي يلي الجسد ، و " الدثار " الثوب الذي فوقه ، واستعمال اللفظين مجاز عن قربهم واختصاصهم ، وتمييزهم على غيرهم في ذلك . وقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=12373إنكم ستلقون بعدي أثرة } علم من أعلام النبوة إذ هو إخبار عن أمر مستقبل وقع على ما أخبر به صلى الله عليه وسلم . والمراد بالأثرة : استئثار الناس عليهم بالدنيا ، والله أعلم بالصواب .