فيه دليل استحباب تأخير السحور ، وتقريبه من الفجر . والظاهر : أن المراد بالأذان ههنا : الأذان الثاني . وإنما يستحب تأخيره ; لأنه أقرب إلى حصول المقصود من حفظ القوى ، وللمتصوفة وأرباب الباطن في هذا كلام تشوفوا فيه إلى اعتبار معنى الصوم وحكمته وهو كسر شهوة البطن والفرج ، وقالوا : إن من لم تتغير عليه عادته في مقدار أكله لا يحصل له المقصود من الصوم ، وهو كسر الشهوتين .
والصواب - إن شاء الله - أن ما زاد في المقدار ، حتى تعدم هذه الحكمة بالكلية لا يستحب ، كعادة المترفين في التأنق في المآكل والمشارب . وكثرة الاستعداد فيها ، وما لا ينتهي إلى ذلك ، فهو مستحب على وجه الإطلاق . وقد تختلف مراتب هذا الاستحباب باختلاف مقاصد الناس وأحوالهم ، واختلاف مقدار ما يستعملون .