في الحديث دليل على كراهة الوصال . واختلف الناس فيه . ونقل عن بعض المتقدمين فعله . ومن الناس من أجازه إلى السحر ، على حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري [ ص: 412 ]
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : دليل على أن النهي عنه نهي كراهة ، لا نهي تحريم . وقد يقال : إن الوصال المنهي عنه : ما اتصل باليوم الثاني . فلا يتناوله الوصال إلى السحر ، فإن قوله عليه السلام " فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر " يقتضي تسميته وصالا . والنهي عن الوصال يمكن تعليله بالتعريض بصوم اليوم الثاني ، فإن كان واجبا كان بمثابة الحجامة والفصد وسائر ما يتعرض به الصوم للبطلان
وتكون الكراهة شديدة . وإن كان صوم نفل : ففيه التعرض لإبطال ما شرع فيه من العبادة . وإبطالها : إما ممنوع - على مذهب بعض الفقهاء - وإما مكروه . وكيفما كان : فعلة الكراهة موجودة ، إلا أنها تختلف رتبتها . فإن أجزنا الإفطار : كانت رتبة هذه الكراهة أخف من رتبة الكراهة في الصوم الواجب قطعا . وإن منعناه فهل يكون كالكراهة في تعريض الصوم المفروض بأصل الشرع ؟ فيه نظر . فيحتمل أن يقال : يستويان .
لاستوائهما في الوجوب . ويحتمل أن يقال : لا يستويان ; لأن ما ثبت بأصل الشرع ، فالمصالح المتعلقة به أقوى وأرجح ; لأنها انتهضت سببا للوجوب . وأما ما ثبت وجوبه بالنذر - وإن كان مساويا للواجب بأصل الشرع في أصل الوجوب - فلا يساويه في مقدار المصلحة . فإن الوجوب ههنا إنما هو للوفاء بما التزمه العبد لله تعالى . وأن لا يدخل فيمن يقول ما لا يفعل .
وهذا بمفرده لا يقتضي الاستواء في المصالح . ومما يؤيد هذا النظر الثاني ما ثبت في الحديث الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=4563أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر } مع وجوب الوفاء بالنذر . فلو كان مطلق الوجوب مما يقتضي مساواة المنذور بغيره من الواجبات : لكان فعل الطاعة بعد النذر أفضل من فعلها قبل النذر ; لأنه حينئذ يدخل تحت قوله تعالى فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه أنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=34296ما تقرب المتقربون إلي بمثل أداء ما افترضت عليهم } ويحمل ما تقدم من البحث على أداء ما افترض بأصل الشرع ; لأنه لو حمل على العموم لكان النذر وسيلة إلى تحصيل الأفضل . فكان يجب أن يكون مستحبا ، وهذا على إجراء النهي عن النذر على عمومه .