النهي عن صوم يوم الجمعة محمول على صومه مفردا ، كما تبين في موضع آخر ولعل سببه : أن لا يخص يوم بعينه بعبادة معينة ، لما في التخصيص من التشبه باليهود في تخصيص السبت بالتجرد عن الأعمال الدنيوية ، إلا أن هذا ضعيف ; لأن اليهود لا يخصون يوم السبت بخصوص الصوم ، فلا يقوى التشبه بهم ، بل ترك الأعمال الدنيوية أقرب إلى التشبه بهم ، ولم يرد به النهي وإنما تؤخذ كراهته من قاعدة كراهة التشبه بالكفار ، ومن قال : بأنه يكره التخصيص ليوم معين ، فقد أبطل تخصيص يوم الجمعة ، ولعله ينضم إلى ما ذكرنا من المعنى : أن اليوم لما كان فضيلا جدا على الأيام ، وهو يوم عيد هذه الملة ، كان الداعي إلى صومه قويا ، [ ص: 418 ] فنهى عنه ، حماية أن يتتابع الناس في صومه ، فيحصل فيه التشبه أو محذور إلحاق العوام إياه بالواجبات إذا أديم ، وتتابع الناس على صومه ، فيلحقون بالشرع ما ليس منه ، وأجاز مالك صومه مفردا ، وقال بعضهم : لم يبلغه الحديث ، أو لعله لم يبلغه .