[ ص: 424 ] وفي الحديث دليل لمن رجح ليلة إحدى وعشرين في طلب ليلة القدر ومن ذهب إلى أن ليلة القدر تنتقل في الليالي ، فله أن يقول : كانت في تلك السنة ليلة إحدى وعشرين ، ولا يلزم من ذلك : أن تترجح هذه الليلة مطلقا ، والقول بتنقلها حسن ; لأن فيه جمعا بين الأحاديث ، وحثا على إحياء جميع تلك الليالي .
وقوله " يعتكف في العشر الأوسط " الأقوى فيه : أن يقال : " الوسط " و " الوسط " بضم السين أو فتحها ، وأما " الأوسط " فكأنه تسمية لمجموع تلك الليالي والأيام ، وإنما رجح الأول : لأن " العشر " اسم لليالي ، فيكون وصفها الصحيح جمعا لائقا بها ، وقد ورد في بعض الروايات ما يدل على أن اعتكافه صلى الله عليه وسلم في ذلك العشر كان لطلب ليلة القدر ، وقبل أن يعلم أنها في العشر الأواخر . وقوله " فوكف المسجد " أي قطر ، يقال : وكف البيت يكف وكفا ووكوفا : إذا قطر ، ووكف الدمع وكيفا ووكفانا : بمعنى قطر .
وقد يأخذ من الحديث بعض الناس : أن مباشرة الجهة بالمصلى في السجود غير واجب ، وهو من يقول : إنه لو سجد على كور العمامة - كالطاقة والطاقتين - صح ، ووجه الاستدلال : أنه إذا سجد في الماء والطين ففي السجود الأول : يعلق الطين بالجبهة ، فإذا سجد السجود الثاني : كان الطين الذي علق بالجبهة في السجود الأول حائلا في السجود الثاني عن مباشرة الجبهة بالأرض ، وفيه مع ذلك احتمال لأن يكون مسح ما علق بالجبهة أولا قبل السجود الثاني .
والذي جاء في الحديث من قوله " وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه " وقوله في آخر الحديث " فرأيت أثر الماء والطين على جبهته من صبح إحدى وعشرين " يتعلق بمسألة تكلموا فيها ، وهي أن ليلة اليوم : هل هي السابقة عليه ، كما هو المشهور ، أو الآتية بعده ، كما نقل عن بعض أهل الحديث الظاهرية ؟ .