" القين " الحداد . [ ص: 447 ] قوله عليه السلام " لا هجرة " نفي لوجوب الهجرة من مكة إلى المدينة . فإن " الهجرة " تجب من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام . وقد صارت مكة دار إسلام بالفتح . وإن لم يكن من هذه الجهة . فيكون حكما ورد لرفع وجوب هجرة أخرى بغير هذا السبب . ولا شك أنه تجب الهجرة اليوم من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لمن قدر على ذلك .
وفي ضمن الحديث : الإخبار بأن مكة تصير دار إسلام أبدا .
وقوله عليه السلام ، " وإذا استنفرتم فانفروا " أي إذا طلبتم للجهاد فأجيبوا ولا شك أنه تتعين الإجابة والمبادرة إلى الجهاد في بعض الصور ، فأما إذا عين الإمام بعض الناس لفرض الكفاية ، فهل يتعين عليه ؟ اختلفوا فيه . ولعله يؤخذ من لفظ الحديث الوجوب في حق من عين للجهاد . ويؤخذ غيره بالقياس .
والثاني : أن هذا الحكم ثابت لا ينسخ . وقد تقدم ما في تحريم القتال أو إباحته .
وقوله " لا يعضد شوكه " دليل على أن قطع الشوك ممتنع كغيره . وذهب إليه بعض مصنفي الشافعية . والحديث معه . وأباحه غيره ، من حيث إن الشوك مؤذ . [ ص: 448 ] وقوله " ولا ينفر صيده " أي يزعج من مكانه . وفيه دليل على طريق فحوى الخطاب : أن قتله محرم فإنه إذا حرم تنفيره ، بأن يزعج من مكانه ، فقتله أولى .
وقوله " ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها " اللقطة - بإسكان القاف ، وقد يقال بفتحها - الشيء الملتقط . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أن لقطة الحرم لا تؤخذ للتملك . وإنما تؤخذ لتعرف لا غير . وذهب مالك إلى أنها كغيرها في التعريف والتملك . ويستدل nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي بهذا الحديث .
و " الخلى " بفتح الخاء والقصر : الحشيش إذا كان رطبا ، واختلاؤه : قطعه وقد تقدم . و " الإذخر " نبت معروف طيب الرائحة . وقوله " فإنه لقينهم " القين : الحداد ; لأنه يحتاج إليه في عمل النار ، و " بيوتهم " تحتاج إليه في التسقيف .
وقوله عليه السلام " إلا الإذخر " على الفور تتعلق به من يروي اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم أو تفويض الحكم إليه من أهل الأصول . وقيل : يجوز أن يكون يوحى إليه في زمن يسير . فإن الوحي إلقاء في خفية . وقد تظهر أماراته وقد لا تظهر .