وفيه دليل على استحباب الرمل . والأكثرون على استحبابه مطلقا في طواف القدوم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده . وإن كانت العلة التي ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قد زالت . فيكون استحبابه في ذلك الوقت لتلك العلة ، وفيما بعد ذلك تأسيا واقتداء بما فعل في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم . وفي ذلك من الحكمة : تذكر الوقائع الماضية للسلف الكرام ، وفي طي تذكرها : مصالح دينية . إذ يتبين في أثناء كثير منها ما كانوا عليه من امتثال أمر الله تعالى ، والمبادرة إليه ، وبذل الأنفس في ذلك . وبهذه النكتة يظهر لك أن كثيرا من الأعمال التي وقعت في الحج ، ويقال فيها " إنها تعبد " ليست كما قيل . ألا ترى أنا إذا فعلناها وتذكرنا أسبابها : حصل لنا من ذلك تعظيم الأولين ، وما كانوا عليه من احتمال المشاق في امتثال أمر الله ، فكان هذا التذكر باعثا لنا على مثل ذلك ، ومقررا في أنفسنا تعظيم الأولين . وذلك معنى معقول . مثاله : السعي بين الصفا والمروة . إذا فعلناه وتذكرنا أن سببه : قصة هاجر مع ابنها ، وترك الخليل لهما في ذلك المكان الموحش منفردين منقطعي أسباب الحياة بالكلية ، مع ما أظهره الله تعالى لهما من الكرامة ، والآية في إخراج الماء لهما - كان في ذلك مصالح عظيمة . أي في التذكر لتلك الحال . وكذلك " رمي الجمار " إذا فعلناه ، وتذكرنا أن سببه : رمي إبليس بالجمار في هذه المواضع عند إرادة الخليل ذبح ولده : حصل من ذلك مصالح عظيمة النفع في الدين .
وفي الحديث : جواز تسمية الطوافات بالأشواط . لقوله " فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة " ونقل عن بعض المتقدمين وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنهما كرها هذه التسمية . والحديث على خلافه . وإنما ذكر في هذا الحديث " أنهم لم يرملوا بين الركنين اليمانيين " لأن المشركين لم يكونوا يرون المسلمين إذا كانوا في هذا المكان .