تكلموا في كون أبي قتادة لم يكن محرما ، مع كونهم خرجوا للحج ، ومروا بالميقات . ومن كان كذلك وجب عليه الإحرام من الميقات .
وأجيب بوجوه : منها : ما دل عليه أول هذا الحديث ، من أنه أرسل إلى جهة أخرى لكشفها . وكان الالتقاء بعد مضي مكان الميقات . ومنها : أنه قبل توقيت المواقيت . و " الأتان " الأنثى من الحمر . وقولهم " نأكل من لحم صيد ونحن محرمون " ورجوعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك : دليل على أمرين : أحدهما : جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنهم أكلوه باجتهاد والثاني : وجوب الرجوع إلى النصوص عند تعارض الأشباه والاحتمالات .
وقوله عليه السلام " فكلوا ما بقي من لحمها " دليل على جواز أكل المحرم لحم الصيد ، إذا لم يكن منه دلالة ولا إشارة . وقد اختلف الناس في أكل المحرم لحم الصيد على مذاهب :
أحدها : أنه ممنوع مطلقا ، صيد لأجله أو لا . وهذا مذكور عن بعض السلف ودليله : حديث الصعب ، على ما سنذكره .
والثاني : أنه ممنوع إن صاده أو صيد لأجله ، سواء كان بإذنه أو بغير إذنه ، وهو مذهب مالك [ ص: 485 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
والثالث : أنه إن كان باصطياده ، أو بإذنه ، أو بدلالته حرم ، وإن كان على غير ذلك : لم يحرم .
وحديث أبي قتادة - هذا - يدل على جواز أكله في الجملة . وهو على خلاف مذهب الأول . ويدل ظاهره : على أنه إذا لم يشر المحرم إليه ، ولا دل عليه : يجوز أكله . فإنه ذكر الموانع المانعة من أكله . والظاهر : أنه لو كان غيرها مانعا لذكر . وإنما احتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على تحريم ما صيد لأجله مطلقا ، وإن لم يكن بدلالته وإذنه : بأمور أخرى . منها : حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=32288لحم الصيد لكم حلال ، ما لم تصيدوه ، أو يصد لكم } .
والذي في الرواية الأخرى : من قوله عليه السلام " هل معكم منه شيء ؟ " فيه أمران :