أخذ من تحريم بيع الخمر والميتة : نجاستهما ; لأن الانتفاع بهما لم يعدم . فإنه قد ينتفع بالخمر في أمور ، وينتفع بالميتة في إطعام الجوارح . وأما بيع الأصنام : فلعدم الانتفاع بها على صورتها ، وعدم الانتفاع يمنع صحة البيع . وقد يكون منع بيعها مبالغة في التنفير عنها . [ ص: 516 ] وأما قولهم : أرأيت شحوم الميتة . .. إلخ فقد استدل به على منع الاستصباح بها ، وإطلاء السفن بقوله عليه السلام لما سئل عن ذلك ؟ قال : " لا . هو حرام " وفي هذا الاستدلال احتمال ; لأن لفظ الحديث ليس فيه تصريح . فإنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر تحريم بيع الميتة قالوا له أرأيت شحوم الميتة . فإنه تطلى بها السفن . .. إلخ قصدا منهم ; لأن هذه المنافع تقتضي جواز البيع . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " : لا . هو حرام " ويعود الضمير في قوله " هو " على البيع . كأنه أعاد تحريم البيع بعدما بين له أن فيه منفعة ، إهدارا لتلك المصالح والمنافع التي ذكرت . وقوله عليه السلام قاتل الله اليهود . .. إلخ تنبيه على تعليل تحريم بيع هذه الأشياء . فإن العلة تحريمها . فإنه وجه اللوم على اليهود في تحريم أكل الثمن بتحريم أكل الشحوم . استدل المالكية بهذا على تحريم الذرائع ، من حيث إن اليهود توجه عليهم اللوم بتحريم أكل الثمن ، من جهة تحريم أكل الأصل . وأكل الثمن ليس هو أكل الأصل بعينه . لكنه لما كان تسببا إلى أكل الأصل بطريق المعنى استحقوا اللوم به . .