وفي لفظ { فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه } هذا " الحمل " تمليك لمن أعطي الفرس ، ويكون معنى كونه " في سبيل الله " أن الرجل كان غازيا . فآل الأمر بتمليكه : إلى أنه في سبيل الله ، فسمي بذلك باعتبار المقصود . فإن المقصود بتمليكه : أن يستعمله فيما عادته أن يستعمله فيه . وإنما اخترنا ذلك ; لأن الذي حمل عليه أراد بيعه . ولم ينكر ذلك . ولو كان الحمل عليه : حمل تحبيس ، لم يبع ، إلا أن يحمل على أنه انتهى إلى حالة لا ينتفع به فيما حبس عليه . لكن ذلك ليس في اللفظ ما يشعر به ، ولو ثبت أنه حمل تحبيس لكان في ذلك متعلق لمسألة وقف الحيوان ، ومما يدل على أنه حمل تمليك : قوله عليه الصلاة والسلام " ولا تعد في صدقتك " وقوله " فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " . وفي الحديث دليل : على منع شراء الصدقة للمتصدق ، أو كراهته . وعلل ذلك بأن المتصدق عليه ربما سامح المتصدق في الثمن ، بسبب تقدم إحسانه إليه بالصدقة عليه ، فيكون راجعا في ذلك المقدار الذي سومح به . وفي الحديث دليل على المنع من الرجوع في الصدقة والهبة ، لتشبيهه برجوع الكلب في قيئه . وذلك يدل على غاية التنفير . والحنفية اعتذروا عن هذا بأن رجوع الكلب في قيئه لا يوصف بالحرمة ; لأنه غير مكلف . فالتشبيه وقع بأمر مكروه في الطبيعة ، لتثبت به الكراهة في الشريعة . وقد وقع التشديد في التشبيه من وجهين :
أحدهما : تشبيه الراجع بالكلب .
والثاني : تشبيه المرجوع فيه بالقيء .
وأجاز أبو حنيفة رجوع الأجنبي في الهبة . [ ص: 538 ] ومنع من رجوع الوالد في الهبة لولده ، عكس مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . والحديث : يدل على منع رجوع الواهب مطلقا . وإنما يخرج الوالد في الهبة لولده بدليل خاص .