الذي اختاره أكثر الأصوليين : أن قول الراوي " من السنة كذا " في حكم المرفوع ; لأن الظاهر : أنه ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان يحتمل أن يكون ذلك قاله بناء على اجتهاد رآه ولكن الأظهر خلافه .
وقول أبي قلابة " لو شئت لقلت : إن أنسا رفعه إلخ " يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون ظن ذلك مرفوعا لفظا من أنس ، فتحرز عن ذلك تورعا .
والثاني : أن يكون رأى أن قول أنس " من السنة " في حكم المرفوع ، فلو شاء لعبر عنه بأنه مرفوع ، على حسب ما اعتقده : من أنه في حكم المرفوع ، والأول : أقرب ; لأن قوله " من السنة " يقتضي أن يكون مرفوعا بطريق اجتهادي محتمل . وقوله " إنه رفعه " نص في رفعه ، وليس للراوي أن ينقل ما هو ظاهر محتمل إلى ما هو نص غير محتمل .
والحديث يقتضي : أن هذا الحق للبكر أو الثيب : إنما هو فيه إذا كانتا متجددتين على نكاح امرأة قبلهما ، ولا يقتضي أنه ثابت لكل متجددة ، وإن لم يكن قبلها غيرها وقد استمر عمل الناس على هذا ، وإن لم يكن قبلها امرأة في النكاح ، والحديث لا يقتضيه .
وتكلموا في علة هذا ، فقيل : إنه حق للمرأة على الزوج ، لأجل إيناسها وإزالة الحشمة عنها لتجددها ، أو يقال : إنه حق للزوج على المرأة .
وأفرط بعض الفقهاء من المالكية فجعل مقامه عندها عذرا في إسقاط الجمعة [ ص: 564 ] إذا جاءت في أثناء المدة . وهذا ساقط ، مناف للقواعد ، فإن مثل هذا من الآداب أو السنن ، لا يترك له الواجب ولما شعر بهذا بعض المتأخرين ، وأنه لا يصلح أن يكون عذرا : توهم أن قائله يرى الجمعة فرض كفاية ، وهو فاسد جدا ; لأن قول هذا القائل متردد ، محتمل أن يكون جعله عذرا ، أو أخطأ في ذلك وتخطئته في هذا أولى من تخطئته فيما دلت عليه النصوص وعمل الأمة ، من وجوب الجمعة على الأعيان .