فيه مسائل ، سوى ما تقدم في باب الحج . الأولى : قوله عليه السلام " إن الله حبس عن مكة الفيل " هذه الرواية الصحيحة في الحديث . و " الفيل " بالفاء والياء آخر الحروف ، وشذ بعض الرواة فقال " الفيل ، أو القتل " والصحيح : الأول . وحبسه : حبس أهله الذين جاءوا للقتال في الحرم .
الثانية : قوله عليه السلام " وسلط عليها رسوله والمؤمنين " يستدل به من رأى أن فتح مكة كان عنوة . فإن التسليط الذي وقع للرسول : مقابل للحبس الذي وقع للفيل وهو الحبس عن القتال وقد مر ما يتعلق بالقتال بمكة .
الثالثة : التحريم المشار إليه يجمعه إثبات حرمات ، تتضمن تعظيم المكان . منها : تحريم القتل ، وتحريم القتل : هو ما ذكر في الحديث .
الرابعة : اختلف الفقهاء في موجب القتل العمد على قولين : أحدهما : أن [ ص: 612 ] الموجب هو القصاص عينا . والثاني : أن الموجب أحد الأمرين : إما القصاص أو الدية ، والقولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي
. ومن فوائد هذا الخلاف : أن من قال : الموجب هو القصاص قال : ليس للولي حق أخذ الدية بغير رضى القاتل . وقيل على هذا القول : للولي حق إسقاط القصاص ، وأخذ الدية بغير رضى القاتل ، وثمرة هذا القول على هذا تظهر في عفو الولي ، وموت القاتل ، فعلى قول التخيير : يأخذ المال في الموت لا في العفو ، وعلى قول التعيين يأخذ المال بالعفو عن الدية ، لا في الموت . ويستدل بهذا الحديث على أن الواجب أحد الأمرين وهو ظاهر الدلالة . ومن يخالف قال في معناه وتأويله : إن شاء أخذ الدية برضى القاتل ، إلا أنه لم يذكر الرضى ، لثبوته عادة وقيل : إنه كقوله عليه السلام فيما ذكر " خذ سلمك ، أو رأس مالك " يعني : رأس مالك برضى المسلم إليه ، لثبوته عادة ; لأن السلم بأبخس الأثمان . فالظاهر : أنه يرضى بأخذ رأس المال ، وهذا الحديث المستشهد به : يحتاج إلى إثباته .
الخامسة : كان قد وقع اختلاف في الصدر الأول في كتابة غير القرآن وورد فيه نهي ثم استقر الأمر بين الناس على الكتابة ، لتقييد العلم بها ، وهذا الحديث يدل على ذلك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في الكتابة لأبي شاه والذي أراد أبو شاه كتابته : هو خطبة النبي صلى الله عليه وسلم .