أخذ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره بظاهر الحديث وأباه المالكية ، وقالوا : لا يقصد عينه ولا غيرها . وقيل : يجب القود إن فعل ، ومما قيل في تعليل المنع : أن المعصية لا تدفع بالمعصية وهذا ضعيف جدا ; لأنه يمنع كونه معصية في هذه الحالة ويلحق ذلك بدفع الصائل ، وإن أريد بكونها معصية النظر إلى ذاتها ، مع قطع النظر عن هذا السبب فهو صحيح ، لكنه لا يفيد . وتصرف الفقهاء في هذا الحكم بأنواع من التصرفات . [ ص: 628 ] منها : أن يفرق بين أن يكون هذا الناظر واقفا في الشارع ، أو في خالص ملك المنظور إليه ، أو في سكة منسدة الأسفل . اختلفوا فيه والأشهر : أن لا فرق ، ولا يجوز مد العين إلى حرم الناس بحال ، وفي وجه للشافعية : أنه لا يقصد إلا عين من وقف في ملك المنظور إليه . ومنها : أنه هل يجوز رمي الناظر قبل النهي والإنذار ؟ فيه وجهان للشافعية :
أحدهما : لا على قياس الدفع في البداءة بالأهون فالأهون .
والثاني : نعم . وإطلاق الحديث مشعر بهذين الأمرين معا ، أعني أنه لا فرق بين موقف هذا الناظر ، وأنه لا يحتاج إلى الإنذار وورد في هذا الحكم الثاني ما هو أقوى من هذا الإطلاق ، وهو { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختل الناظر بالمدرى } . ومنها : أنه لو تسمع إنسان ، فهل يلحق السمع بالنظر ؟ اختلفوا فيه وفي الحديث إشعار أنه إنما يقصد العين بشيء خفيف ، كمدى ، وبندقة ، وحصاة لقوله " فخذفته " قال الفقهاء : أما إذا زرقه بالنشاب ، أو رماه بحجر يقتله فقتله فهذا قتل يتعلق بالقصاص أو الدية . ومما تصرف فيه الفقهاء في أن هذا الناظر إذا كان له محرم في الدار ، أو زوجة ، أو متاع لم يجز قصد عينه ; لأن له في النظر شبهة وقيل : لا يكفي أن يكون له في الدار محرم ، إنما يمنع قصد عينه إذا لم يكن فيها إلا محارمه . ومنها : أنه إذا لم يكن في الدار إلا صاحبها فله الرمي ، إن كان مكشوف العورة ولا ضمان وإلا فوجهان أظهرهما : أنه لا يجوز رميه ومنها : أن الحرم إذا كانت في الدار مستترات ، أو في بيت ففي وجه لا يجوز قصد عينه ; لأنه لا يطلع على شيء ، قال بعض الفقهاء : الأظهر الجواز ، لإطلاق الأخبار ، ولأنه لا تنضبط أوقات الستر والتكشف ، فالاحتياط حسم الباب . ومنها : أن ذلك إنما يكون إذا لم يقصر صاحب الدار ، فإن كان بابه مفتوحا أو ثم كوة واسعة ، أو ثلمة مفتوحة ، فنظر : فإن كان مجتازا لم يجز قصده وإن وقف وتعمد ، فقيل : لا يجوز قصده ، لتفريط صاحب الدار بفتح الباب ، وتوسيع الكوة ، وقيل : يجوز ، لتعديه بالنظر . وأجري هذا الخلاف فيما إذا نظر من سطح نفسه ، أو نظر المؤذن من المئذنة لكن الأظهر عندهم ههنا جواز [ ص: 629 ] الرمي ; لأنه لا تقصير من صاحب الدار . واعلم أن ما كان من هذه التصرفات الفقهية داخلا تحت إطلاق الأخبار فإنه قد يؤخذ منها ، وما لا فبعضه مأخوذ من فهم المعنى المقصود بالحديث ، وبعضه مأخوذ بالقياس وهو قليل فيما ذكرناه .