قد أطلق في هذا الحديث على هذه المرأة لفظ " السرقة " ولا إشكال فيه وإنما الإشكال في الرواية الثانية وهو إطلاق جحد العارية على المرأة ، وليس في لفظ هذا الحديث ما يدل على أن المعبر عنه امرأة واحدة ولكن في عبارة المصنف ما يشعر بذلك فإنه جعل الذي ذكره ثانيا رواية وهو يقتضي من حيث الإشعار العادي أنهما حديث واحد ، اختلف فيه : هل كانت هذه المرأة المذكورة سارقة ، أو جاحدة ؟ وعن أحمد : أنه أوجب القطع في صورة جحود العارية ، عملا بتلك الرواية ، فإذا أخذ بطريق صناعي - أعني في صنعة الحديث - ضعفت الدلالة على [ ص: 632 ] مسألة الجحود قليلا فإنه يكون اختلافا في واقعة واحدة فلا يثبت الحكم المرتب على الجحود ، حتى يتبين ترجيح رواية من روى في هذا الحديث " أنها كانت جاحدة " على رواية من روى " أنها كانت سارقة " .
وأظهر بعض الشافعية النكير والتعجب ممن أول حديث عائشة في القطع في ربع دينار - الذي روي فعلا - بأن اعتمد على رواية من رواه قولا فإن كان مخرج الحديث مختلفا ، فالأمر كما قال فإن أحد الحديثين حينئذ يدل على القطع فعلا في هذا المقدار .
والثاني : يدل عليه قولا ولا يتأتى فيه تأويل احتمال الغلط في التقويم ، وإن كان مخرج الحديث واحدا ، ففيه من الكلام ما أشرنا إليه الآن ، إلا أنه ههنا قوي ; لأنه لا يجوز للراوي ، إذا كان سمعه لرواية الفعل أن يغيره إلى رواية القول ، فيظهر من هذا أنهما حديثان مختلفا اللفظ ، وإن كان مخرجهما واحدا .