في هذا الحديث : تقديم ما يقتضي الحنث في اللفظ على الكفارة إن كان معنى قوله عليه السلام " وتحللتها " التكفير عنها ، ويحتمل أن يكون معناه إتيان ما يقتضي الحنث فإن التحلل نقيض العقد ، والعقد : هو ما دلت عليه اليمين من موافقة مقتضاها ، فيكون التحلل الإتيان بخلاف مقتضاها ، فإن قلت : فيكفي عن هذا قوله " أتيت الذي هو خير " فإنه بإتيانه إياه تحصل مخالفة اليمين والتحلل منها فلا يفيد قوله عليه السلام حينئذ " وتحللت " فائدة زائدة على ما في قوله " أتيت الذي هو خير " - قلت : فيه فائدة التصريح والتنصيص على كون ما فعله محللا . والإتيان به بلفظه يناسب الجواز والحل صريحا ، فإذا صرح بذلك كان أبلغ مما إذا أتى به على سبيل الاستلزام .
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الحكم المذكور باليمين بالله تعالى وهو يقتضي المبالغة في ترجيح الحنث على الوفاء عند هذه الحالة ، وهذا " الخير " الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أمر يرجع إلى مصالح الحنث المتعلقة بالمفعول المحلوف على تركه مثلا . وهذا الحديث له سبب مذكور في غير هذا الموضع ، وهو " أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يحملهم ، ثم حملهم " .