" الأعرابي " منسوب إلى الأعراب ، وهم سكان البوادي ، ووقعت النسبة إلى الجمع دون الواحد فقيل ; لأنه جرى مجرى القبيلة ، كأنمار ; أو لأنه لو نسب إلى الواحد ، وهو " عرب " لقيل : عربي ، فيشتبه المعنى ، فإن " العربي " كل من هو من ولد إسماعيل عليه السلام ، سواء كان ساكنا بالبادية أو بالقرى وهذا غير [ ص: 124 ] المعنى الأول ، وزجر الناس له من باب المبادرة إلى إنكار المنكر عند من يعتقده منكرا ، وفيه تنزيه المسجد عن الأنجاس كلها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن زجره ; لأنه إذا قطع عليه البول أدى إلى ضرر بنيته ، والمفسدة التي حصلت ببوله قد وقعت ، فلا تضم إليها مفسدة أخرى ، وهي ضرر بنيته ، وأيضا ، فإنه إذا زجر - مع جهله الذي ظهر منه - قد يؤدي إلى تنجيس مكان آخر من المسجد بترشيش البول ، بخلاف ما إذا ترك حتى يفرغ من البول ، فإن الرشاش لا ينتشر وفي هذا الإبانة عن جميل أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ولطفه ورفقه بالجاهل .
، " والذنوب " بفتح المعجمة ههنا : هي الدلو الكبيرة ، إذا كانت ملأى ، أو قريبا من ذلك ، ولا تسمى ذنوبا إلا إذا كان فيها ماء ، والذنوب أيضا : النصيب ، قال الله تعالى : { فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم } ولعلقمة فحق لشاس من نداك نصيب ، وفي الحديث : دليل على تطهير الأرض النجسة بالمكاثرة بالماء ، وقد قال الفقهاء : يصب على البول من الماء ما يغمره ، ولا يتحدد بشيء ، وقيل : يستحب أن يكون سبعة أمثال البول .
، واستدل بالحديث أيضا على أنه يكتفى بإفاضة الماء ، ولا يشترط نقل التراب من المكان بعد ذلك ، خلافا لمن قال به ، ووجه الاستدلال بذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه في هذا الحديث الأمر بنقل التراب ، وظاهر ذلك : الاكتفاء بصب الماء ، فإنه لو وجب لأمر به ، ولو أمر به لذكر ، وقد وردت في حديث آخر ذكر الأمر بنقل التراب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة [ ص: 125 ] ولكنه تكلم فيه ، وأيضا فلو كان نقل التراب واجبا في التطهير لاكتفى به ، فإن الأمر بصب الماء حينئذ يكون زيادة تكليف وتعب ، من غير منفعة تعود إلى المقصود ، وهو تطهير الأرض .