هذا الحديث خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15802خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، زاد أحمد في رواية له ، وأبو داود : وحجر بن حجر الكلاعي ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=143العرباض بن سارية ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وقال الحافظ أبو نعيم : هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين ، قال : ولم يتركه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم من جهة إنكار منهما له ، وزعم الحاكم أن سبب تركهما له أنهما توهما أنه ليس له [ ص: 110 ] راو عن nindex.php?page=showalam&ids=15802خالد بن معدان غير nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، وقد رواه عنه أيضا بحير بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=16900ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهما .
قلت : ليس الأمر كما ظنه ، وليس الحديث على شرطهما ، فإنهما لم يخرجا لعبد الرحمن بن عمرو السلمي ، ولا لحجر الكلاعي شيئا ، وليسا ممن اشتهر بالعلم والرواية .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13185عبد الله بن العلاء بن زبر ، حدثني يحيى بن أبي المطاع ، سمعت العرباض فذكره ، وهذا في الظاهر إسناد جيد متصل ، ورواته ثقات مشهورون ، وقد صرح فيه بالسماع ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " تاريخه " أن يحيى بن أبي المطاع سمع من العرباض اعتمادا على هذه الرواية ، إلا أن حفاظ أهل الشام أنكروا ذلك ، وقالوا : يحيى بن أبي المطاع لم يسمع من العرباض ، ولم يلقه ، وهذه الرواية غلط ، وممن ذكر ذلك أبو زرعة [ ص: 111 ] الدمشقي ، وحكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=15863دحيم ، وهؤلاء أعرف بشيوخهم من غيرهم ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري رحمه الله يقع له في تاريخه أوهام في أخبار أهل الشام ، وقد روي عن العرباض من وجوه أخر ، وروي من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن إسناد حديث بريدة لا يثبت ، والله أعلم .
والبلاغة في الموعظة مستحسنة ، لأنها أقرب إلى قبول القلوب واستجلابها ، والبلاغة : هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة ، وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها ، وأفصحها وأحلاها للأسماع ، وأوقعها في القلوب . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر خطبتها ، ولا يطيلها ، بل كان يبلغ ويوجز .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث جابر ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الوحي ، أو وعظ ، قلت : نذير قوم أتاهم العذاب ، فإذا ذهب عنه ذلك ، رأيته أطلق الناس وجها ، وأكثرهم ضحكا ، وأحسنهم بشرا ، صلى الله عليه وسلم .
وقولهم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951034يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع ، فأوصنا " يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها ، فلذلك فهموا أنها موعظة مودع ، فإن المودع يستقصي ما لم يستقص غيره في القول والفعل ، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي صلاة مودع ، لأنه من استشعر أنه مودع بصلاته ، أتقنها على أكمل وجوهها . ولربما كان قد وقع منه صلى الله عليه وسلم تعريض في تلك الخطبة بالتوديع ، كما عرض بذلك في خطبته في حجة الوداع ، وقال : لا أدري ، لعلي لا ألقاكم [ ص: 115 ] بعد عامي هذا وطفق يودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع ، ولما رجع من حجه إلى المدينة ، جمع الناس بماء بين مكة والمدينة يسمى خما ، وخطبهم ، وقال : يا أيها الناس ، إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ثم حض على التمسك بكتاب الله ، ووصى بأهل بيته ، خرجه مسلم .
فلعل الخطبة التي أشار إليها nindex.php?page=showalam&ids=143العرباض بن سارية في حديثه كانت بعض هذه الخطب ، أو شبيها بها مما يشعر بالتوديع .
وقولهم : " فأوصنا " يعنون وصية جامعة كافية ، فإنهم لما فهموا أنه مودع ، استوصوه وصية ينفعهم بها التمسك بعده ، ويكون فيها كفاية لمن تمسك بها ، وسعادة له في الدنيا والآخرة .
وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ، ففيها سعادة الدنيا ، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم ، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر ، إن كان فاجرا عبد المؤمن فيه ربه ، وحمل الفاجر فيها إلى أجله .
وقال الحسن في الأمراء : هم يلون من أمورنا خمسا : الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود ، والله ما يستقيم الدين إلا بهم ، وإن جاروا وظلموا ، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون ، مع أن - والله - إن طاعتهم لغيظ ، وإن فرقتهم لكفر .
وخرج الخلال في " كتاب الإمارة " من حديث أبي أمامة قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين صلوا العشاء أن احشدوا ، فإن لي إليكم حاجة فلما فرغ من صلاة الصبح ، قال : هل حشدتم كما أمرتكم ؟ قالوا : نعم ، قال : اعبدوا الله ، ولا تشركوا به شيئا ، هل عقلتم هذه ؟ ثلاثا ، قلنا : نعم ، قال : أقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، هل عقلتم هذه ؟ ثلاثا ، قلنا : نعم ، قال : اسمعوا وأطيعوا ثلاثا ، هل عقلتم هذه ؟ ثلاثا ، قلنا : نعم ، قال : فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتكلم كلاما طويلا ، ثم نظرنا في كلامه ، فإذا هو قد جمع لنا الأمر كله .
وقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=951050فمن يعش منكم بعدي ، فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ . هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه ، وفي الأقوال والأعمال والاعتقادات ، وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة ، وأنها كلها في النار إلا فرقة واحدة ، وهي من كان على ما هو عليه وأصحابه ، وكذلك في هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، والسنة : هي الطريقة المسلوكة ، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال ، وهذه هي السنة الكاملة ، ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله ، وروي معنى ذلك عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بن عياض .
وفي أمره صلى الله عليه وسلم باتباع سنته ، وسنة خلفائه الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عموما دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة ، كاتباع سنته ، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أحيانا يسأل عن شيء من الأشربة ، فيقول : نهى [ ص: 123 ] عنه إمام هدى : nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز .
وقال مالك : قال nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا ، الأخذ بها اعتصام بكتاب الله ، وقوة على دين الله ، وليس لأحد تبديلها ، ولا تغييرها ، ولا النظر في أمر خالفها ، من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن تركها واتبع غير سبيل المؤمنين ، ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم ، وساءت مصيرا . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=16448عبد الله بن عبد الحكم عن [ ص: 124 ] مالك أنه قال : أعجبني عزم عمر على ذلك ، يعني هذا الكلام . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي هذا الكلام عن مالك ، ولم يحكه عن عمر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15831خلف بن خليفة : شهدت nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز يخطب الناس وهو خليفة ، فقال في خطبته : ألا إن ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ، فهو وظيفة دين ، نأخذ به وننتهي إليه .
وروى أبو نعيم من حديث عرزب الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه سيحدث بعدي أشياء ، فأحبها إلي أن تلزموا ما أحدث عمر .
وكان علي يتبع أحكامه وقضاياه ، ويقول : إن عمر كان رشيد الأمر .
وروى أشعث عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، قال : إذا اختلف الناس في شيء ، فانظر كيف قضى فيه عمر ، فإنه لم يكن يقضي عمر في أمر لم يقض فيه قبله حتى يشاور .
وقال مجاهد : إذا اختلف الناس في شيء ، فانظروا ما صنع عمر ، فخذوا به . وقال أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : انظروا ما اجتمعت عليه أمة محمد ، فإن الله لم يكن ليجمعها على ضلالة ، فإذا اختلفت فانظروا ما صنع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فخذوا به .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه كان يحلف بالله : إن الصراط المستقيم هو الذي ثبت عليه عمر حتى دخل الجنة .
وبكل حال ، فما جمع عمر عليه الصحابة ، فاجتمعوا عليه في عصره ، فلا شك أنه الحق ، ولو خالف فيه بعد ذلك من خالف ، كقضائه في مسائل من الفرائض كالعول ، وفي زوج وأبوين وزوجة وأبوين أن للأم ثلث الباقي ، وكقضائه فيمن جامع في إحرامه أنه يمضي في نسكه وعليه القضاء والهدي ، ومثل ما قضى به في امرأة المفقود ، ووافقه غيره من الخلفاء أيضا ، ومثل ما جمع عليه الناس في الطلاق الثلاث ، وفي تحريم متعة النساء ، ومثل ما فعله من وضع الديوان ، ووضع الخراج على أرض العنوة ، وعقد الذمة لأهل الذمة بالشروط التي شرطها عليهم ونحو ذلك .
[ ص: 126 ] وهذا إشارة إلى أن عمر لم يمت حتى وضع الأمور مواضعها ، واستقامت الأمور ، وذلك لطول مدته ، وتفرغه للحوادث ، واهتمامه بها ، بخلاف مدة أبي بكر فإنها كانت قصيرة ، وكان مشغولا فيها بالفتوح ، وبعث البعوث للقتال ، فلم يتفرغ لكثير من الحوادث ، وربما كان يقع في زمنه ما لا يبلغه ، ولا يرفع إليه ، حتى رفعت تلك الحوادث إلى عمر ، فرد الناس فيها إلى الحق وحملهم على الصواب .
وأما ما لم يجمع عمر الناس عليه ، بل كان له فيه رأي ، وهو يسوغ لغيره أن يرى رأيا يخالف رأيه ، كمسائل الجد مع الإخوة ، ومسألة طلاق البتة ، فلا يكون قول عمر فيه حجة على غيره من الصحابة والله أعلم .
وإنما وصف الخلفاء بالراشدين ، لأنهم عرفوا الحق ، وقضوا به ، فالراشد ضد الغاوي ، والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه .
وفي رواية : " المهديين " يعني : أن الله يهديهم للحق ، ولا يضلهم عنه ، فالأقسام ثلاثة : راشد وغاو وضال ، فالراشد عرف الحق واتبعه ، والغاوي : عرفه ولم يتبعه ، والضال : لم يعرفه بالكلية ، فكل راشد فهو مهتد ، وكل مهتد هداية تامة فهو راشد ، لأن الهداية إنما تتم بمعرفة الحق والعمل به أيضا .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من رواية nindex.php?page=showalam&ids=7009غضيف بن الحارث الثمالي قال : بعث إلي nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، فقال : إنا قد جمعنا الناس على أمرين : رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة ، والقصص بعد الصبح والعصر ، فقال : أما إنهما أمثل بدعتكم عندي ، ولست بمجيبكم إلى شيء منها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951064ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة .
[ ص: 128 ] وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من قوله نحو هذا .
وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع ، فإنما ذلك في البدع اللغوية ، لا الشرعية ، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد ، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال : نعمت البدعة هذه . وروي عنه أنه قال : إن كانت هذه بدعة ، فنعمت البدعة . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، قال له : إن هذا لم يكن ، فقال عمر : قد علمت ، ولكنه حسن ، ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ، ولكن له أصول من الشريعة يرجع إليها ، فمنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على قيام رمضان ، ويرغب فيه ، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانا ، وهو صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة ، ثم امتنع من ذلك معللا بأنه خشي أن يكتب عليهم ، فيعجزوا عن القيام به ، وهذا قد أمن بعده صلى الله عليه وسلم ، وروي عنه أنه كان يقوم بأصحابه ليالي الأفراد في العشر الأواخر .
[ ص: 129 ] ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة خلفائه الراشدين ، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين ، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي .
ومن ذلك : أذان الجمعة الأول ، زاده عثمان لحاجة الناس إليه ، وأقره علي ، واستمر عمل المسلمين عليه ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال : هو بدعة ، ولعله أراد ما أراد أبوه في قيام رمضان .
ومن ذلك جمع المصحف في كتاب واحد ، توقف فيه nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت وقال لأبي بكر وعمر : كيف تفعلان ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ثم علم أنه مصلحة ، فوافق على جمعه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة الوحي ، ولا فرق بين أن يكتب مفرقا أو مجموعا ، بل جمعه صار أصلح .
وكذلك جمع عثمان الأمة على مصحف واحد وإعدامه لما خالفه خشية تفرق الأمة ، وقد استحسنه علي وأكثر الصحابة ، وكان ذلك عين المصلحة .
وكذلك قتال من منع الزكاة توقف فيه عمر وغيره حتى بين له أبو بكر أصله الذي يرجع إليه من الشريعة ، فوافقه الناس على ذلك .
ومن ذلك القصص ، وقد سبق قول nindex.php?page=showalam&ids=7009غضيف بن الحارث : إنه بدعة ، وقال الحسن : القصص بدعة ، ونعمت البدعة ، كم من دعوة مستجابة ، وحاجة مقضية ، وأخ مستفاد . وإنما عنى هؤلاء بأنه بدعة الهيئة الاجتماعية عليه في وقت [ ص: 130 ] معين ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له وقت معين يقص على أصحابه فيه غير خطبته الراتبة في الجمع والأعياد ، وإنما كان يذكرهم أحيانا ، أو عند حدوث أمر يحتاج إلى التذكير عنده ، ثم إن الصحابة اجتمعوا على تعيين وقت له كما سبق عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه كان يذكر أصحابه كل يوم خميس .
وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : حدث الناس في كل جمعة مرة ، فإن أبيت ، فمرتين ، فإن أكثرت فثلاثا ، ولا تمل الناس .
وفي " المسند " عن عائشة أنها وصت قاص أهل المدينة بمثل ذلك . وروي عنها أنها قالت nindex.php?page=showalam&ids=16531لعبيد بن عمير : حدث الناس يوما ، ودع الناس يوما ، لا تملهم . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه أمر القاص أن يقص كل ثلاثة أيام مرة . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه أمر القاص أن يقص كل ثلاثة أيام مرة . وروي عنه أنه قال : روح الناس ولا تثقل عليهم ، ودع القصص يوم السبت ويوم الثلاثاء . [ ص: 131 ] وقد روى الحافظ أبو نعيم بإسناد عن إبراهيم بن الجنيد ، [ حدثنا حرملة بن يحيى ] قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمة الله عليه يقول : البدعة بدعتان : بدعة محمودة ، وبدعة مذمومة ، فما وافق السنة فهو محمود ، وما خالف السنة فهو مذموم . واحتج بقول عمر : نعمت البدعة هي .
ومراد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ما ذكرناه من قبل : أن البدعة المذمومة ما ليس لها أصل من الشريعة يرجع إليه ، وهي البدعة في إطلاق الشرع ، وأما البدعة المحمودة فما وافق السنة ، يعني : ما كان لها أصل من السنة يرجع إليه ، وإنما هي بدعة لغة لا شرعا ، لموافقتها السنة .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كلام آخر يفسر هذا ، وأنه قال : والمحدثات ضربان : ما أحدث مما يخالف كتابا ، أو سنة ، أو أثرا ، أو إجماعا ، فهذه البدعة الضلال ، وما أحدث فيه من الخير ، لا خلاف فيه لواحد من هذا ، وهذه محدثة غير مذمومة .
وكثير من الأمور التي حدثت ولم يكن قد اختلف العلماء في أنها بدعة حسنة حتى ترجع إلى السنة أم لا ؟ فمنها كتابة الحديث ، نهى عنه عمر وطائفة من الصحابة ، ورخص فيها الأكثرون ، واستدلوا له بأحاديث من السنة .
وكذلك اختلافهم في كتابة الرأي في الحلال والحرام ونحوه ، وفي توسعة الكلام في المعاملات وأعمال القلوب التي لم تنقل عن الصحابة والتابعين . وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد يكره أكثر ذلك .
[ ص: 132 ] وفي هذه الأزمان التي بعد العهد فيها بعلوم السلف يتعين ضبط ما نقل عنهم من ذلك كله ، ليتميز به ما كان من العلم موجودا في زمانهم ، وما حدث من ذلك بعدهم ، فيعلم بذلك السنة من البدعة .
وقد صح عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : إنكم قد أصبحتم اليوم على الفطرة ، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم ، فإذا رأيتم محدثة ، فعليكم بالهدي الأول . nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود قال هذا في زمن الخلفاء الراشدين .
وروى ابن حميد عن مالك قال : لم يكن شيء من هذه الأهواء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان . وكأن مالكا يشير بالأهواء إلى ما حدث من التفرق في أصول الديانات من أمر الخوارج والروافض والمرجئة ونحوهم ممن تكلم في تكفير المسلمين ، واستباحة دمائهم وأموالهم ، أو في تخليدهم في النار ، أو في تفسيق خواص هذه الأمة ، أو عكس ذلك ، فزعم أن المعاصي لا تضر أهلها ، أو أنه لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد .
وأصعب من ذلك ما أحدث من الكلام في أفعال الله تعالى من قضائه وقدره ، فكذب بذلك من كذب ، وزعم أنه نزه الله بذلك عن الظلم .
وأصعب من ذلك ما أحدث من الكلام في ذات الله وصفاته ، مما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان ، فقوم نفوا كثيرا مما أورد في الكتاب والسنة من ذلك ، وزعموا أنهم فعلوه تنزيها لله عما تقتضي العقول تنزيهه عنه ، وزعموا أن لازم ذلك مستحيل على الله عز وجل ، وقوم لم يكتفوا بإثباته ، حتى أثبتوا بإثباته ما يظن أنه لازم له بالنسبة إلى المخلوقين ، وهذه اللوازم نفيا [ ص: 133 ] وإثباتا درج صدر الأمة على السكوت عنها .
ومما أحدث في الأمة بعد عصر الصحابة والتابعين الكلام في الحلال والحرام بمجرد الرأي ، ورد كثير مما وردت به السنة في ذلك لمخالفته للرأي والأقيسة العقلية .
ومما حدث بعد ذلك الكلام في الحقيقة بالذوق والكشف ، وزعم أن الحقيقة تنافي الشريعة ، وأن المعرفة وحدها تكفي مع المحبة ، وأنه لا حاجة إلى الأعمال ، وأنها حجاب ، أو أن الشريعة إنما يحتاج إليها العوام ، وربما انضم إلى ذلك الكلام في الذات والصفات بما يعلم قطعا مخالفته للكتاب والسنة ، وإجماع سلف الأمة ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .