هذا الحديث خرجاه في " الصحيحين " من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص . وخرجاه في " الصحيحين " أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951630آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان . وفي رواية لمسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=951631وصلى وزعم أنه مسلم وفي رواية له أيضا : nindex.php?page=hadith&LINKID=951632من علامات المنافق ثلاثة . وقد روي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أخر . وهذا الحديث قد حمله طائفة ممن يميل إلى الإرجاء على المنافقين الذين كانوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنهم حدثوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فكذبوه ، وائتمنهم على سره فخانوه ، ووعدوه أن يخرجوا معه في الغزو فأخلفوه ، وقد روى محمد المحرم هذا التأويل عن عطاء ، وأنه قال : حدثني به جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر أن الحسن [ ص: 481 ] رجع إلى قول عطاء هذا لما بلغه عنه ، وهذا كذب ، والمحرم هذا شيخ كذاب معروف بالكذب . وقد روي عن عطاء هذا من وجهين آخرين ضعيفين أنه أنكر على الحسن قوله : ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وقال : قد حدث إخوة يوسف فكذبوا ، ووعدوا فأخلفوا ، وائتمنوا فخانوا ولم يكونوا منافقين ، وهذا لا يصح عن عطاء ، والحسن لم يقل هذا من عنده وإنما بلغه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . فالحديث ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - لا شك في ثبوته وصحته ، والذي فسره به أهل العلم المعتبرون أن النفاق في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير وإبطان خلافه ، وهو في الشرع ينقسم إلى قسمين : أحدهما : النفاق الأكبر ، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه ، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم ، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار . والثاني : النفاق الأصغر ، وهو نفاق العمل ، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة ، ويبطن ما يخالف ذلك . وأصول هذا النفاق ترجع إلى الخصال المذكورة في هذه الأحاديث ، وهي خمسة : أحدها : أن يحدث بحديث لمن يصدقه به وهو كاذب له ، وفي " المسند " [ ص: 482 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951283كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق ، وأنت به كاذب . قال الحسن : كان يقال : النفاق اختلاف السر والعلانية ، والقول والعمل ، والمدخل والمخرج ، وكان يقال : أس النفاق الذي بني عليه الكذب . والثاني : إذا وعد أخلف ، وهو على نوعين : أحدهما : أن يعد ومن نيته أن لا يفي بوعده ، وهذا أشر الخلف ، ولو قال : أفعل كذا إن شاء الله تعالى ومن نيته أن لا يفعل ، كان كذبا وخلفا ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
الثاني : أن يعد ومن نيته أن يفي ، ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف . وخرج أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951633إذا [ ص: 483 ] وعد الرجل ونوى أن يفي به فلم يف ، فلا جناح عليه . وقال الترمذي : ليس إسناده بالقوي . وخرج الإسماعيلي وغيره من حديث سلمان أن عليا لقي أبا بكر وعمر ، فقال : ما لي أراكما ثقيلين ؟ قالا : حديث سمعناه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر خلال المنافق : إذا وعد أخلف ، وإذا حدث كذب ، وإذا ائتمن خان فأينا ينجو من هذه الخصال ؟ فدخل علي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر ذلك له ، فقال : قد حدثتهما ولم أضعه على الوضع الذي تضعونه ، ولكن المنافق إذا حدث وهو يحدث نفسه أن يكذب ، وإذا وعد وهو يحدث نفسه أن يخلف ، وإذا اؤتمن وهو يحدث نفسه أن يخون . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي في هذا الحديث من رواية سلمان nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم : الحديثان مضطربان وفي الإسنادين مجهولان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : الحديث غير ثبت والله أعلم . وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني والإسماعيلي من حديث علي مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=951635العدة دين ، ويل لمن وعد ثم أخلف قالها ثلاثا ، وفي إسناده جهالة ، ويروى من حديث ابن [ ص: 484 ] مسعود قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951637لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : العدة عطية وفي إسناده نظر ، وأوله صحيح عن ابن مسعود من قوله . وفي مراسيل الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العدة هبة . وفي " سنن أبي داود " عن مولى لعبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=4891عبد الله بن عامر بن ربيعة ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951638جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيتنا وأنا صبي ، فخرجت لألعب ، فقالت أمي : يا عبد الله تعال أعطك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أردت [ ص: 485 ] أن تعطيه ؟ قلت : أردت أن أعطيه تمرا ، فقال : إن لم تفعلي كتبت عليك كذبة . وفي إسناده من لا يعرف . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : من قال لصبي : تعال هاك تمرا ، ثم لا يعطيه شيئا فهي كذبة .
وقد اختلف العلماء في وجوب الوفاء بالوعد ، فمنهم من أوجبه مطلقا ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " أن ابن أشوع قضى بالوعد ، وهو قول طائفة من أهل [ ص: 486 ] الظاهر وغيرهم ، منهم من أوجب الوفاء به إذا اقتضى تغريما للموعود ، وهو المحكي عن مالك ، وكثير من الفقهاء لا يوجبونه مطلقا .
والثالث : إذا خاصم فجر ويعني بالفجور أن يخرج عن الحق عمدا حتى يصير الحق باطلا والباطل حقا ، وهذا مما يدعو إليه الكذب ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951639إياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار . وفي " الصحيحين " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951640إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951641إنكم لتختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي على نحو مما أسمع ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار . وقال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951642إن من البيان لسحرا . فإذا كان الرجل ذا قدرة عند الخصومة - سواء كانت خصومته في الدين أو في الدنيا - على أن ينتصر للباطل ، ويخيل للسامع أنه حق ، ويوهن الحق ، ويخرجه في صورة الباطل ، كان ذلك من أقبح المحرمات ، ومن أخبث خصال النفاق ، وفي " سنن أبي داود " عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951643من خاصم [ ص: 487 ] في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع . وفي رواية له أيضا : ومن أعان على خصومة بظلم ، فقد باء بغضب من الله .
الرابع : إذا عاهد غدر ، ولم يف بالعهد ، وقد أمر الله بالوفاء بالعهد ، فقال : وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا [ الإسراء : 34 ] ، وقال : وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا [ النحل : 91 ] ، وقال : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ آل عمران : 77 ] . وفي " الصحيحين " عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951645لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به وفي رواية : nindex.php?page=hadith&LINKID=951646إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة ، فيقال : ألا هذه غدرة فلان ، وخرجاه أيضا من حديث أنس بمعناه . وخرج مسلم من حديث أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951647لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة . والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره ، ولو كان المعاهد كافرا ، ولهذا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951648من قتل نفسا معاهدا بغير حقها [ ص: 488 ] لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وقد أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود المشركين إذا أقاموا على عهودهم ولم ينقضوا منها شيئا . وأما عهود المسلمين فيما بينهم ، فالوفاء بها أشد ، ونقضها أعظم إثما . ومن أعظمها : نقض عهد الإمام على من تابعه ، ورضي به ، وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951649ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، فذكر منهم : ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا ، فإن أعطاه ما يريد وفى له ، وإلا لم يف له . ويدخل في العهود التي يجب الوفاء بها ، ويحرم الغدر فيها : جميع عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاء بها ، وكذلك ما يجب الوفاء به لله عز وجل مما يعاهد العبد ربه عليه من نذر التبرر ونحوه .
الخامس : الخيانة في الأمانة ، فإذا اؤتمن الرجل أمانة ، فالواجب عليه أن يؤديها ، كما قال تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [ النساء : 58 ] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951650أد الأمانة إلى من ائتمنك ، وقال في خطبته في حجة [ ص: 489 ] الوداع : nindex.php?page=hadith&LINKID=951651من كانت عنده أمانة ، فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وقال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون [ الأنفال : 27 ] فالخيانة في الأمانة من خصال النفاق . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من قوله ، وروي مرفوعا : القتل في سبيل الله يكفر كل ذنب إلا الأمانة ، يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له : أد أمانتك ، فيقول : من أين يا رب وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقال : اذهبوا به إلى الهاوية ، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها ، فيجدها هناك كهيئتها ، فيحملها ، فيضعها على عنقه فيصعد بها في نار جهنم حتى إذا رأى أنه قد خرج منها ، زلت فهوت ، وهو في إثرها أبد الآبدين قال : والأمانة في الصلاة ، والأمانة في الصوم ، والأمانة في الحديث ، وأشد ذلك الودائع . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي أنه استنبط ما في هذا الحديث - أعني حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=951653آية المنافق ثلاث - من القرآن ، فقال : مصداق ذلك في كتاب الله تعالى : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله إلى قوله : [ ص: 490 ] والله يشهد إن المنافقين لكاذبون [ المنافقون : 1 ] ، وقال تعالى : ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله إلى قوله : فأعقبهم نقاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون [ التوبة : 74 - 77 ] ، وقال : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال الأحزاب إلى قوله : ليعذب الله المنافقين والمنافقات [ الأحزاب : 72 - 73 ] وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود نحو هذا الكلام ، ثم تلا قوله : فأعقبهم نفاقا في قلوبهم [ التوبة : 77 ] الآية . وحاصل الأمر أن النفاق الأصغر كله يرجع إلى اختلاف السريرة والعلانية ، قاله الحسن . وقال الحسن أيضا : من النفاق اختلاف القلب واللسان ، واختلاف السر والعلانية ، واختلاف الدخول والخروج . وقالت طائفة من السلف : خشوع النفاق أن ترى الجسد خاشعا ، والقلب ليس بخاشع ، وقد روي معنى ذلك عن عمر ، وروي عنه أنه قال على المنبر : إن أخوف ما أخاف عليكم المنافق العليم ، قالوا : كيف يكون المنافق عليما ؟ قال : يتكلم بالحكمة ، ويعمل بالجور ، أو قال : المنكر . وسئل حذيفة عن المنافق ، فقال : الذي يصف الإيمان ولا يعمل به . وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قيل له : إنا ندخل على [ ص: 491 ] سلطاننا ، فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم ، قال : كنا نعد هذا نفاقا . وفي " المسند " عن حذيفة ، قال : إنكم لتكلمون كلاما إن كنا لنعده على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النفاق ، وفي رواية قال : إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيصير بها منافقا ، وإني لأسمعها من أحدكم في اليوم في المجلس عشر مرار . قال nindex.php?page=showalam&ids=15564بلال بن سعد : المنافق يقول ما يعرف ، ويعمل ما ينكر . ومن هنا كان الصحابة يخافون النفاق على أنفسهم ، وكان عمر يسأل حذيفة عن نفسه . وسئل nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء العطاردي : هل أدركت من أدركت من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخشون النفاق ؟ فقال : نعم إني أدركت منهم بحمد الله صدرا حسنا ، نعم شديدا ، نعم شديدا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه . ويذكر عن الحسن قال : ما خافه إلا مؤمن ، ولا أمنه إلا منافق . انتهى . [ ص: 492 ] وروي عن الحسن أنه حلف : ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو من النفاق مشفق ، وما مضى منافق قط ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن . وكان يقول : من لم يخف النفاق ، فهو منافق . وسمع رجل nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء يتعوذ من النفاق في صلاته ، فلما سلم ، قال له : ما شأنك وشأن النفاق ؟ فقال : اللهم غفرا - ثلاثا - لا تأمن البلاء ، والله إن الرجل ليفتن في ساعة واحدة ، فينقلب عن دينه . والآثار عن السلف في هذا كثيرة جدا . قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : خلاف ما بيننا وبين المرجئة ثلاث ، فذكر منها قال : نحن نقول : نفاق وهم يقولون : لا نفاق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : قد خاف عمر النفاق على نفسه ، قيل له : إنهم يقولون : إن عمر لم يخف أن يكون يومئذ منافقا حتى سأل حذيفة ، ولكن خاف أن يبتلى بذلك قبل أن يموت ، قال : هذا قول أهل البدع ، يشير إلى أن عمر كان يخاف النفاق على نفسه في الحال ، والظاهر أنه أراد أن عمر كان يخاف على نفسه في الحال من النفاق الأصغر ، والنفاق الأصغر وسيلة إلى النفاق الأكبر ، كما [ ص: 493 ] أن المعاصي بريد الكفر ، وكما يخشى على من أصر على المعصية أن يسلب الإيمان عند الموت ، كذلك يخشى على من أصر على خصال النفاق أن يسلب الإيمان فيصير منافقا خالصا . وسئل الإمام أحمد : ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق ؟ فقال : ومن يأمن على نفسه النفاق ؟ وكان الحسن يسمي من ظهرت منه أوصاف النفاق العملي منافقا ، وروي نحوه عن حذيفة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : من كذب ، فهو منافق ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر المروزي هذا القول عن فرقة من أهل الحديث ، وقد سبق في أوائل الكتاب ذكر الاختلاف عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره في مرتكب الكبائر : هل يسمى كافرا كفرا لا ينقل عن الملة أم لا ؟ واسم الكفر أعظم من اسم النفاق ، ولعل هذا هو الذي أنكره عطاء على الحسن إن صح ذلك عنه . ومن أعظم خصال النفاق العملي : أن يعمل الإنسان عملا ، ويظهر أنه قصد به الخير ، وإنما عمله ليتوصل به إلى غرض له سيئ فيتم له ذلك ، ويتوصل بهذه الخديعة إلى غرضه ، ويفرح بمكره وخداعه وحمد الناس له على ما أظهره ، وتوصل به إلى غرضه السيئ الذي أبطنه ، وهذا قد حكاه الله في القرآن عن المنافقين واليهود ، فحكى عن المنافقين أنهم اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون [ التوبة : 107 ] ، وأنزل في اليهود : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم [ آل عمران : 188 ] وهذه الآية نزلت في اليهود ، سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه ، وأخبروه بغيره ، فخرجوا وقد أروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه ، واستحمدوا بذلك ، وفرحوا بما أوتوا [ ص: 494 ] من كتمانهم وما سئلوا عنه ، قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وحديثه مخرج في " الصحيحين " . وفيهما أيضا عن أبي سعيد أنها نزلت في رجال من المنافقين كانوا إذا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه ، وفرحوا بمقعدهم خلافه فإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951654من غشنا فليس منا ، والمكر والخديعة في النار . وقد وصف الله المنافقين بالمخادعة ، ولقد أحسن nindex.php?page=showalam&ids=11876أبو العتاهية في قوله :
ليس دنيا إلا بدين وليـس الد ين إلا مكارم الأخلاق إنما المكر والخديعة في النا ر هما من خصال أهل النفاق