هذا الحديث خرجاه في " الصحيحين " من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وفي رواية لمسلم : " التارك للإسلام " بدل قوله : " لدينه " وفي هذا المعنى أحاديث متعددة : فخرج مسلم من حديث عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك وغيرهم ، وقد ذكرنا حديث أنس فيما تقدم ، وفيه تفسير أن هذه الثلاث خصال هي حق الإسلام التي يستباح بها دم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والقتل بكل واحدة من هذه الخصال الثلاث متفق عليه بين المسلمين .
فأما زنا الثيب ، فأجمع المسلمون على أن حده الرجم حتى يموت ، وقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا والغامدية ، وكان في القرآن الذي نسخ لفظه : " والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة نكالا من الله ، والله عزيز حكيم " .
وقد استنبط nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الرجم من القرآن من قوله تعالى : ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير ( المائدة : 15 ) ، قال : فمن كفر بالرجم ، فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ، [ ص: 313 ] ثم تلا هذه الآية وقال : كان الرجم مما أخفوا . أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، والحاكم ، وقال : صحيح الإسناد .
وقد أخذ بظاهر هذا الحديث جماعة من العلماء ، وأوجبوا جلد الثيب مائة ، ثم رجمه كما فعل علي بشراحة الهمدانية ، وقال : جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . يشير إلى أن كتاب الله فيه جلد الزانيين من غير تفصيل بين ثيب وبكر ، وجاءت السنة برجم الثيب خاصة مع استنباطه من القرآن أيضا ، [ ص: 315 ] وهذا القول هو المشهور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله وإسحاق ، وهو قول الحسن وطائفة من السلف .
وقالت طائفة منهم : إن كان الثيبان شيخين رجما وجلدا ، وإن كانا شابين ، رجما بغير جلد ، لأن ذنب الشيخ أقبح ، لا سيما بالزنا ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، وروي عنه مرفوعا ، ولا يصح رفعه ، وهو رواية عن أحمد وإسحاق أيضا .
ويستثنى من عموم قوله : النفس بالنفس صور : منها أن يقتل الوالد ولده ، فالجمهور على أنه لا يقتل به ، وصح ذلك عن عمر . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة ، وقد تكلم في أسانيدها ، وقال [ ص: 316 ] مالك : إن تعمد قتله تعمدا لا يشك فيه ، مثل أن يذبحه ، فإنه يقتل به ، وإن حذفه بسيف أو عصا ، لم يقتل : وقال nindex.php?page=showalam&ids=16542البتي : يقتل بقتله بجميع وجوه العمد للعمومات .
ومنها : أن يقتل الحر عبدا ، فالأكثرون على أنه لا يقتل به ، وقد وردت في ذلك أحاديث في أسانيدها مقال وقيل : يقتل بعبد غيره دون عبده ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، وقيل يقتل بعبده وعبد غيره ، وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وقول طائفة من أهل الحديث ؛ لحديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=950423من قتل عبده قتلناه ، ومن جدعه جدعناه " وقد طعن فيه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره .
وقد أجمعوا على أنه لا قصاص بين العبيد والأحرار في الأطراف ، وهذا يدل على أن هذا الحديث مطرح لا يعمل به ، وهذا مما يستدل به على أن المراد بقوله تعالى : النفس بالنفس [ المائدة : 45 ] الأحرار ، لأنه ذكر بعده القصاص في الأطراف ، وهو يختص بالأحرار .
[ ص: 317 ] ومنها أن يقتل المسلم كافرا ، فإن كان حربيا ، لم يقتل به بغير خلاف ، لأن قتل الحربي مباح بلا ريب ، وإن كان ذميا أو معاهدا ، فالجمهور على أنه لا يقتل به أيضا ، وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950424لا يقتل مسلم بكافر .
وقال أبو حنيفة وجماعة من فقهاء الكوفيين : يقتل به ، وقد روى ربيعة عن أبي البيلماني ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل رجلا من أهل القبلة برجل من أهل الذمة ، وقال : " أنا أحق من وفى بذمته " وهذا مرسل ضعيف قد ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، وأبو عبيد ، nindex.php?page=showalam&ids=12352وإبراهيم الحربي ، والجوزجاني ، وابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وقال ابن البيلماني : ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث ، فكيف بما يرسله ؟ وقال الجوزجاني : إنما أخذه ربيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16920ابن المنكدر ، عن ابن البيلماني ، وابن أبي يحيى متروك الحديث ، وفي " مراسيل أبي داود " حديث آخر مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم خيبر مسلما بكافر قتله غيلة ، وقال : " أنا أولى وأحق من وفى بذمته " وهذا مذهب مالك وأهل المدينة أن القتل غيلة لا تشترط له المكافأة ، فيقتل فيه المسلم بالكافر ، وعلى هذا حملوا حديث ابن البيلماني أيضا على تقدير صحته .
وأما التارك لدينه المفارق للجماعة ، فالمراد به من ترك الإسلام ، وارتد عنه ، وفارق جماعة المسلمين ، كما جاء التصريح بذلك في حديث عثمان ، وإنما استثناه مع من يحل دمه من أهل الشهادتين باعتبار ما كان عليه قبل الردة وحكم الإسلام لازم له بعدها ، ولهذا يستتاب ، ويطلب منه العود إلى الإسلام ، وفي إلزامه بقضاء ما فاته في زمن الردة من العبادات اختلاف مشهور بين العلماء .
وأيضا فقد يترك دينه ، ويفارق الجماعة ، وهو مقر بالشهادتين ، ويدعي الإسلام ، كما إذا جحد شيئا من أركان الإسلام ، أو سب الله ورسوله ، أو كفر ببعض الملائكة أو النبيين أو الكتب المذكورة في القرآن مع العلم بذلك ، وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950426من بدل دينه فاقتلوه .
ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة عند أكثر العلماء ، ومنهم من قال : لا تقتل المرأة إذا ارتدت كما لا تقتل نساء أهل الحرب في الحرب ، وإنما تقتل رجالهم ، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه ، وجعلوا الكفر الطارئ كالأصلي ، والجمهور فرقوا بينهما ، وجعلوا الطارئ أغلظ لما سبقه من الإسلام ، ولهذا يقتل بالردة عنه من لا يقتل من أهل الحرب ، كالشيخ الفاني والزمن والأعمى ، ولا يقتلون في الحرب .
فإن قيل : بل استثناء هذا ممن يعصم دمه من أهل الشهادتين يدل على أنه يقتل ولو كان مقرا بالشهادتين ، كما يقتل الزاني المحصن ، وقاتل النفس ، وهذا يدل على أن المرتد لا تقبل توبته ، كما حكي عن الحسن ، أو أن يحمل ذلك على من ارتد ممن ولد على الإسلام ، فإنه لا تقبل توبته ، وإنما تقبل توبة من كان كافرا ، ثم أسلم ، ثم ارتد على قول طائفة من العلماء ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، وأحمد في رواية عنه ، وإسحاق ، قيل : إنما استثناه من المسلمين باعتبار ما كان عليه قبل مفارقة دينه كما سبق تقريره ، وليس هذا كالثيب الزاني ، وقاتل النفس ، لأن قتلهما وجب عقوبة لجريمتهما الماضية ، ولا يمكن تلافي ذلك .
وأما المرتد ، فإنما قتل لوصف قائم به في الحال ، وهو ترك دينه ومفارقة الجماعة ، فإذا عاد إلى دينه ، وإلى موافقة الجماعة ، فالوصف الذي أبيح به دمه قد انتفى ، فتزول إباحة دمه ، والله أعلم .
وهذا يدل على أن من وجد منه الحراب من المسلمين ، خير الإمام فيه مطلقا ، كما يقوله علماء أهل المدينة مالك وغيره ، والرواية الأولى قد تحمل على أن المراد بخروجه عن الإسلام خروجه عن أحكام الإسلام ، وقد تحمل على ظاهرها ، ويستدل بذلك من يقول : إن آية المحاربة تختص بالمرتدين ، فمن ارتد وحارب ، فعل به ما في الآية ، ومن حارب من غير ردة ، أقيمت عليه أحكام المسلمين من القصاص والقطع في السرقة ، وهذا رواية عن أحمد لكنها غير مشهورة عنه ، وكذا قال طائفة من السلف : إن آية المحاربة تختص بالمرتدين ، منهم أبو قلابة وغيره .
وبكل حال ، فحديث عائشة ألفاظه مختلفة ، وقد روي عنها مرفوعا ، وروي عنها موقوفا ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لفظه لا اختلاف فيه ، وهو ثابت متفق على صحته ، ولكن يقال على هذا : إنه قد ورد قتل المسلم بغير إحدى هذه الخصال الثلاث : فمنها في اللواط ، وقد جاء من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=950430اقتلوا الفاعل والمفعول به وأخذ به كثير من العلماء كمالك وأحمد ، وقالوا : إنه موجب للقتل بكل حال ، محصنا كان أو غير محصن ، وقد روي عن عثمان أنه قال : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربع ، فذكر الثلاثة المتقدمة ، وزاد : ورجل عمل عمل قوم لوط .
ومنها الساحر ، وفي " الترمذي " من حديث جندب مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=950432حد الساحر ضربة بالسيف " وذكر أن الصحيح وقفه على جندب ، وهو مذهب جماعة من العلماء ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ومالك وأحمد وإسحاق ، ولكن هؤلاء يقولون : إنه يكفر بسحره ، فيكون حكمه حكم المرتدين .
وسئل أحمد عن معنى هذا الحديث ، فقال : ما أدري ما هذا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه : إنما يريد من شهر سلاحه ثم وضعه في الناس حتى استعرض الناس ، فقد حل قتله ، وهو مذهب الحرورية يستعرضون الرجال [ ص: 324 ] والنساء والذرية . وقد روي عن عائشة ما يخالف تفسير إسحاق ، فخرج الحاكم من رواية علقمة بن أبي علقمة عن أمه أن غلاما شهر السيف على مولاه في إمرة nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص ، وتفلت به عليه ، فأمسكه الناس عنه ، فدخل المولى على عائشة ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=950438من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله ، فقد وجب دمه " فأخذه مولاه فقتله ، وقال : صحيح على شرط الشيخين .
فإذا أريد مال المرء أو دمه ، دافع عنه بالأسهل . هذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد ، وهل يجب أن ينوي أنه لا يريد قتله أم لا ؟ فيه روايتان عند nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
وذهب طائفة إلى أن من أراد ماله أو دمه ، أبيح له قتله ابتداء ، ودخل على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لص ، فقام إليه بالسيف صلتا ، فلولا أنهم حالوا بينه وبينه ، لقتله .
وسئل الحسن عن لص دخل بيت رجل ومعه حديدة ، قال : اقتله بأي قتلة قدرت عليه ، وهؤلاء أباحوا قتله وإن ولى هاربا من غير جناية ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني .
واعلم أن من هذه الأحاديث المذكورة ما لا يصح ولا يعرف به قائل معتبر ، كحديث " من ضرب أباه فاقتلوه " ، وحديث : " قتل السارق في المرة الخامسة " وباقي النصوص كلها يمكن ردها إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وذلك أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود تضمن أنه لا يستباح دم المسلم إلا بإحدى ثلاث [ ص: 326 ] خصال : إما أن يترك دينه ويفارق جماعة المسلمين ، وإما أن يزني وهو محصن ، وإما أن يقتل نفسا بغير حق .
فيؤخذ منه أن قتل المسلم لا يستباح إلا بأحد ثلاثة أنواع : ترك الدين ، وإراقة الدم المحرم ، وانتهاك الفرج المحرم ، فهذه الأنواع الثلاثة هي التي تبيح دم المسلم دون غيرها .
فأما انتهاك الفرج المحرم ، فقد ذكر في الحديث أنه الزنا بعد الإحصان ، وهذا - والله أعلم - على وجه المثال ، فإن المحصن قد تمت عليه النعمة بنيل هذه الشهوة بالنكاح ، فإذا أتاها بعد ذلك من فرج محرم عليه ، أبيح دمه ، وقد ينتفي شرط الإحصان ، فيخلفه شرط آخر ، وهو كون الفرج لا يستباح بحال ، إما مطلقا كاللواط ، أو في حق الواطئ ، كمن وطئ ذات محرم بعقد أو غيره ، فهذا الوصف هل يكون قائما مقام الإحصان وخلفا عنه ؟ هذا هو محل النزاع بين العلماء والأحاديث دالة على أنه يكون خلفا عنه ، ويكتفى به في إباحة الدم .
وأما سفك الدم الحرام ، فهل يقوم مقامه إثارة الفتن المؤدية إلى سفك الدماء ، كتفريق جماعة المسلمين ، وشق العصا ، والمبايعة لإمام ثان ، ودل الكفار على عورات المسلمين ؟ هذا هو محل النزاع . وقد روي عن عمر ما يدل على إباحة القتل بمثل هذا .
وكذلك شهر السلاح لطلب القتل : هل يقوم مقام القتل في إباحة الدم أم لا ؟ فابن الزبير وعائشة رأياه قائما مقام القتل الحقيقي في ذلك .
وأما ترك الدين ، ومفارقة الجماعة ، فمعناه الارتداد عن دين المسلمين ولو أتى بالشهادتين ، فلو سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو مقر بالشهادتين ، أبيح دمه ، لأنه قد ترك بذلك دينه .
وكذلك لو استهان بالمصحف ، وألقاه في القاذورات ، أو جحد ما يعلم من الدين بالضرورة كالصلاة ، وما أشبه ذلك مما يخرج من الدين .
وهل يقوم مقام ذلك ترك شيء من أركان الإسلام الخمس ؟ هذا ينبني على أنه هل يخرج من الدين بالكلية بذلك أم لا ؟ فمن رآه خروجا عن الدين ، كان عنده كترك الشهادتين وإنكارهما ، ومن لم يره خروجا عن الدين ، فاختلفوا هل [ ص: 328 ] يلحق بتارك الدين في القتل ، لكونه ترك أحد مباني الإسلام أم لا ؟ لكونه لم يخرج عن الدين .
ومن هذا الباب ما قاله كثير من العلماء في قتل الداعية إلى البدع ، فإنهم نظروا إلى أن ذلك شبيه بالخروج عن الدين ، وهو ذريعة ووسيلة إليه ، فإن استخفى بذلك ولم يدع غيره ، كان حكمه حكم المنافقين إذا استخفوا ، وإذا دعا إلى ذلك ، تغلظ جرمه بإفساد دين الأمة . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقتال الخوارج وقتلهم . وقد اختلف العلماء في حكمهم .
فمنهم من قال : هم كفار ، فيكون قتلهم لكفرهم .
ومنهم من قال : إنما يقتلون لفسادهم في الأرض بسفك دماء المسلمين وتكفيرهم لهم ، وهو قول مالك وطائفة من أصحابنا ، وأجازوا الابتداء بقتالهم ، والإجهاز على جريحهم .
ومنهم من قال : إن دعوا إلى ما هم عليه ، قوتلوا ، وإن أظهروه ولم يدعوا إليه لم يقاتلوا ، وهو نص أحمد وإسحاق ، وهو يرجع إلى قتال من دعا إلى بدعة مغلظة .
وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وغيره عن مذهب مالك جواز قتل الداعي إلى البدعة .
فرجعت نصوص القتل كلها إلى ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه بهذا التقدير ولله الحمد .
وكثير من العلماء يقول في كثير من هذه النصوص التي ذكرناها هاهنا : إنها منسوخة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وفي هذا نظر من وجهين : أحدهما : أنه لا يعلم أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كان متأخرا عن تلك النصوص كلها ، لا سيما nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود من قدماء المهاجرين وكثير من تلك النصوص يرويها من تأخر إسلامه nindex.php?page=showalam&ids=3كأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=97وجرير بن عبد الله ، ومعاوية ، فإن هؤلاء كلهم رووا حديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة .
والثاني : أن الخاص لا ينسخ بالعام ، ولو كان العام متأخرا عنه في الصحيح الذي عليه جمهور العلماء ، لأن دلالة الخاص على معناه بالنص ، ودلالة العام عليه بالظاهر عند الأكثرين ، فلا يبطل الظاهر حكم النص . وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل رجل كذب عليه في حياته ، وقال لحي من العرب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني وأمرني أن أحكم في دمائكم وأموالكم ، وهذا روي من وجوه متعددة كلها ضعيفة ، وفي بعضها أن هذا الرجل كان قد خطب امرأة منهم في الجاهلية ، [ ص: 330 ] فأبوا أن يزوجوه ، وأنه لما قال لهم هذه المقالة صدقوه ، ونزل على تلك المرأة ، وحينئذ فهذا الرجل قد زنا ، ونسب إباحة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا كفر وردة عن الدين .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتل بغير هذه الأسباب الثلاثة التي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وغيره ليس له ذلك ، كأنه يشير إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يعزر بالقتل إذا رأى ذلك مصلحة ، لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم من التعدي والحيف ، وأما غيره ، فليس له ذلك ، لأنه غير مأمون عليه التعدي بالهوى قال أبو داود . سمعت أحمد سئل ، عن حديث أبي بكر ما كانت لأحد بعد النبي [ ص: 331 ] صلى الله عليه وسلم قال : لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلا إلا بإحدى ثلاث ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان له ذلك أن يقتل ، وحديث أبي بكر المشار إليه هو أن رجلا كلم أبا بكر فأغلظ له ، فقال له أبو برزة : ألا أقتله يا خليفة رسول الله ؟ فقال أبو بكر : ما كانت لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
وعلى هذا يتخرج حديث الأمر بقتل هذا القبطي ، ويتخرج عليه أيضا حديث الأمر بقتل السارق إن كان صحيحا ، فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله في أول مرة ، فراجعوه فيه فقطعه ، ثم فعل ذلك أربع مرات وهو يأمر بقتله ، فيراجع فيه ، فيقطع حتى قطعت أطرافه الأربع ، ثم قتل في الخامسة ، والله تعالى أعلم .