متى يصح تحمل الحديث أو يستحب ؟
350 - وقبلوا من مسلم تحملا في كفره كذا صبي حملا 351 - ثم روى بعد البلوغ ومنع
قوم هنا ورد كالسبطين مع [ ص: 135 ] 352 - إحضار أهل العلم للصبيان ثم
قبولهم ما حدثوا بعد الحلم 353 - وطلب الحديث في العشرين
عند الزبيري أحب حين 354 - وهو الذي عليه أهل الكوفه
والعشر في البصرة كالمألوفه 355 - وفي الثلاثين لأهل الشأم
وينبغي تقييده بالفهم 356 - فكتبه بالضبط ، والسماع
حيث يصح وبه نزاع 357 - فالخمس للجمهور ثم الحجه
قصة محمود وعقل المجه 358 - وهو ابن خمسة وقيل أربعه
وليس فيه سنة متبعه 359 - بل الصواب فهمه الخطابا
مميزا ورده الجوابا 360 - وقيل لابن حنبل فرجل
قال لخمس عشرة التحمل 361 - يجوز لا في دونها فغلطه
قال إذا عقله وضبطه 362 - وقيل من بين الحمار والبقر
فرق سامع ، ومن لا فحضر 363 - قال به الحمال وابن المقري
سمع لابن أربع ذي ذكر
[
متى يصح تحمل الحديث أو يستحب ] : أي : هل يصح حين الكفر والصبا ، وهل يستحب له وقت مخصوص ، وله مناسبة بباب من تقبل روايته ، ولكن كان تأخيره تلو ثاني أقسام التحمل أنسب ، [ كما ذكر في ثالثها الإجازة للكافر والطفل ونحوهما ] .
( وقبلوا ) أي : أهل هذا الشأن ، الرواية ( من مسلم ) مستكمل الشروط ( تحملا ) الحديث ( في ) حال ( كفره ) ، ثم أداه بعد إسلامه بالاتفاق ، وإن قال
ابن السبكي في شرح المنهاج : إنه الصحيح ; لعدم اشتراطهم كمال الأهلية حين التحمل ، محتجين
[ ص: 136 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=929875بأن nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم رضي الله عنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بدر قبل أن يسلم ، فسمعه حينئذ يقرأ في المغرب بالطور ، قال جبير : " وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي .
وفي لفظ : " فأخذني من قراءته الكرب " ، وفي آخر : " فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن " ، وكان ذلك سببا لإسلامه ، ثم أدى هذه السنة بعد إسلامه ، وحملت عنه .
وكذلك رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم واقفا
بعرفة قبل الهجرة ، ونحو تحديث
أبي سفيان بقصة
هرقل التي كانت قبل إسلامه . بل عندنا لو تحمل الكافر والصبي شهادة ، ثم أدياها بعد زوال المانع قبل أيضا ، سواء سبق ردهما في تلك الحالة أم لا . نعم ، الكافر المسر كفره لا تقبل منه إذا أعادها في الأصح ; كالفاسق غير المعلن .
قال
الخطيب : وإذا كان هذا جائزا في الشهادة فهو في الرواية أولى ; لأن الرواية أوسع في الحكم من الشهادة ، مع أنه قد ثبتت روايات كثيرة لغير واحد من
الصحابة كانوا حفظوها قبل إسلامهم ، وأدوها بعده - انتهى .
ومن هنا أثبت أهل الحديث في الطباق اسم من يتفق حضوره مجالس الحديث من الكفار رجاء أن يسلم ويؤدي ما سمعه ، كما وقع في زمن
التقي ابن [ ص: 137 ] تيمية أن
الرئيس المتطبب يوسف بن عبد السيد بن المهذب إسحاق بن يحيى الإسرائيلي ، عرف
بابن الديان ، سمع في حال يهوديته مع أبيه من الشمس
محمد بن عبد المؤمن الصوري أشياء من الحديث ; كجزء
ابن عترة ، وكتب بعض الطلبة اسمه في الطبقة في جملة السامعين ، فأنكر عليه .
وسئل
ابن تيمية عن ذلك ، فأجازه ، ولم يخالفه أحد من أهل عصره ، بل ممن أثبت اسمه في الطبقة الحافظ
المزي ، ويسر الله أنه أسلم بعد ، وسمي
محمدا ، وأدى فسمعوا منه .
وممن سمع منه الحافظ
الشمس الحسيني وغيره من أصحاب المؤلف ، ولم يتيسر له هو السماع منه ، مع أنه رآه
بدمشق ، ومات في رجب سنة سبع وخمسين وسبعمائة . بل ومن الغريب قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : سمعت
أبا طالب ، يعني أباه ، يقول : حدثني
محمد ابن أخي ، وكان والله صدوقا ، فذكر شيئا .
وروى من طريق
أبي رافع عن
أبي طالب نحوه ، وكلاهما عند
الخطيب في رواية الأبناء عن الآباء .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=5947عمرو بن سعيد ، أن
أبا طالب قال : كنت
بذي المجاز مع ابن أخي ، فأدركني العطش ، فذكر كلاما .
[ ص: 138 ] ومن طريق
عروة بن عمرو الفقيمي عن
أبي طالب : سمعت ابن أخي
الأمين يقول : ( ( اشكر ترزق ، ولا تكفر فتعذب ) ) ، ولكن كل هذا لا يصح .
و ( كذا )
يقبل عندهم فاسق تحمل في حال فسقه ثم زال وأدى من باب أولى ، و ( صبي حملا ) بالبناء للمفعول في حال صغره سماعا أو حضورا ( ثم روى بعد البلوغ ) ، وكذا قبله على وجه وصفه
البلقيني بالشذوذ ، قدمت حكايته في أول فصول من تقبل روايته ومن ترد .
( و ) لكن قد ( منع قوم ) القبول ( هنا ) أي : في مسألة الصبي خاصة ، فلم يقبلوا
من تحمل قبل البلوغ ; لأن الصبي مظنة عدم الضبط ، وهو وجه للشافعية ، وعليه
أبو منصور محمد بن المنذر بن محمد المراكشي الفقيه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
فحكى
ابن النجار في ترجمته من تأريخه أنه كان يمتنع من الرواية أشد الامتناع ، ويقول : مشايخنا سمعوا وهم صغار لا يفهمون ، وكذلك مشايخهم ، وأنا لا أرى الرواية عمن هذه سبيله .
وكذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك يتوقف في
تحديث الصبي .
فروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14120الحسن بن عرفة قال : قدم
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك البصرة ، فدخلت عليه وسألته أن يحدثني ، فأبى وقال : أنت صبي . فأتيت
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد فقلت : يا
أبا إسماعيل ، دخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك فأبى أن يحدثني ، فقال : يا جارية ، هاتي خفي وطيلساني ، وخرج معي يتوكأ على يدي حتى دخلنا على
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، فجلس معه على السرير وتحدثا ساعة ، ثم قال له
حماد : يا
أبا عبد الرحمن ، ألا تحدث هذا
[ ص: 139 ] الغلام ، فقال : يا
أبا إسماعيل ، هو صبي لا يفقه ما يحمله ، فقال له
حماد : يا أبا
عبد الرحمن ، حدثه فلعله والله أن يكون آخر من يحدث عنك في الدنيا . فحدثه ، وكان كذلك .
ونحوه ما رواه
البيهقي في الشعب من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14182أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي قال : لما رحل بي أبي إلى
أبي المغيرة ، يعني عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي ، وكان قد سمع منه أبي وأخي من قبلي ، فلما رآني
أبو المغيرة قال لأبي : من هذا ؟ قال : ابني ، قال : وما تريد به ؟ قال : يسمع منك ، قال : ويفهم ؟ فقال لي أبي ، وكنا في المسجد : قم فصل ركعتين ، وارفع صوتك بالتكبير والاستفتاح بالقراءة والتسبيح في الركوع والسجود والتشهد . ففعلت .
فقال لي
أبو المغيرة : أحسنت ، ثم قال لي أبي : حدثنا ، فقلت : حدثني أبي وأخي عن
أبي المغيرة عن
أم عبد الله ابنة خالد بن معدان عن أبيها قال : " من حق الولد على والده أن يحسن أدبه وتعليمه ، فإذا بلغ اثنتي عشرة فلا حق له " ، وقد وجب حق الوالد على ولده ، فإن هو أرضاه فليتخذه شريكا ، وإن لم يرضه فليتخذه عدوا ، فقال لي
أبو المغيرة : اجلس بارك الله عليك ، ثم حدثني به وقال : قد أغناك الله عن أبيك وأخيك ، قل : حدثني
أبو المغيرة .
وأعلى من هذا أن
nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة بن قدامة كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده عدول أنه من أهل السنة .
[ ص: 140 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار : لقيت
nindex.php?page=showalam&ids=16122شهاب بن خراش وأنا شاب ، فقال لي : إن لم تكن قدريا ولا مرجئا حدثتك ، وإلا لم أحدثك . فقلت : ما في من هذين شيء . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس الأودي إذا لحن رجل عنده في كلامه لم يحدثه .
( ورد ) على القائلين بعدم قبول الصبي بإجماع الأئمة على قبول حديث جماعة من صغار
الصحابة مما تحملوه في حال الصغر ( كالسبطين ) ، وهما
الحسن والحسين ابنا ابنته صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة الزهراء ، والعبادلة :
ابن جعفر بن أبي طالب ،
وابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=114والنعمان بن بشير ،
nindex.php?page=showalam&ids=256والسائب بن يزيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=83والمسور بن مخرمة ،
وأنس nindex.php?page=showalam&ids=209ومسلمة بن مخلد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16659وعمر بن أبي سلمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=9228ويوسف بن عبد الله بن سلام ،
وأبي الطفيل وعائشة ونحوهم ، رضي الله عنهم ، من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وبعده .
( مع
إحضار أهل العلم ) خلفا وسلفا من المحدثين وغيرهم ( للصبيان ) مجالس العلم ( ثم قبولهم ) أي : العلماء أيضا ، من الصبيان ( ما حدثوا ) به من ذلك ( بعد الحلم ) أي : البلوغ . وقد رأى
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم الفضل بن دكين nindex.php?page=showalam&ids=17099أبا جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي وهو يلعب مع الصبيان وقد طينوه ، وكان بينه وبين والده مودة ، فنظر إليه وقال : يا مطين ، قد آن لك أن تحضر مجلس السماع . وكان ذلك سببا لتلقيبه مطينا .
ومات
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=14282وللدبري ست سنين أو سبع ، ثم روى عنه عامة كتبه ونقلها الناس عنه ، وكذا سمع القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12104أبو عمر الهاشمي السنن
لأبي داود من
[ ص: 141 ] اللؤلؤي وله خمس سنين ، واعتد الناس بسماعه وحملوه عنه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14302يعقوب الدورقي : ثنا
أبو عاصم قال : ذهبت بابني إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وسنه أقل من ثلاث سنين ، فحدثه .
وكفى ببعض هذا متمسكا في الرد فضلا عن مجموعه ، بل قيل : إن مجرد إحضار العلماء للصبيان يستلزم اعتدادهم بروايتهم بعد البلوغ ، لكنه متعقب بأنه يمكن أن يكون الحضور لأجل التمرين والبركة ، ثم إن ما تقدم من سماع الصبي هو بالنظر للصحة سواء بنفسه أو بغيره ( و ) أما
( طلب الحديث ) بنفسه وكتابته ، وكذا الرحلة فيه ، فهو ( في العشرين ) من السنين بكسر النون على لغة ، [ حسبما قاله الشارح ، مع إنكار بعض متأخري النحاة لها ] ، ومنه قول الشاعر :
وماذا تبتغي الشعراء مني وقد جاوزت حد الأربعين
( عند ) الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14412أبي عبد الله الزبير بن أحمد ( الزبيري ) بضم الزاء مصغرا ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( أحب حين ) مما قبله ، [ يعني أنه وقت الاستحباب ; إذ عبارة
الزبيري : " ويستحب كتب الحديث في العشرين " ، قال ] ; لأنها مجتمع العقل ، قال
[ ص: 142 ] سفيان : يكمل عقل الغلام لعشرين . والفهم ، كما قال
ابن نفيس : في ذلك الوقت أكمل مما قبله .
قال
الزبيري : وأحب أن يشتغل قبل الوصول إليه بحفظ القرآن والفرائض حتى الواجبات ، سيما وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13062أبو عبيد بن حربويه : منعني أبي من سماع الحديث قبل أن أستظهر القرآن حفظا ، فلما حفظته قال لي : خذ المحفظة ، واذهب إلى فلان فاكتب عنه .
ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم : لم يدعني أبي أشتغل في الحديث حتى قرأت القرآن على
الفضل بن شاذان الرازي ، ثم كتبت الحديث . ( وهو ) أي : استحباب التقيد بهذا السن في الطلب ( الذي عليه
أهل الكوفه ) ، فقد كانوا كما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=17172موسى بن إسحاق عنهم لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا إلا عند استكمال عشرين سنة .
ونحوه حكاية
nindex.php?page=showalam&ids=17182موسى بن هارون الحمال عنهم ، وقال
عياض : سمعت بعض شيوخ العلم يقول : الرواية من العشرين ، والدراية من الأربعين .