452 - والثالث التعميم في المجاز له وقد مال إلى الجواز 453 - مطلقا الخطيب وابن منده
ثم أبو العلاء أيضا بعده 454 - وجاز للموجود عند الطبري
والشيخ للإبطال مال فاحذر 455 - وما يعم مع وصف حصر
كالعلما يومئذ بالثغر 456 - فإنه إلى الجواز أقرب
قلت : عياض ، قال : لست أحسب 457 - في ذا اختلافا بينهم ممن يرى
إجازة لكونه منحصرا
والنوع ( الثالث )
من أنواع الإجازة : ( التعميم في المجاز له ) ، سواء عين المجاز به أو أطلق ، كأن يقول إما بخطه ولفظه أو بأحدهما : أجزت للمسلمين ، أو لكل أحد ، أو لمن أدرك زماني ، أو نحو ذلك ، الكتاب الفلاني أو مروياتي .
( وقد ) تكلم في هذا النوع المتأخرون ممن جوز أصل الإجازة ، واختلفوا فيه ( فمال ) أي : ذهب ( إلى الجواز مطلقا ) ، سواء الموجود حين الإجازة أو بعدها ، وقبل وفاة المجيز ، قيد بوصف حاصر كأهل الإقليم الفلاني ، أو من دخل بلد كذا ، أو من وقف على خطي ، أو من ملك نسخة من تصنيفي هذا ، أو نحو ذلك ، أو لم يقيد كأهل لا إله
[ ص: 236 ] إلا الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=14231الحافظ أبو بكر ( الخطيب ) فإنه اختار فيما إذا أجاز لجماعة المسلمين الصحة متمسكا بأحد القولين للشافعية في الوقف على المجهول ، ومن لا يحصى
كبني تميم وقريش الذي جنح إلى كونه أظهر القولين عنده ، وهو الأصح قياسا على الفقراء والمساكين ; إذ كل من جاز عليه الوقف إذا أحصى وجب أن يجوز عليه وإن لم يحص ، كما قرر ذلك في مصنفه في
الإجازة للمجهول والمعدوم .
وممن صحح الوقف كذلك المالكية
وأبو يوسف ومحمد بن الحسن ، وقالوا : ومن جاز الوقف منهم فهو أحق به . وكذا جوز هذا النوع جماعة ( و ) مال إليه الحافظ
أبو عبد الله ( ابن منده ) فإنه أجاز لمن قال : لا إله إلا الله .
( ثم ) الحافظ الثقة (
nindex.php?page=showalam&ids=11881أبو العلاء ) الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل الهمداني العطار جوزه ( أيضا بعده ) أي : بعد
ابن منده ، حسبما نسبه إليه ، بل وإلى غيره ، الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14065أبو بكر الحازمي ; إذ سأله
nindex.php?page=showalam&ids=14285أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي عن الرواية بها ، فإنه قال له : لم أر في اصطلاح المتقدمين من ذلك شيئا ، غير أن نفرا من المتأخرين استعملوا هذه الألفاظ ، ولم يروا بها بأسا ، ورأوا أن التخصيص والتعميم في هذا سواء .
وقالوا : متى عدم السماع الذي هو مضاه للشهادة ، فلا معنى للتعيين ، قال : ومن أدركت من الحفاظ نحو
أبي العلاء ، يعني العطار ، وغيره كانوا يميلون إلى الجواز ، وفيما كتب إلينا
nindex.php?page=showalam&ids=14508الحافظ أبو طاهر السلفي من
الإسكندرية في بعض
[ ص: 237 ] مكاتباته أجاز لأهل بلدان عدة ، منها
بغداد ،
وواسط ،
وهمدان ،
وأصبهان ،
وزنجان - انتهى .
وأجاز
أبو محمد عبد الله بن سعيد الشنتجاني ، أحد الجلة من شيوخ
الأندلس ، لكل من دخل
قرطبة من طلبة العلم ، ووافقه على ذلك جماعة ، منهم صاحبه
أبو عبد الله بن عتاب ، حكاه عنهما
عياض ، وقال غيره : إن أولهما أجاز ( صحيح
مسلم ) لكل من أراد حمله عنه من جميع المسلمين ، وكان سمعه من
السجزي بمكة ، ثم قال
عياض : وإلى صحة
الإجازة العامة للمسلمين ، من وجد منهم ومن لم يوجد ، ذهب غير واحد من مشايخ الحديث .
( و ) كذا ( جاز ) التعميم في الإجازة ( للموجود ) حين صدورها خاصة ( عند )
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبي الطيب طاهر ( الطبري ) فيما نقله عنه صاحبه
الخطيب في تصنيفه المشار إليه ، فإنه قال : وسألته عن هذه المسألة ، فقال لي : يجوز أن يجيز لمن كان موجودا حين إجازته من غير أن يعلق ذلك بشرط أو جهالة ، سواء كانت الإجازة بلفظ خاص ; كأجزت لفلان وفلان ، أم عام ; كأجزت لبني هاشم وبني تميم ، ومثله إذا قال : أجزت لجماعة المسلمين ; فإن الحكم عند
القاضي أبي [ ص: 238 ] الطيب في ذلك سواء إذا كانت الإجازة لموجود - انتهى .
ومن الأدلة لذلك سوى ما تقدم قوله صلى الله عليه وسلم : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929883بلغوا عني ) ) الحديث . وقد قوى الاستدلال به
البلقيني ، ومنع الاستدلال بما رواه
ابن سعد في الطبقات من حديث
أبي رافع أن
عمر رضي الله عنه لما احتضر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929884من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله ، بأن العتق النافذ لا يحتاج إلى ضبط وتحديث وعمل بخلاف الإجازة ، ففيها ذلك . ووجهه بعضهم باشتراكهما في أن كلا منهما يستدعي تعيين المحل وتشخيصه ، ضرورة أن الراوي بالإجازة لا يجوز أن يكون مآله الوحدة النوعية ، بل مآله الوحدة الشخصية .
وكذلك ما ينفذ فيه العتق ويصح فيه وليس بشيء ، وعلى كل حال فقد قال
الحازمي : إن التوسع بها في هذا الشأن غير محمود ، فمهما أمكن العدول عنه إلى غير هذا الاصطلاح ، أو تهيأ تأكيده بمتابع له سماعا أو إجازة خاصة ، كان ذلك أحرى . بل الذي اختاره الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=16389عبد الغني بن سرور كما وجده
المنذري بخطه ، منع الرواية بها وعدم التعريج عليها ، قال : والإتقان تركها . وذهب
الماوردي - كما حكاه
عياض - إلى المنع أيضا في المجهول كله من المسلمين أو طلبة العلم ، من وجد منهم ومن لم يوجد .
( و ) كذا ( الشيخ )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ( للإبطال ) أيضا ( مال ) ، حيث قال : ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ، ولا عن الشرذمة المستأخرة
[ ص: 239 ] الذين سوغوها ، والإجازة في أصلها ضعيفة ، وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغي احتماله ، [ وعلى هذا ] ( فاحذر ) أيها الطالب استعمالها رواية وعملا .
وقد أنصف
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في قصره النفي على رؤيته وسماعه ; لأنه قد استعملها جماعات ممن تقدمه من الأئمة المقتدى بهم ، كالحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14922أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الفقيه ، فقد قال
أبو القاسم هبة الله بن المحسن المقدسي الفقيه فيما سمعه منه
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي كما في معجم السفر له : إنه سأله الإجازة ، فقال : قد أجزت لك ، ولكل من وقع بيده جزء من رواياتي فاختار الرواية عني .
وكالحافظ
أبي محمد الكتاني ; فإن صاحبه
nindex.php?page=showalam&ids=12588أبا محمد بن الأكفاني دخل عليه في مرضه فقال له : أنا أشهدكم أني قد أجزت لكل من هو مولود الآن في الإسلام يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن
محمدا رسول الله . وروى عنه بهذه الإجازة
محفوظ بن صصرى التغلبي .
[ ص: 240 ] وكالحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي حيث حدث بها عن
ابن خيرون فيما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية وغيره ، وهو وإن استفيد من كلام
الحازمي الذي صنيع
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح مشعر باقتفائه ، فلعله لم يستحضره . بل عزى تجويزها والرواية بها أيضا لغير واحد من الحفاظ ، الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=16390عبد الغني بن سعيد ، وحدث بها أيضا الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13130أبو بكر محمد بن خير الأشبيلي المالكي في برنامجه الشهير ،
وابن أبي المعمر في كتاب ( علوم الحديث ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي ، وكذا
nindex.php?page=showalam&ids=11881أبو العلاء العطار المذكور عن
nindex.php?page=showalam&ids=14610أبي بكر الشيروي فيما أفاده
الرافعي ، بل حدث بها
الرافعي نفسه في تأريخ
قزوين عن
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي ، وقال : إنه أجاز لمن أدرك حياته في سنة سبع وستين وخمسمائة .
ولما ترجم
الوزير بن بنيمان بن علي السلمي القزويني في تأريخه قال : إنه شيخ مستور معمر ، ذكر أنه كان ابن خمس أو ست حين كانت الزلزلة
بقزوين في رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، فتناولته إجازة
الشيروي العامة ; لأنه مات سنة عشر ، فقرأت عليه سنة ستمائة أحاديث مخرجة من مسموعات
الشيروي - انتهى .
وحدث بها
nindex.php?page=showalam&ids=13138أبو الخطاب بن دحية في تصانيفه عن
أبي الوقت nindex.php?page=showalam&ids=14508والسلفي ،
[ ص: 241 ] واستعملها خلق بعد
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ،
كأبي الحسن الشيباني القفطي ، حدث في تأريخ النحاة بها عن
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12807وأبي القاسم بن الطيلسان حدث بها عن
أبي جعفر وأبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مضاء الجياني ،
والحافظ الدمياطي حدث بها عن
المؤيد الطوسي وغيره ،
وعبد الباري الصعيدي حدث بها عن
الصفراوي بمشيخته
وأبي جعفر بن الزبير والتقي ابن دقيق العيد ،
والعماد ابن كثير حيث حدث بها عن
الدمياطي عن
المؤيد عامة [ عن عامة ] ،
والزين العراقي المصنف حدث في الأربعين العشاريات
[ ص: 242 ] له عن
أبي محمد عبد الرحمن بن مكي بن إسماعيل الزهري العوفي عن سبط
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي إذنا عاما ، وولده
الولي العراقي حدث عن اثنين من شيوخه ممن دخل في عموم إجازة
النووي ، وهو - أعني
النووي رحمه الله - ممن صحح جوازها في زيادات الروضة في الطرف الثاني في مستند قضاء
القاضي من الباب الثاني من جامع آداب القضاء بعد أن ذكر أن من صورها أن يقول : أجزت لكل أحد أن يروي . قال : وبه قطع
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب الطبري وصاحبه
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي ، وغيرهما من أصحابنا ، وغيرهم من الحفاظ .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14065الحافظ أبو بكر الحازمي المتأخر من أصحابنا ، يعني كما تقدم أن الذين أدركهم من الحفاظ كانوا يميلون إلى جوازها ، وصححه أيضا في غير الروضة من تصانيفه .
وكذا رجح جوازها
nindex.php?page=showalam&ids=12671أبو عمرو بن الحاجب ،
والعز بن جماعة وقال : إنه - أي : جواز الرواية ووجوب العمل بالمروي - بها ألحق .
وعمل بها
النووي ; فإنه قال - كما قرأته بخطه - في آخر بعض تصانيفه : وأجزت روايته لجميع المسلمين . وأجازها
nindex.php?page=showalam&ids=13132أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون الباقلاني البغدادي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13170وأبو الوليد بن رشد المالكي وغيرهما ، وأجاز لمن أدرك حياته
أبو جعفر [ ص: 243 ] أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء الماضي ،
وأبو الحسين عبيد الله بن أبي الربيع القرشي ،
والقطب محمد بن أحمد بن علي القسطلاني ،
وأبو الحجاج المزي الحافظ ، وكتب بذلك خطه في آخر بعض تصانيفه ،
والفخر بن البخاري ،
وأبو المعالي الأبرقوهي ، وخلق من المسندين
كالحجار وزينب ابنة الكمال ، حتى إنه لكثرة من جوزها أفردهم
الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي البدر البغدادي الكاتب في تصنيف رتبهم فيها على حروف المعجم ، وكذا جمعهم
أبو رشيد بن الغزال الحافظ في كتاب سماه : ( الجمع المبارك ) . أفاده
أبو العلاء الفرضي ، وذكر منهم
حيدر بن أبي بكر بن حيدر القزويني .
[ ص: 244 ] وقال
النووي مشيرا لتعقب
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في كونه لم ير من استعملها ، حتى ولا من سوغها ، حسبما تقدم : إن الظاهر من كلام من صححها جواز الرواية بها ، وهذا مقتضى صحتها ، وأي فائدة لها غير الرواية - انتهى .
واستجاز بها خلق لا يحصون كثرة ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=13620أبو الخطاب بن واجب ; فإنه سأل
أبا جعفر بن مضاء الإجازة العامة في كل ما يصح إسناده إليه على اختلاف أنواعه لجميع من أراد الرواية عنه من طلبة العلم الموجودين حينئذ ، فأسعفهم بها ،
وأبو الحسن محمد بن أبي الحسن الوراق ; فإنه سأل
أبا الوليد بن رشد الإجازة لكل من أحب الحمل عنه من المسلمين حيث كانوا ممن ضمته وأباه حياة في عام الإجازة ، فأجابه لذلك كما حكاه ابن خير .
ودعا
nindex.php?page=showalam&ids=16383الحافظ المزكي المنذري الناس لأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
أبي العباس بن تامتيت بالإجازة العامة ، فأخذه عنه خلق كثيرون ، وسمع بها
الحافظ المزي nindex.php?page=showalam&ids=13851والبرزالي والذهبي وغيرهم على الركن
الطاووسي بإجازته العامة من
أبي جعفر الصيدلاني [ ص: 245 ] وغيره .
وكذا لما قدم
الصدر أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموي بعيد السبعمائة اجتمع عليه الحفاظ والمحدثون ، وسمعوا منه بإجازته العامة من
الصيدلاني أيضا .
وقرأ
الصلاح أبو سعيد العلائي الحافظ على
الحجار بإجازته العامة من
داود بن معمر بن الفاخر ،
والبرهاني الحلبي على بعض رفقائه في السفينة بالقرب من جامع تنيس الذي خرب ، بإجازته العامة من
الحجار ، والمحدث الرحال
أبو جعفر البسكري المدني على
التقي محمد بن صالح بن إسماعيل الكناني بإجازته العامة من
الدمياطي ،
والصلاح خليل الأقفهسي الحافظ وغيره على
زينب ابنة محمد بن عثمان بن العصيدة بإجازتها العامة من
الفخر وزينب ابنة مكي [ ص: 246 ] ونحوهما ، [ وروى بها
ابن الجزري عن
الميدومي وغيره ، بل حكى اتفاق من أدركه من شيوخ الحديث والعلماء والحفاظ ; حيث لم يتوقف أحد منهم في الكتابة على ما أسند عامة المتضمنة الاستجازة لأهل العصر ] .
وسمع شيخنا من
الزين محمد بن أحمد بن سليمان الفيشي ، عرف
بالمزجاني ، بإجازته العامة من
الدمياطي ، ومن
إسماعيل بن إبراهيم الزبيدي الداعية بإجازته العامة من
nindex.php?page=showalam&ids=14940البهاء أبي محمد بن عساكر ،
والحافظ الجمال بن موسى المراكشي وغيره من
سليمان بن خالد الخضري الإسكندري بها بإجازته العامة من
الفخر بن البخاري ، وصاحبنا
النجم بن فهد الهاشمي وغيره من
أحمد بن محمد بن علي بن إسماعيل الزاهدي الدمشقي بها بإجازته من
[ ص: 247 ] زينب ابنة الكمال في آخرين من المحدثين وغيرهم . غير أنه اغتفر في الطلب ما لم يغتفر في الأداء ، بحيث إن أهل الحديث يقولون : إذا كتبت فقمش ; أي : جمع ما وجدت ، وإذا حدثت ففتش ; أي : تثبت عند الرواية .
وعلى كل حال ، فقد قال الشارح مع كونه كما قدمت ممن روى بها : وفي النفس من ذلك شيء ، وأنا أتوقف عن الرواية بها ، وقال في نكته : والاحتياط ترك الرواية بها ، بل نقل شيخنا عدم الاعتداد بها عن متقني شيوخه ، ولم يكن هو أيضا يعتد بها ، حتى ولو كان فيها بعض خصوص ، كأهل
مصر ; اقتناعا بما عنده من السماع والإجازة الخاصة ، ولا يورد في تصانيفه بها شيئا ، ويرى هو وشيخه أن الرواية بإسناد تتوالى فيه الأجايز ، ولو كان جميعه كذلك ، أولى من سند فيه إجازة عامة ، كما سيأتي في النوع التاسع .
وقال في توضيح النخبة له : إن القول بها توسع غير مرضي ; لأن
الإجازة الخاصة المعينة مختلف في صحتها اختلافا قويا عند القدماء ، وإن كان العمل استقر على اعتبارها عند المتأخرين ، فهي دون السماع بالاتفاق ، فكيف إذا حصل فيها الاسترسال المذكور ; فإنها تزداد ضعفا ، لكنها في الجملة خير من إيراد الحديث معضلا .
قلت : والحجة للمبطلين أنها إضافة إلى مجهول ، فلا تصح كالوكالة .
وبالجملة ، فلم تطب نفسي للأخذ بها ، فضلا عن الرواية ، لا سيما وأكثر من لقيناه ممن يدعي التعمير ، أو يدعى له ، فيه توقف ، حتى إن شخصا من أعيانهم له
[ ص: 248 ] تقدم في علوم زعم أنه جاز المائة بثلاثين فأزيد ، وازدحم عليه من لا تمييز له ، بل ومن له شهرة بينهم في هذا الشأن ، ثم حققت لهم أنه نحو الثمانين فقط .
ونحوه ما اتفق أن شخصا كان يقال له :
إبراهيم بن حجي الخليلي ممن توفي بعد الثلاثين وثماني مائة ، ادعى أن مولده سنة خمس وعشرين ، وقرأ عليه بعض الطلبة بإجازته من
الحجار ونحوه ، مع طعن
الحافظ التقي الفاسي عليه في دعواه .
وأما الرواية ، فعندي بحمد الله من المسموع والإجازة الخاصة ما يغني عن التوسع بذلك .
نعم ، قد دخلت في إجازة خلق من المعتبرين ، هي إلى الخصوص أقرب ، وهي الاستجازة لأبناء صوفية
الخانقاه البيبرسية ، وكنت إذ ذاك منهم ، فأوردتهم في معجمي مع تمييزهم عن غيرهم ; لاحتمال الاحتياج إليهم أو إلى أحدهم ، وغالب الظن أن من يصحح الإجازة الخاصة خاصة لا يتوقف في هذا .
وقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بقوله : ( وما يعم مع وصف حصر كالعلما ) بالقصر ، الموجودين ( يومئذ ) أي : يوم الإجازة ( بالثغر )
دمياط أو إسكندرية أو
صيدا أو غيرها [ أو نحو ذلك ] ، كأجزت لمن ملك نسخة من التصنيف الفلاني ( فإنه ) في هذه الصورة ( إلى الجواز أقرب ) ، هذا وإن لم يصرح فيه
[ ص: 249 ] بتصحيح فقد عمل به ، حيث أجاز رواية علوم الحديث من تصنيفه عنه لمن ملك منه نسخة ، ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14922الفقيه أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي لمن سأله الإجازة كما تقدم : أجزت لك ولكل من وقع بيده جزء من رواياتي فاختار الرواية عني ، وكذا أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=11826أبو الأصبغ بن سهل القاضي لكل من طلب عليه العلم ببلده .
( قلت ) : (
وعياض ) [ سبق
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ] ف ( قال : لست أحسب ) أي : أظن ( في ) جواز ( ذا ) أي : الإجازة لمن هو الآن من طلبة العلم ببلد كذا ، أو لمن قرأ علي قبل هذا ( اختلافا بينهم ) أي : العلماء ( ممن يرى إجازة ) أي : يعتمد الإجازة الخاصة رواية وعملا ، ولا رأيت منعه ; أي : بخصوصه لأحد ; ( لكونه منحصرا ) موصوفا ، كقوله : لأولاد فلان أو إخوة فلان - انتهى .
وكذا جزم به شيخنا في أولاد فلان ونحوه ، وسبقه
ابن الجزري فقال : وقع لنا وقت الطلب استدعاءات فيها أسماء معينة ، وفي بعضها : ولفلان وأولاده الموجودين يومئذ ، وفي بعضها : ولفلان وإخوته الموجودين في تأريخ الاستدعاء ، وأدركنا جماعة من هؤلاء الذين كانوا موجودين فسمعنا منهم بهذه الإجازة ، ولم ينكر ذلك أحد من أئمتنا ، وأجري مجرى من هو مسمى ، وفي نفسي أنه دونه - انتهى .
وحينئذ ، فكل ما قل فيه العموم بالقرب من الخصوص الحقيقي ; لوجود الخصوص الإضافي فيه ، يكون أقرب إلى الجواز من غيره ، ويلتحق بذلك : أجزت
[ ص: 250 ] لأهل السنة أو
الشيعة أو
الحنفية أو
الشافعية ، فهو أخص من جميع المسلمين ، وأقل انتشارا ; لانحصار المجاز بالصفة الخاصة مع العموم فيه .