الرابع :
المناولة 499 - ثم المناولات إما تقترن بالإذن أو لا ، فالتي فيها أذن 500 - أعلى الإجازات وأعلاها إذا
أعطاه ملكا فإعارة كذا 501 - أن يحضر الطالب بالكتاب له
عرضا وهذا العرض للمناوله 502 - والشيخ ذو معرفة فينظره
ثم يناول الكتاب محضره 503 - يقول : هذا من حديثي فاروه
وقد حكوا عن مالك ونحوه 504 - بأنها تعادل السماعا
وقد أبى المفتون ذا امتناعا 505 - إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري مع النعمان
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد الشيباني 506 - nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وغيرهم رأوا
بأنها أنقص ، قلت : قد حكوا 507 - إجماعهم بأنها صحيحه
معتمدا وإن تكن مرجوحه [ ص: 289 ] 508 - أما إذا ناول واستردا
في الوقت صح ، والمجاز أدى 509 - من نسخة قد وافقت مرويه
وهذه ليست لها مزيه 510 - على الذي عين في الإجازه
عند المحققين لكن مازه 511 - أهل الحديث آخرا وقدما
أما إذا ما الشيخ لم ينظر ما 512 - أحضره الطالب لكن اعتمد
من أحضر الكتاب وهو معتمد 513 - صح وإلا بطل استيقانا
وإن يقل : أجزته إن كانا 514 - ذا من حديثي فهو فعل حسن
يفيد حيث وقع التبين 515 - وإن خلت من إذن المناوله
قيل : تصح ، والأصح باطله القسم
( الرابع ) من أقسام التحمل : ( المناولة ) ، وهي لغة : العطية ، ومنه في حديث
الخضر : ( (
فحملوهما بغير نول ) ) أي : إعطاء ، واصطلاحا : إعطاء الشيخ الطالب شيئا من مرويه مع إجازته به صريحا أو كناية .
وأخر عن الإجازة مع كونه على المعتمد أعلى ; لأنها جزء لأول نوعيه ، حتى قال
ابن سعيد : إنه في معناها ، لكن يفترقان في أنه يفتقر إلى مشافهة المجيز للمجاز له وحضوره ، بل بالغ بعض الأصوليين كما سيأتي في آخر النوع الثاني فأنكر مزيده فائدة فيه ، وقال : هو راجع إليها . بل اشترط
أحمد بن صالح كما مضى قريبا المناولة لصحة الإجازة .
وعلى كل حال ، فاحتيج لسبق معرفتها ، أو قدمت لكونها تشمل المروي الكثير بخلاف المناولة على الأغلب فيهما ، أو لقلة استعمال المناولة على الوجه الفاضل ،
[ ص: 290 ] أو لاشتمال كل من القسمين على فاضل ومفضول [ إذ
أول أنواع الإجازة ] أعلى من ثاني نوعي المناولة ، فلم ينحصر لذلك التقديم في واحد ، وحينئذ فقدمت لكثرة استعمالها ، والأصل فيه ما علقه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث ترجم له في العلم من صحيحه ، أنه صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتابا ، وقال له : ( (
لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا ) ) ، فلما بلغ المكان قرأه على الناس ، وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وعزى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الاحتجاج به لبعض
أهل الحجاز ، وهذا قد أورده
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في المغازي ، فقال : حدثني
يزيد بن رومان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
عبد الله بن جحش إلى نخلة ، فقال له : ( (
كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ) ) ، ولم يأمره بقتال ، وذلك في الشهر الحرام ، وكتب له كتابا قبل أن يعلمه أن يسير ، فقال : ( (
اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك ، وانظر فيه ، فما أمرتك به فامض له ، ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على الذهاب معك ) ) ، فلما سار يومين فتح الكتاب ، فإذا فيه : ( (
أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش ) ) .
فذكر الحديث بطوله ، وهو مرسل جيد الإسناد ، قد صرح فيه
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق بالتحديث مع أنه لم ينفرد به ، فقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أيضا عن
عروة ، بل رويناه متصلا في المعجم الكبير
nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني ، والمدخل
للبيهقي من طريق
أبي السوار [ ص: 291 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=401جندب بن عبد الله رضي الله عنه ، رفعه وهو حجة ، ولذا جزم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري به إذ علقه ، وأورده
الضياء في المختارة لا سيما وله شاهد عند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره في التفسير من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
( ثم المناولات ) على نوعين : ( إما تقترن بالإذن ) أي : بالإجازة ( أو لا ) ، بأن تكون مجردة عنها ( ف )
المناولة ( التي فيها أذن ) أي : أجيز ، وهي النوع الأول ( أعلى الإجازات ) مطلقا ; لما فيها من التعيين والتشخيص بلا خلاف بين المحدثين فيه ، حتى كان ممن حكاه عن أصحاب الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في المستصفى ، فقال : وهي عندهم أعلى درجة منها .
وقول
ابن الأثير : الظاهر أنها أخفض من الإجازة ; لأن أعلى درجاتها أنها إجازة مخصوصة في كتاب بعينه بخلاف الإجازة ، ليس بجيد ; فإنها وإن كانت غالبا في كتاب بعينه فهي مقترنة بما فيه مزيد ضبط ، بل والتخصيص أبلغ في الضبط ، وتحت هذا النوع صور ، فالجمع أولا بالنظر لذلك ، وهي - أعني الصور -
[ ص: 292 ] متفاوتة في العلو ( وأعلاها إذا أعطاه ) أي : أعطى الشيخ الطالب على وجه المناولة تصنيفا له ، أو أصلا من سماعه ، وكذا من مجازه ، أو فرعا مقابلا بالأصل ( ملكا ) أي : على جهة التمليك له بالهبة ، أو بالبيع ، أو ما يقوم مقامهما ، قائلا له : هذا من تصنيفي ، أو نظمي ، أو سماعي ، أو روايتي عن فلان ، أو عن اثنين أو أكثر ، وأنا عالم بما فيه ، فاروه أو حدث به عني ، ونحو ذلك مما هو بمعنى الإجازة ، فضلا عن لفظها كأجزتك به ، بل وكذا لو لم يذكر اسم شيخه واكتفى بكونه مبينا في الكتاب المناول .
قال
يحيى بن الزبير بن عباد الزبيري : طلبت من
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة أحاديث أبيه ، فأخرج إلي دفترا ، فقال لي : هذه أحاديث أبي قد صححته وعرفت ما فيه فخذه عني ، ولا تقل كما يقول هؤلاء حتى أعرضه ، ولم يصرح
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بكون هذه الصورة أعلى ، ولكنه قدمها في الذكر كما فعل عياض ، وهو منهما مشعر بذلك .
( ف ) يليها ما يناوله الشيخ له من أصل أو فرع أيضا ( إعارة ) أي : على جهة الإعارة ، أو إجارة ونحوها ، فيقول له : خذه ، وهو روايتي على الحكم المشروح أولا فانتسخه ، ثم قابل به ، أو قابل به نسختك التي انتسختها ، أو نحو ذلك ، ثم رده إلي . وهل تكفي الإشارة إلى نسخة معينة ، أو أمر بعض من حضر بالإعطاء ؟ الظاهر نعم ، وبه صرح
الرازي في الإشارة غير المقترنة بالإجازة كما سيأتي في النوع الثاني ، بل قال
الخطيب : إنه لو أدخله خزانة كتبه وقال : ارو جميع هذه عني ; فإنها سماعاتي من الشيوخ المكتوبة عنهم ، كان بمثابة ما ذكرناه في الصحة ;
[ ص: 293 ] لأنه أحاله على أعيان مسماة مشاهدة ، وهو عالم بما فيها ، وأمره برواية ما تضمنت من سماعاته ، فهو بمنزلة ما لو قال له : تصدقت له عليك بما في هذا الصندوق ، أو نحوه ، وهو عالم بما فيه ، فقال : قبلت . وإليه أشار بعض المتأخرين بقوله : إنه نبه بقوله : " أعطاه إلى آخره " ، على أن الشيخ لو سمع في نسخة من كتاب مشهور ، فليس له أن يشير إلى نسخة أخرى من ذلك الكتاب ، ويقول : سمعت هذا ; لأن النسخ تختلف ما لم يعلم اتفاقهما بالمقابلة ; فإنه يقتضي أنه لو علم اتفاقهما كفى ، ويقرب من هذا لو علق طلاقها على إعطاء كذا ، فوضعته بين يديه طلقت ، قال بعض المتأخرين : وينبغي أن يجعل هذا قسما مستقلا يسمى بالإشارة ، ويكون أيضا على نوعين كالمناولة ، فلا فرق ، ثم إنه
قد يكون في صور العارية ما يوازي التمليك بأن يناوله إياه عارية ; ليحدث به منه ، ثم يرده إليه ، و ( كذا ) مما يوازي الصورة المرجوحة في العلو ( أن يحضر الطالب بالكتاب ) الذي هو أصل الشيخ أو فرع مقابل عليه ( له ) أي : للشيخ ( عرضا ) أي : لأجل عرض الشيخ له ، وقد سمى هذه الصورة عرضا غير واحد من الأئمة ، ولقصد التمييز لذلك من عرض السماع الماضي في محله يقيد ، ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ما معناه : ( وهذا العرض للمناولة والشيخ ) أي : والحال أن الشيخ الذي أعطي الكتاب ( ذو معرفة ) وحفظ ويقظة ( فينظره ) ويتصفحه متأملا ; ليعلم صحته وعدم الزيادة فيه والنقص منه ، أو يقابله بأصل كتابه إن لم يكن عارفا ، كل ذلك كما صرح به
الخطيب على جهة الوجوب .
[ ص: 294 ] ( ثم يناول ) الشيخ ذاك ( الكتاب ) بعد اعتباره ( محضره ) الطالب لروايته منه ، و ( يقول ) له : ( هذا من حديثي ) ، أو نحو ذلك ( فاروه ) ، أو حدث به عني ، أو نحو ذلك على الحكم المشروح أولا حتى في الاكتفاء بكون سنده به مبينا فيه . وممن فعله
عبد الله ، إما
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أو
nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو بن العاص ، قال
أبو عبد الرحمن الحبلي : أتيت
عبد الله بكتاب فيه أحاديث ، فقلت له : انظر في هذا الكتاب ، فما عرفت منه اتركه ، وما لم تعرفه امحه .
nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب قال :
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر بن حفص أشهد أنه كان يؤتى بالكتاب من كتبه فيتصفحه وينظر فيه ، ثم يقول : هذا من حديثي أعرفه ، خذه عني .
ومالك جاءه رجل فقال : يا
أبا عبد الله ، الرقعة ، فأخرج رقعة وقال : قد نظرت فيها ، وهي من حديثي فاروها عني .
وأحمد جاءه رجل بجزئين وسأله أن يجيزه بهما ، فقال : ضعهما وانصرف . فلما خرج أخذهما فعرض بهما كتابه وأصلح له بخطه ، ثم أذن له فيهما .
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي كما سيأتي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14327والذهلي وآخرون .
[ ص: 295 ] ( وقد ) اختلفوا في موازاة هذا النوع للسماع ، ف ( حكوا ) كالحاكم ومن تبعه ( عن )
nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام ( مالك ) رحمه الله ( ونحوه ) من أئمة المدنيين ;
nindex.php?page=showalam&ids=11947كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أحد الفقهاء السبعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة الرأي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعن جماعة من المكيين ;
كمجاهد ،
وأبي الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14429ومسلم الزنجي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة ، ومن الكوفيين
كعلقمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعيين ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، ومن البصريين
كقتادة ،
وأبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبي المتوكل الناجي ، ومن المصريين ;
كابن وهب ،
وابن القاسم ،
وأشهب ، ومن الشاميين والخراسانيين وجماعة من مشايخ
الحاكم ، القول ( بأنها ) أي :
المناولة المقرونة بالإجازة ( تعادل السماعا ) ، ولم يحك
الحاكم لفظ
مالك في ذلك ، وقد روى
الخطيب في الكفاية من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12632أحمد بن إسحاق بن بهلول قال : تذاكرنا بحضرة
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق السماع ، فقال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أويس :
السماع على ثلاثة أوجه : القراءة على المحدث ، وهو أصحها ، وقراءة المحدث ، والمناولة ، وهو قوله : أرويه عنك وأقول : ثنا ، وذكر عن
مالك مثله ، فهذا مشعر عن
مالك nindex.php?page=showalam&ids=12427وابن أبي أويس بتسوية السماع لفظا والمناولة ، وحينئذ فكأن
عرض السماع وعرض المناولة عند
مالك سيان ، فقد تقدم هناك عنه القول باستواء عرض السماع والسماع لفظا ، وكذا ممن
[ ص: 296 ] ذهب إلى
التسوية بين السماع وعرض المناولة أحمد ، فروى
الخطيب أيضا من طريق
المروذي عنه أنه قال : إذا أعطيتك كتابي وقلت لك : اروه عني وهو من حديثي ، فما تبالي أسمعته أو لم تسمعه ، وأعطاني أنا
وأبا طالب المسند مناولة ، ونحوه قول
أبي اليمان : قال لي
أحمد : كيف تحدث عن
شعيب ؟ فقلت : بعضها قراءة ، وبعضها أنا ، وبعضها مناولة ، فقال : قل في كل : أنا . وسيأتي مثله في الترجمة الآتية .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة قال : الإجازة والمناولة عندي كالسماع الصحيح ، بل أعلى من القول بالاستواء ما نقله
ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول من أن
من أصحاب الحديث من ذهب إلى أن المناولة أوفى من السماع ، وكأنه يشير بذلك إلى ما أسنده
عياض من حديث
محمد بن الضحاك عن
مالك قال : كلمني
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري ، فكتبت له أحاديث
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، فقال له قائل : فسمعها منك ؟ قال : كان أفقه من ذلك ، وفي لفظ : بل أخذها عني وحدث بها ، فقد قال
عياض عقبه : وهذا بين ; لأن الثقة بكتابه مع إذنه أكثر من الثقة بالسماع وأثبت ; لما يدخل من الوهم على السامع والمسمع .
( و ) لكن ( قد أبى المفتون ) ، جمع مفت ; اسم فاعل من أفتى ، فلما جمع جمع
[ ص: 297 ] تصحيح التقى ساكنان : الياء التي آخر الكلمة ، وواو الجمع ، فحذفت الياء ، في الحلال والحرام ( ذا ) أي : القول بأنها حالة محل السماع ، فضلا عن ترجيحها ، [ حيث امتنع من القول به ] ( امتناعا ) ، منهم (
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ) بن راهويه ( و )
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ( الثوري ) بالمثلثة نسبة
لثور ، بطن من
تميم ( مع ) باقي الأئمة المتبوعين :
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ( النعمان و ) إمامنا (
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ) بن حنبل ( الشيباني ) ، نسبة
لشيبان بن ثعلبة (
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ) عبد الله ( وغيرهم )
nindex.php?page=showalam&ids=13920كالبويطي ،
والمزني ،
ويحيى بن يحيى حسبما حكاه
الحاكم عنهم ، حيث ( رأوا ) القول ( بأنها ) أي :
المناولة ( أنقص ) من السماع . والذي حكاه
الحاكم عنهم أنهم لم يروها سماعا فقط ، ولكن مقابلته الأول به مشعر بأنها أنقص ، وهو الذي صححه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح قبل ذكره كلام
الحاكم فقال : والصحيح أن ذلك غير حال محل السماع ، وأنه منحط عن درجة التحديث لفظا ، والإخبار قراءة .
ثم حكى عن
الحاكم العزو للمذكورين إلى أن قال : قال
الحاكم : وعليه عهدنا أئمتنا ، وإليه ذهبوا ، وإليه نذهب ، واحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : ( (
نضر الله امرأ [ ص: 298 ] سمع مقالتي فوعاها حتى يؤديها إلى من لم يسمعها ) ) ، وبقوله صلى الله عليه وسلم :
( ( تسمعون ويسمع منكم ) ) فإنه لم يذكر فيهما غير السماع ، فدل على أفضليته ، لكن قال
البلقيني : إن ذلك لا يقتضي امتناع تنزيل المناولة على ما تقدم منزلة السماع في القوة ، قال : على أني لم أجد من صريح كلامهم ما يقتضيه - انتهى ، وفيه نظر .
وممن قال : إنها أنقص
مالك ، فأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14347الرامهرمزي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12427ابن أبي أويس قال : سألت
مالكا عن أصح السماع ، فقال : قراءتك على العالم أو المحدث ، ثم قراءة المحدث عليك ، ثم أن يدفع إليك كتابه فيقول : ارو هذا عني . وهذا يقتضي انحطاط درجتها عن القراءة ، لكنه مشعر بتسميتها سماعا ، ليكون مطابقا للسؤال ، إلا أن يكون زاد في الجواب ، وحينئذ فاختلف المروي عن
مالك ، إلا أن تكون " ثم " لمجرد العطف ، وكذا بمقتضى ما سلف اختلف المروي عن
أحمد إن لم يكن الخلل من
الحاكم في النقل عنه ، فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إن في كلامه بعض التخليط من حيث كونه خلط بعض ما ورد في عرض القراءة بما ورد في عرض المناولة ، وساق الجميع مساقا واحدا ، [ أو تحمل
[ ص: 299 ] الرواية الأولى عن
أحمد باستوائهما على أصل الحجية ] ، لا على القوة ، وهو أولى ; فقد حكى
الخطيب عن
أحمد أنه كان ربما جاءه الرجل بالرقعة من الحديث فيأخذها فيعارض بها كتابه ، ثم يقرؤها على صاحبها .
وكذا لا يخدش في حكايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بما حكاه
البيهقي عنه أنه نص في كتاب القاضي إلى القاضي على عدم القبول إلا بشاهدين مع فتحه وقراءته عليهما ، قال : كالصكوك للناس على الناس لا نقبلها مختومة ، وهما لا يدريان ما فيها ; لأن الخاتم قد يصنع على الخاتم ، ويبدل الكتاب ، وحكى في تبديل الكتاب حكايته ، ولا في حكايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري بكراهية
شهادة الرجل على الوصية في صحيفة مختومة حتى يعلم ما فيها ; لأنا نقول : باب الرواية أوسع ، وأيضا فالتبديل غير متوهم في صورة المناولة ، ومسألة الوصية - وإن حكيت الكراهة فيها أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبي قلابة الجرمي nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي كما عند
البيهقي في
[ ص: 300 ] ( المدخل ) ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبي حنيفة تمسكا بقوله تعالى :
وما شهدنا إلا بما علمنا [ يوسف : 81 ] فقد حكي أيضا فيها الجواز عن
مالك ، بل وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15728حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أنه كان يفعل ذلك إذا أراد سفرا ، ويدفعها إلى ابن عمه
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر ، ويقول : اشهد على ما فيها ، وبها استدل
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، حيث قيل له في جواز المناولة ، فقال : ألم تر
الرجل يشهد على الوصية ولا يفتحها ؟ فيجوز ذلك ويؤخذ به .
وأما النزاع معه في إدراج
أبي حنيفة في المجيزين بأن صاحب القنية حكي عنه وعن صاحبه
محمد في
إعطاء الشيخ الكتاب للطالب وإجازته له به - عدم الجواز إذا لم يسمع ذلك ولم يعرفه ، خلافا
لأبي يوسف ، ففيه نظر ; إذ الظاهر أنهما إنما منعا إذا لم يكن أحد شيئين ; إما السماع أو معرفة الطالب ، بما في الكتاب ; أي : بصحته ، وهذا لا يمنع ما قدمناه في أول أنواع الإجازة عن
أبي حنيفة وأبي يوسف من بطلان الإجازة ; لجواز اختصاصه بالمجردة عن المناولة ، أفاد حاصله المؤلف .
وما حكاه
أبو سفيان من الحنفية ، ولعله
الرازي ، عن إمامه وصاحبه
[ ص: 301 ] أبي يوسف أنهما منعا الإجازة والمناولة يمكن حمله على المناولة المجردة .
وكذا في ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه معهم بما سيأتي في القسم الخامس من احتجاجه على
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مسألة بحديث احتج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه فيها بغيره ، وقال له : هذا سماع ، وذاك كتاب ، يعني : فهو مقدم ، فقال له
إسحاق :
إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى وقيصر [ بإرادة أصل الاحتجاج ] .
ولأجل ما نسب
للحاكم قال بعض المتأخرين عقب حكايته الاستواء : وكان هؤلاء الأئمة المحكي عنهم جوزوا الرواية بها ، لا أنهم نزلوها منزلة السماع . ونحوه جمع بعضهم بين المذهبين بأن المثلية في الحكم والإجمال ، وعدمها في التفصيل والتحقيق ، فصار الخلاف في الحقيقة لفظيا ، وفي المسألة قول رابع أورده
البيهقي في المدخل من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : يقول في العرض : قرأت وقرئ ، وفي المناولة يتدين به ولا يحدث به . وهذا قد لا ينافيه إدراج
الحاكم له فيمن يراها دون السماع ، لكن قد روى
البيهقي أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16976محمد بن شعيب بن شابور قال : لقيت
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ومعي كتاب كتبته من حديثه ، فقلت : يا
أبا عمرو ، هذا كتاب كتبته من أحاديثك ، فقال : هاته ، فأخذه وانصرف إلى منزله ، وانصرفت أنا ، فلما كان بعد أيام لقيني به فقال : هذا كتابك قد عرضته وصححته ، فقلت : يا
أبا عمرو ، فأرويه عنك ؟ قال : نعم ، قلت : أذهب فأقول : أخبرني
[ ص: 302 ] nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ؟ قال : نعم . قال
ابن شعيب : وأنا أقول كما قال ، وبالجملة ، فعلى القول الثالث من يرد
عرض القراءة يرد عرض المناولة من باب أولى .
( قلت ) : ولكن ( قد حكوا ) أي :
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ومن تبعه ( إجماعهم ) أي : أهل النقل ، على القول ( بأنها ) أي : المناولة ( صحيحه معتمدا ) أي : من أجل اعتمادها وتصديقها ، يعني وإن اختلف في صحة الإجازة المجردة . وعبارة
عياض بعد أن قال : وهي رواية صحيحة عند معظم الأئمة والمحدثين ، وسمى جماعة : وهو قول كافة أهل النقل والأداء والتحقيق من أهل النظر ( وإن تكن ) المناولة كما تقرر بالنسبة للسماع ( مرجوحه ) على المعتمد .
ثم إنه قد بقي من صور هذا النوع صورتان ( أما ) الأولى ( إذا
ناول ) الشيخ الكتاب أو الجزء للطالب مع إجازته له به ( واستردا ) ذلك منه ( في الوقت ) ، ولم يمكنه منه ، بل أمسكه الشيخ عنده ، فقد ( صح ) هذا الصنيع ، وتصح به الرواية والعمل ( و ) لكن المجاز له [ إذا أراد ] الرواية لذلك ( أدى من نسخة قد وافقت مرويه ) المجاز به بمقابلتها ، أو بإخبار ثقة بموافقتها ، ونحو ذلك على ما هو معتبر في
الإجازات المجردة عن المناولة ، أو من الأصل الذي استرده منه شيخه إن ظفر به ، وغلب على ظنه سلامته من التغيير من باب أولى ( و ) لكن ( هذه ) ( ليست لها ) ، وعبارة
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : لا يكاد يظهر لها ( مزيه على ) الكتاب ( الذي عين في الإجازة ) مجردا عن المناولة ( عند المحققين ) أي : من الفقهاء والأصوليين كما هي عبارة
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، وسبقه لحاصل ذلك
عياض فقال : ولا مزية له عند
[ ص: 303 ] مشايخنا من أهل النظر والتحقيق ; لأنه لا فرق بين إجازته إياه أن يحدث عنه بكتاب ( الموطأ ) وهو غائب أو حاضر ; إذ المقصود تعيين ما أجاز له [ انتهى ، فهي متقاعدة عما سبق ، والخلاف فيها أقوى ; لعدم احتواء الطالب على المروي الذي تحمله وغيبته عنه ] ( لكن مازه ) أي : جعل له مزية معتبرة على ذلك ( أهل الحديث ) ، أو من حكى ذلك عنه منهم ( آخرا وقدما ) ، وسبق
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح لذلك
عياض ، وعبارته مع ما تقدم عنه : لكن قديما وحديثا شيوخنا من أهل الحديث يرون لهذا مزية على الإجازة ، يعني : فإن
كل نوع من أنواع التحمل كيف ما كان لا تصح الرواية به إلا من الأصل أو المقابل به مقابلة يوثق بمثلها ، وربما يستفيد بها معرفة المناول ، فيروي منه أو من فرعه بعد . بل قال
ابن كثير : إنه في الكتاب المشهور ;
nindex.php?page=showalam&ids=12070كالبخاري ومسلم ، كصورة التمليك أو الإعارة - انتهى .
إذا علم هذا فقد قال
السهيلي : جعل الناس المناولة اليوم أن يأتي الطالب الشيخ فيقول : ناولني كتابك ، فيناوله ، ثم يمسكه ساعة ، ثم ينصرف الطالب فيقول : حدثني فلان مناولة ، وهذه رواية لا تصح على هذا الوجه حتى يذهب بالكتاب معه ، وقد أذن له أن يحدث عنه بما فيه ، وهو محتمل لاقترانه بالإجازة ، فيكون من هذا النوع ، أو [ تجرده عنها ، وهو ظاهر اللفظ ، فيكون من ثاني
[ ص: 304 ] النوعين ، ويكون حينئذ على قسمين أيضا ، فالله أعلم ] .
و ( أما ) الثانية ( إذا ما ) أي : إذا (
الشيخ لم ينظر ما أحضره ) إليه الطالب مما ذكر له أنه مرويه [ ليعلم صحته ويتحقق أنه من مرويه ] ، و ( لكن ) ناوله له ( واعتمد ) في صحته وثبوته في مرويه ( من أحضر الكتاب وهو ) أي : الطالب المحضر ( معتمد ) لإتقانه وثقته ، فقد ( صح ) ذلك كما يصح في القراءة على الشيخ الاعتماد على الطالب حتى يكون هو القارئ من الأصل إذا كان موثوقا به معرفة ودينا ، ولم يحك
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح فيه اختلافا ، وقد حكى
الخطيب في الكفاية عن
أحمد التفرقة ، فإنه روى من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل بن إسحاق قالت : سألت
أبا عبد الله عن القراءة ، فقال : لا بأس بها إذا كان رجل يعرف ويفهم ، قلت له : فالمناولة ؟ قال : ما أدري ما هذا حتى يعرف المحدث حديثه ، وما يدريه ما في الكتاب ؟
وهذا ظاهره أنه ولو كان المحضر ذا معرفة وفهم لا يكفي ، قال :
وأهل مصر يذهبون إلى هذا ، وأنا لا يعجبني . قال
الخطيب : وأراه عنى - يعني بما نسبه
لأهل مصر -
المناولة للكتاب وإجازته روايته من غير أن يعلم هل ما فيه من حديثه أم لا ، وحمل ما جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب من أنه كان يؤتى بالكتاب فيقال له : يا
أبا بكر ، هذا كتابك نرويه عنك ؟ فيقول : نعم ، وما رآه ولا قرئ عليه ، على أنه كان قد تقدم نظره له ، وعرف صحته وأنه من حديثه ، وجاء به إليه من يثق به ، ولذلك استجاز الإذن في روايته من غير أن ينشره وينظر فيه ، ويؤيده ما تقدم عنه أنه كان يتصفح الكتاب وينظر فيه ، وكذا يحمل عليه ما ورد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة أنه قال : جاءني
ابن [ ص: 305 ] جريج بصحيفة مكتوبة فقال لي : يا
أبا المنذر ، هذه أحاديث أرويها عنك ؟ قال : قلت : نعم ( وإلا ) أي : وإن لم يكن الطالب ممن يعتمد خبره ، ولا يوثق بخبرته ، فقد ( بطل ) الإذن ( استيقانا ) ، ولم تصح الإجازة فضلا عن المناولة .
نعم ، إن تبين بعد ذلك بطريق معتمد صحته وثبوته في مرويه فالظاهر كما قال المصنف : الصحة أخذا من المسألة بعده ; لأنه زال ما كنا نخشى من عدم ثقة الطالب المخبر مع إمكان الفرق بينهما .
( و ) إما ( إن يقل ) أي : الشيخ للطالب المعتمد وغيره : ( أجزته إن كانا ذا ) أي : المجاز به ( من حديثي ) مع براءتي من الغلط والوهم ( فهو ) أي : القول ( فعل ) جائز ( حسن ) كما قاله
الخطيب .
وممن فعله
مالك ; فإن
ابن وهب قال : كنا عنده فجاءه رجل يكتب على يديه ، فقال : يا
أبا عبد الله ، هذه الكتب من حديثك أحدث بها عنك ؟ فقال له
مالك : إن كانت من حديثي فحدث بها عني ، وكذا فعله غير واحد ، وزاد الناظم أنه ( يفيد حيث وقع التبين ) لصحة كونه من حديث الشيخ .
والنوع الثاني : (
إن خلت من إذن المناوله
) بأن يناول الشيخ الطالب شيئا من مرويه ملكا أو عارية لينتسخ منه ، أو يأتي إلى الشيخ بشيء من حديثه فيتصفحه وينظر فيه مع معرفته ، ثم يدفعه إليه ويقول له في الصور كلها : هذا من رواياتي على الحكم المشروح في النوع الأول ، لكن
لا يصرح له بالإذن بروايته عنه ، وقد اختلف فيها ف ( قيل ) كما حكاه
الخطيب عن طائفة من العلماء : ( تصح ) وتجوز الرواية بها ; كالرجل يجيء إلى آخر بصك فيه ذكر حق ، فيقول له : أتعرف هذا الصك ؟ فيقول : نعم ، هو دين علي لفلان ، أو يقول له ابتداء : في هذا الصك دين علي
[ ص: 306 ] لفلان ، أو يجد في يده صكا يقرؤه ، فيقول له : ما في هذا الصك ؟ فيقول : ذكر حق علي لفلان ، ثم يسمعه بعد ينكره ; فإن له أن يشهد عليه بإقراره على نفسه مع كونه لم يأذن له في أدائه ، كما ذهب إليه
مالك وغيره من
أهل الحجاز ، وبه قال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وإذا جاز في الشهادة بدون إذن المقر ففي الرواية من باب أولى ، ولعل هؤلاء ممن يجيز الرواية بمجرد إعلام الشيخ الطالب بأن هذا مرويه ، أو الرواية بمجرد إرساله إليه بالكتاب من بلد إلى بلد كما سيأتي فيهما ، بل هو هنا أولى لترجحه بزيادة المناولة بالنسبة لمسألة الإعلام ، وبالمواجهة بها بالنسبة للإرسال ; فإن المناولة كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : لا تخلو من الإشعار بالإذن في الرواية ، فحصل الاكتفاء في هذه الصور كلها بالقرينة ، وبالغ بعضهم فقال : إنها قريب من السماع على الشيخ إذا لم يأذن له في الرواية ; لاشتراكهما في العلم بالمروي .
وقيل : يصح العمل بها دون الرواية . حكي عن بعضهم ، ويشبه أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قائلا به ; لأنه روي عنه أنه أجاز المناولة وفعلها ، وروي عنه أنه يعمل بها ولا يحدث بها ، فقال
عياض : ولعل قوله ، يعني : الثاني ، فيمن لم يأذن في الحديث به عنه .
( والأصح ) أنها بدون إذن ( باطله ) ، لم نر - كما قال
الخطيب - من فعلها لعدم التصريح بالإذن فيها ، فلا تجوز الرواية بها ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وعاب غير واحد من الفقهاء والأصوليين على المحدثين تجويزها وإساغة الرواية بها ، قلت : منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ; فإنه قال في المستصفى : مجرد المناولة دون قوله : حدث به عني ، لا
[ ص: 307 ] معنى له ، وإذا قال : حدث به عني ، فلا معنى للمناولة ، بل هو زيادة تكلف أخذ به بعض المحدثين بلا فائدة ، بل أطلق النووي في تقريبه حكاية البطلان عن الفقهاء وأصحاب الأصول ، [ وهو مقتضى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14552السيف الآمدي ; حيث اشترط الإذن في الرواية ] ، ولكن صنيع
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في عدم التعميم أحسن ; لعدم اشتراط جماعة من الأصوليين - منهم
الرازي في المحصول - الإذن ، بل ولا المناولة ، حتى قالوا : إن الشيخ لو أشار إلى كتاب وقال : هذا سماعي من فلان ، جاز لمن سمعه أن يرويه عنه ، سواء ناوله إياه أم لا ، خلافا لبعض المحدثين ، وسواء قال له : اروه عني ، أم لا .
وقيل : إنه لم يقل به من الأصوليين سوى
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر الباقلاني وأتباعه ، ووجهه
القاضي أبو بكر بأنه يجوز أن يناول الكتاب الذي يشك فيما فيه ، وقد يصح عند الغير من حديثه ما يعتقد في كثير منه أنه لا يحدث به لعلل في حديثه هو أعرف بها ، كما أنه قد يتحمل الشهادة من لا يجوز عنده أن يقيمها ، ولا أن يشهد عليها ، فإذا أشهد على شهادته كان ذلك بمثابة أدائه لها ، وعلم أنه في نفسه على صفة تجوز إقامته لها ، فكذلك الإجازة والمناولة من العدل الثقة - انتهى .
وقد مال شيخنا للتسوية بين هذا النوع وبين ثاني النوعين أيضا من القسم بعده ، وقال : إنه لم يظهر لي فرق قوي بينهما إذا خلا كل منهما عن الإذن .