[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم .
الخامس : المكاتبة .
( 532 ) ثم الكتابة بخط الشيخ أو بإذنه عنه لغائب ولو ( 533 ) لحاضر فإن أجاز معها
أشبه ما ناول أو جردها ( 534 ) صح على الصحيح والمشهور
قال به أيوب مع منصور ( 535 ) والليث والسمعان قد أجازه
وعده أقوى من الإجازه ( 536 ) وبعضهم صحة ذاك منعا
وصاحب الحاوي به قد قطعا ( 537 ) ويكتفى أن يعرف المكتوب له
خط الذي كاتبه وأبطله ( 538 ) قوم للاشتباه لكن ردا
لندرة اللبس وحيث أدى ( 539 ) فالليث مع منصور استجازا
أخبرنا حدثنا جوازا ( 540 ) وصححوا التقييد بالكتابه
وهو الذي يليق بالنزاهه
القسم ( الخامس ) من أقسام التحمل (
المكاتبة ) إلى الطالب من الراوي ، والصيغة التي يؤدى بها ، وإلحاقها بالمناولة ( ثم الكتابة ) من الشيخ بشيء من مرويه حديثا فأكثر ، أو من تصنيفه أو نظمه ، ويرسله إلى الطالب مع ثقة مؤتمن بعد تحريره بنفسه ، أو بثقة معتمد ، وشده وختمه احتياطا ليحصل الأمن من توهم تغييره ، وذلك شرط إن لم يكن الحامل مؤتمنا ، تكون ( بخط الشيخ ) نفسه وهو أعلى ( أو بإذنه ) في الكتابة ( عنه ) لثقة غيره ، سواء كان لضرورة أم لا ، وسواء سئل في ذلك أم لا .
( لغائب ) عنه في بلد آخر أو قرية أو نحوهما ، بل ( ولو ) كانت ( لحاضر ) عنده في بلده دون مجلسه ، ويبدأ في الكتابة بنفسه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقول بعد البسملة : من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان . فإن بدأ باسم المكتوب إليه ، فقد كرهه غير واحد من السلف .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يستحب إذا كتب
[ ص: 4 ] الصغير إلى الكبير أن يقدم اسم المكتوب إليه ، وأما هو فكان يبتدئ باسم من يكاتبه كبيرا كان أو صغيرا تواضعا ; وهي كالمناولة على نوعين : .
[
المكاتبة المقترنة بالإجازة ] : فإن أجاز الشيخ بخطه أو بإذنه ( معها ) . أي : الكتابة بقوله : أجزت لك ما كتبته لك ، أو ما كتبت به إليك . أو نحو ذلك من عبارات الإجازات ، وهي النوع الأول المسمى بالكتابة المقترنة بالإجازة .
( أشبه ) حينئذ في القوة والصحة حيث ثبت عند المكاتب أن ذلك الكتاب هو من الراوي المجيز ، تولاه بنفسه أو أمر معروفا بالثقة بكتبه عنه ، ( ما ) إذا ( ناول ) مع الاقتران بالإجازة كما مشى عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في مطلق المناولة والمكاتبة إذ سوى بينهما ، فإنه قال - وذكر المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان - : إن
عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ومالكا رأوا ذلك جائزا .
ولكن قد رجح قوم - منهم
الخطيب - المناولة عليها ; لحصول المشافهة فيها بالإذن دون المكاتبة . وهذا وإن كان مرجحا فالمكاتبة تترجح أيضا بكون الكتابة لأجل الطالب ، ثم مقتضى الاستواء ، فضلا عن القول بترجيح المناولة ، أن يكون المعتمد أن المروي بها أنزل من المروي بالسماع كما هو المعتمد هنا .
ويستأنس له بمناظرة وقعت بين
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه بحضرة
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في جلود الميتة إذا دبغت ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ( دباغها طهورها ) .
قال
إسحاق : ( فما الدليل ؟ ) قال : ( حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن
ميمونة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929894هلا انتفعتم بجلدها ؟ ) ) يعني
[ ص: 5 ] الشاة الميتة ، فقال
إسحاق : ( حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4939ابن عكيم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929895كتب إلينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر : ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) يشبه أن يكون ناسخا له ; لأنه قبل موته بيسير . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هذا كتاب وذاك سماع . فقال
إسحاق : إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى وقيصر ، وكان حجة عليهم .
فسكت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مع بقاء حجته كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16605ابن المفضل المالكي ، يعني : فإن كلامه في ترجيح السماع لا في إبطال الاستدلال بالكتاب ، وكأن
إسحاق لم يقصد الرد لأنه ممن يرى أن
المناولة أنقص من السماع كما سلف هناك ، بل هو ممن أخذ بالحديث الأول
nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي خلافا
لأحمد .
وممن استعمل المكاتبة المقرونة بالإجازة
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش فإنه كتب إلى
يحيى بن يحيى : ( سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، عصمنا الله وإياك من جميع الآفات ، جاءنا
أبو أسامة فذكر أنك أحببت أن أكتب إليك بهذه الأحاديث ، فقد كتبها ابني إملاء مني لها إليه ، فهي حديث مني لك عمن سميت لك في كتابي هذا ، فاروها وحدث بها عني ، فإني قد عرفت أنك هويت ذلك ، وكان
[ ص: 6 ] يكفيك أن تسمع ممن سمعها مني ، ولكن النفس تطلع إلى ما هويت ، فبارك الله لنا ولك في جميع الأمور ، وجعلنا ممن يهوى طاعته ورضوانه ، والسلام عليك ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس : سمعت خالي
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس يقول : قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري لما أراد الخروج إلى
العراق : التقط لي مائة حديث من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب حتى أرويها عنك . قال
مالك : فكتبتها ثم بعثتها إليه .
بل صرح
nindex.php?page=showalam&ids=13362ابن النفيس بنفي الخلاف عن صحة الرواية بها ، وألحق
الخطيب بهذا النوع من الصحة الكتابة بإجازة كتاب معين أو حديث خاص ، كما كتب
nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل بن إسحاق القاضي لأحمد بن إسحاق بن بهلول التنوخي بالإجازة بكتاب ( الناسخ والمنسوخ ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد بن أسلم ، وبـ ( العلل ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني ، وبـ ( الرد على
محمد بن الحسن ) .
وبـ ( أحكام القرآن ) ، و ( مسائل
nindex.php?page=showalam&ids=12427ابن أبي أويس ) و ( المسائل المبسوطة ) عن
مالك ، ولكن هذا قد دخل في أول أنواع الإجازة .
[
المكاتبة المجردة عن الإجازة ] :
( أو ) لم يجز بل ( جردها ) أي الكتابة عن الإجازة وهو النوع الثاني ( صح على الصحيح والمشهور ) عند أهل
[ ص: 7 ] الحديث قال
عياض : ( لأن في نفس كتابه إليه به بخطه ، أو إجابته إلى ما طلبه عنده من ذلك أقوى إذن متى صح عنده أنه خطه وكتابه ) . يعني كما في النوع قبله .
قال : ( وقد استمر عمل السلف فمن بعدهم من الشيوخ بالحديث ) بقولهم : كتب إلي فلان قال : ثنا فلان . وأجمعوا على العمل بمقتضى هذا الحديث ، وعدوه في المسند بغير خلاف يعرف في ذلك ، وهو موجود في الأسانيد كثيرا .
وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح فقال : ( وكثيرا ما يوجد في مسانيدهم ومصنفاتهم ) قولهم : كتب إلي فلان : ثنا فلان . والمراد به هذا ، وذلك معمول به عندهم معدود في المسند الموصول ، وفيها إشعار قوي بمعنى الإجازة ، فهي وإن لم تقترن بالإجازة لفظا فقد تضمنتها معنى .
والحاصل أن الإرسال إلى المكتوب إليه قرينة في أنه سلطه عليه ، فكأنه لفظ له به ، وإذا كان كذلك لم يحتج إلى التلفظ بالإذن .
ونحوه ما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14347الرامهرمزي عن بعض أهل العلم قال : الكتاب المتيقن من الراوي وسماع الإقرار منه سواء ; لأن الغرض من القول باللسان فيما تقع العبارة فيه باللفظ إنما هو تعبير اللسان عن ضمير القلب ، فإذا وقعت العبارة عن الضمير بأي سبب كان من أسباب العبارة ; إما بكتاب ، وإما بإشارة ، وإما بغير ذلك مما يقوم مقامه ، كان ذلك كله سواء .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه أقام الإشارة مقام القول في العبارة ، وذكر حديث الجارية وقوله لها : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929896أين ربك ؟ ) فأشارت إلى السماء .
( قال به ) أي :
[ ص: 8 ] بتصحيح هذا النوع والرواية به ، (
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ) السختياني ( مع
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور ) بن المعتمر . (
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ) بن سعد وخلق من المتقدمين والمتأخرين .
أما
الليث فقد حدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله بن الأشج ،
وخالد بن يزيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16452وعبد الله بن عمر العمري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16519وعبيد الله بن أبي جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ، بالمكاتبة ، بل وصرح فيها بالتحديث ، بل قال
أبو صالح كاتبه : إنه كان يجيز كتب العلم لمن يسأله ، ويراه جائزا واسعا .
وأما الآخران فقال
شعبة : كتب إلي
منصور بحديث ، ثم لقيته فقلت : أحدث به عنك ؟ قال : أو ليس إذا كتبت إليك فقد حدثتك ؟ ثم لقيت
أيوب فسألته ، فقال مثل ذلك ، وعمل به
nindex.php?page=showalam&ids=15926زكريا بن أبي زائدة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16526عبيد الله بن معاذ : إنه كتب وهو قاضي
الكوفة إلى أبيه وهو قاضي
البصرة : ( من
زكريا إلى
معاذ ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، وأسأله أن يصلي على
محمد عبده ، أما بعد ، أصلحنا الله وإياك بما أصلح به الصالحين ، فإنه هو أصلحهم ، حدثنا
العباس بن ذريح عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال : كتبت
عائشة إلى
معاوية رضي الله عنهما : أما بعد ، فإنه من يعمل بمعاصي الله يعد حامده من الناس له ذاما ، والسلام .
وصححه أيضا
[ ص: 9 ] غير واحد من الشافعيين منهم الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني ،
والمحاملي ، وصاحب ( المحصول ) ، ( و )
أبو المظفر ( السمعان ) بحذف ياء النسبة منهم ( قد أجازه ) ; أي : الكتاب المجرد ، بل وعده أقوى من الإجازة المجردة .
وإلى ذلك ، أعني تفضيل الكتابة المجردة على الإجازة المجردة ، صار جماعة من الأصوليين أيضا ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين وكأنه لما فيها من التشخيص والمشاهدة للمروي من أول وهلة ، وإن توقف بعض المتأخرين في ذلك لاستلزامه تقديم الكناية على الصريح ، ( وبعضهم ) أي : العلماء ( صحة ذاك ) أي : المذكور من الكتابة المجردة ( منعا ) كالمناولة المجردة حسبما تقدم فيها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14552السيف الآمدي : ( لا يرويه إلا بتسليط من الشيخ كقوله : فاروه عني ، أو أجزت لك روايته ) .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12858أبو الحسن بن القطان إلى انقطاع الرواية بالكتابة المجردة ، ( و ) الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15151أبو الحسن الماوردي صاحب ( الحاوي الكبير ) فيه ( به ) . أي : بالمنع ( قد قطعا ) ولكن هذا القول غلط كما قاله
عياض أو حكاه ،
[ ص: 10 ] والمعتمد الأول ، وهو صحته وتسويغ الرواية به ، واستدل له
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه بنسخ
عثمان رضي الله عنه المصاحف .
والاستدلال بذلك واضح لأصل المكاتبة لا خصوص المجردة عن الإجازة ، فإن
عثمان أمرهم بالاعتماد على ما في تلك المصاحف ومخالفة ما عداها ، والمستفاد من بعثة المصاحف إنما هو ثبوت إسناد صورة المكتوب فيها إلى عثمان ، لا أصل ثبوت القرآن ، فإنه متواتر عندهم .
بل استدل بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929897بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه رجلا ، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ) . وبحديث
أنس رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929898كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتابا أو أراد أن يكتب .
ووجه دلالتهما على ذلك ظاهر ، بل ويمكن أن يستدل بأولهما للمناولة أيضا من حيث إنه صلى الله عليه وسلم ناول الكتاب لرسوله ، وأمره أن يخبر عظيم
البحرين بأن هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يكن سمع ما فيه ولا قرأه ، وقد صارت كتب النبي صلى الله عليه وسلم دينا يدان بها ، والعمل بها لازم للخلق ، وكذلك ما كتب به
أبو بكر وعمر وغيرهما من الخلفاء الراشدين فهو معمول به ، ومن ذلك كتاب القاضي إلى القاضي يحكم به ويعمل به .
وفي الصحيحين - اجتماعا وانفرادا - أحاديث من هذا النوع من رواية التابعي عن الصحابي ، أو من رواية غير التابعي عن التابعي ، ونحو ذلك ، فمما اجتمعا عليه
[ ص: 11 ] حديث وراد قال : كتب
معاوية إلى
المغيرة رضي الله عنهما أن اكتب إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول . الحديث .
وحديث
عبد الله بن عون قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929899كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال ، فكتب إلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون . الحديث . وفيه : حدثني هذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما ، وكان في ذلك الجيش .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15956سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، وكان كاتبا له ، قال : كتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929900 ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي قال : أتانا كتاب
عمر رضي الله عنه ، ونحن مع
عتبة بن فرقد بأذربيجان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير .
ومما انفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي قال : كتب إلي
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن
عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه رفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929901إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ) .
ومما انفرد به
مسلم حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : كتبت إلى
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة رضي الله عنهما مع غلامي
نافع : أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فكتب إلي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي . فذكر
[ ص: 12 ] الحديث .
بل روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن شيخه بالمكاتبة حيث قال في ( باب إذا حنث ناسيا ) في الأيمان والنذور : كتب إلي
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار . وذكر حديثا
nindex.php?page=showalam&ids=14577للشعبي عن
البراء ، ولم يقع له بهذه الصيغة عن أحد من مشايخه سواه ، وكأنه لم يسمع منه هذا الحديث بخصوصه ، فرواه عنه بالمكاتبة ، وإلا فقد أكثر عنه في صحيحه بالسماع ، وكذا روى بها
أبو داود في سننه فقال : كتب إلي
nindex.php?page=showalam&ids=14128حسين بن حريث أبو عمار المروزي . فذكر حديثا .
[
يكتفى معرفة المكتوب له خط الكاتب في المكاتبة ] :
( ويكتفى ) في الرواية بالكتابة ( أن يعرف المكتوب له ) بنفسه ، وكذا - فيما يظهر - بإخبار ثقة معتمد ، ( خط ) الكاتب ( الذي كاتبه ) وإن لم تقم البينة على الكاتب برؤيته وهو يكتب ذلك ، أو بالشهادة عليه أنه خطه ، أو بمعرفة أنه خطه للتوسع في الرواية .
( وأبطله قوم ) فلم يجوزوا الاعتماد على الخط ، واشترطوا البينة بالرؤية أو الإقرار ، ( للاشتباه ) في الخطوط بحيث لا يتميز أحد الكاتبين عن الآخر ، ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي فإنه قال في ( المستصفى ) : إنه لا يجوز أن يرويه عنه ; لأن روايته شهادة عليه بأنه قاله ، والخط لا يعرفه . يعني جزما . و ( لكن ردا ) هذا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إنه غير مرضي ( لندرة اللبس ) ، والظاهر أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره ، ولا يقع فيه إلباس .
وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12453ابن أبي الدم : ذهب بعض المحدثين وغيرهم
[ ص: 13 ] إلى أنه لا يجوز الاعتماد على الخط من حيث إن الخط يتشابه ، أخذا من الحاكم في أنه لا يجوز له العمل بما يرد عليه من المكاتبات الحكمية من قاض آخر إذا عرف الخط على الصحيح .
وهذا وإن كان له اتجاه في الحكم ، فالأصح الذي عليه العمل ، يعني سلفا وخلفا ، هنا جواز الاعتماد على الخط ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث كتبه إلى عماله فيعملون بها واعتمادهم على معرفتها .
قلت : وإليه ذهب
الإصطخري حيث اكتفى بكتاب القاضي المجرد عن الإشهاد إذا وثق القاضي المكتوب إليه بالخط والختم . والصحيح ما تقدم ، وباب الرواية على التوسعة ، بل صرح في ( زوائد الروضة ) باعتماد خط المفتي إذا أخبره من يقبل خبره أنه خطه ، أو كان يعرف خطه ، ولم يشك في فروع ، منها : لو وجد بخط أبيه الذي لا يشك فيه دينا على أحد ساغ له الحلف فيه ، وحينئذ فمحاكاة الخطوط فيها من المحظور ما لا يخفى ، فيتعين اجتنابه ، وإن حاكى حافظ
دمشق الشمس بن ناصر الدين خط
الذهبي ، ثم حاكاه بعض تلامذته في طائفة .
[
عبارة الراوي بطريق المكاتبة ] :
( بحيث أدى ) المكاتب ما تحمله من ذلك فبأي صيغة يؤدي ، (
nindex.php?page=showalam&ids=15124فالليث ) بن سعد ( مع
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور ) هو ابن المعتمر ( استجازا ) إطلاق : ( أخبرنا وحدثنا جوازا ) لأنهما كما سلف قريبا قالا : أليس إذا كتبت إليك فقد حدثتك ؟ وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16860لوين : كتب إلي وحدثني واحد . ولكن
[ ص: 14 ] الجمهور من أهل الحديث قد منعوا الإطلاق .
( وصححوا التقييد بالكتابة ) فيقول : ثنا أو أنا كتابة أو مكاتبة ، وكذا كتب إلي - إن كان بخطه - ونحو ذلك .
( وهو ) كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح تبعا
للخطيب : ( الذي يليق بـ ) مذاهب أهل التحري في الرواية والورع ( والنزاهة ) ; أي : التباعد عن إيهام التلبيس .
قال
الحاكم : الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما كتب إليه المحدث من مدينة ولم يشافهه بالإجازة : كتب إلي فلان . وكذا قال
الخطيب : كان جماعة من أئمة السلف يفعلونه .