السادس إعلام الشيخ .
( 541 ) وهل لمن أعلمه الشيخ بما يرويه أن يرويه فجزما ( 542 ) بمنعه الطوسي وذا المختار
وعدة كابن جريج صاروا ( 543 ) إلى الجواز وابن بكر نصره
وصاحب الشامل جزما ذكره ( 544 ) بل زاد بعضهم بأن لو منعه
لم يمتنع كما إذا قد سمعه ( 545 ) ورد كاسترعاء من يحمل
لكن إذا صح عليه العمل
القسم ( السادس ) من أقسام أخذ الحديث وتحمله (
إعلام الشيخ ) الطالب لفظا بشيء من مرويه من غير إذن له في روايته عنه ، وأخر مع كونه صريحا عن الكتابة التي هي الإعلام ، كناية لما فيها من التصريح بالإذن في أحد نوعيها .
(
وهل لمن أعلمه الشيخ بما يرويه
) حديثا فأكثر عن شيخ فأكثر ، حسب ما اتفق له وقوعه سماعا أو إجازة أو غيرهما من أقسام التحمل مجردا عن التلفظ بالإجازة
[ ص: 15 ] ( أن يرويه ) أم لا ؟ ( فجزما بمنعه )
nindex.php?page=showalam&ids=14847أبو حامد ( الطوسي ) بضم المهملة من الشافعيين وأئمة الأصول حيث قطع به ، ولم يحك غيره فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح عنه .
والظاهر - كما قال المصنف - أنه
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، وإن كان في أصحابنا ممن وقفت عليه اثنان كل منهما
أحمد بن محمد ، ويعرف بأبي حامد الطوسي ، لكونهما لم يذكر لهم تصانيف .
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ولد
بطوس ، وكان والده يبيع غزل الصوف في دكان بها . وقيل : إنه نسب إلى غزالة - بالتخفيف - قرية من قراها . ولكنه خلاف المشهور لا سيما والمسألة كذلك في ( المستصفى ) .
وعبارته : أما إذا اقتصر على قوله : هذا مسموعي من فلان . فلا تجوز له الرواية عنه ; لأنه لم يأذن له فيها ، يعني بلفظه ولا بما يتنزل منزلته ، وهو تلفظ القارئ عليه ، وهو يسمع ، وإقراره به ولو بالسكوت حتى يكون قول الراوي عنه السامع ذلك : ثنا وأنا صدقا ، وإن لم يأذن له فيه .
وإذا كان كذلك فلعلة - كما قال في ( المستصفى ) : لا تجوز روايته عنه لخلل يعرفه فيه وإن سمعه . يعني كما قررناه في ثاني نوعي المناولة
[ ص: 16 ] عن القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبي بكر الباقلاني ، ولم ينفرد بالمنع ، بل منع ذلك جماعة من المحدثين وأئمة الأصول كما قاله عياض .
( وذا ) : أي : المنع هو ( المختار )
nindex.php?page=showalam&ids=12795لابن الصلاح وغيره ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14552السيف الآمدي في ثاني نوعي الكتابة : إنه لا يروى إلا بتسليط من الشيخ ، كقوله : فاروه عني ، أو أجزت لك روايته . وكذا
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان والماوردي يقتضيه .
( وعدة ) من الأئمة كثيرون (
nindex.php?page=showalam&ids=13036كابن جريج )
nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله بن عمر العمري ، وأصحابه المدنيين
nindex.php?page=showalam&ids=12300كالزهري ، وطوائف من المحدثين ومن الفقهاء
nindex.php?page=showalam&ids=16487كعبد الملك بن حبيب من المالكية ، ومن الأصوليين كصاحب ( المحصول ) وأتباعه ، ومن
أهل الظاهر ( صاروا إلى الجواز ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12458ابن أبي الزناد : ( شهدت
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج جاء إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة فقال : الصحيفة التي أعطيتها فلانا هي حديثك ؟ قال : نعم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : فسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج بعد يقول : ثنا
هشام . وحكاه
عياض عن الكثير ، وأجيب بكون مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16487عبد الملك بن حبيب الجواز من غمزه بروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى مع قول
أسد : إنما طلب مني كتبي لينسخها فلا أدري ما صنع . أو نحو هذا ، بل في
[ ص: 17 ] هذه الصورة زيادة على الإعلام المجرد ، وهي المناولة المجردة أيضا ، ولا يخدش في ذلك كون
أسد لا يجيز الإجازة .
(
وابن بكر ) هو الوليد الغمري في كتابه ( الوجادة ) اختاره ، و ( نصره ) بل ( و )
nindex.php?page=showalam&ids=12785أبو نصر بن الصباغ ( صاحب الشامل جزما ذكره ) أي : ذكره جازما به ، والحجة للجواز القياس على الشهادة فيما إذا سمع المقر يقر بشيء وإن لم يأذن له كما تقدم في المناولة المجردة .
وقال
عياض : إن اعترافه له به وتصحيحه أنه من روايته كتحديثه له بلفظه أو قراءته عليه ، وإن لم يجز له ، ( بل زاد بعضهم ) وهو
nindex.php?page=showalam&ids=14347الرامهرمزي أحد من اختاره فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح تبعا
لعياض ، فصرح ( بأن ) أي : بأنه ( لو منعه ) من روايته عنه بعد إعلامه بأنه من مرويه صريحا بقوله : لا تروه عني ، أو لا أجيزه لك .
( لم يمتنع ) بذلك عن روايته ، يعني فإن الإعلام طريق يصح التحمل به والاعتماد عليه في الرواية به عنه ، فمنعه من ذلك بعد وقوعه غير معتبر ، ولذا قال
عياض : وما قاله صحيح لا يقتضي النظر سواه .
( كما ) أنه لا يمتنع ( إذا ) منعه من التحديث بما ( قد سمعه ) لا لعلة وريبة في المروي ; لكونه هنا أيضا قد حدثه ، يعني إجمالا ، وهو شيء لا يرجع فيه كما سلف في ثامن الفروع التي قبيل الإجازة ، ( و ) لكن قد ( رد ) أي : القول بالجواز ( كـ ) ما في مسألة ( استرعاء ) الشاهد ( من يحملـ ) ـه الشهادة حيث لا يكفي إعلامه بذلك أو سماعه منه في غير مجلس الحكم ، بل لا بد أن يأذن له أن يشهد على شهادته ; لجواز أن يمتنع من إقامتها لتشكك أو ارتياب يدخله عند أدائها أو
[ ص: 18 ] الاستئذان في نقلها عنه ، فكذلك هنا ، أشار إليه
عياض .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وهذا مما تساوت فيه الرواية والشهادة ; لأن المعنى يجمع بينهما فيه وإن افترقتا في غيره . انتهى .
وما خدش به
عياض في الاستواء من كونه إذا سمعه يؤديها عند الحاكم تسوغ له الشهادة عليه بدون إذن على المعتمد ، وكذا لو سمعه يشهد شخصا أو سمعه يبين السبب كما ألحقهما غيره بها ، قد يجاب عنه بأن بذلك كله زال ما كنا نتوهمه من احتمال أن يكون في نفسه ما يمنعه من إقامتها ، كما أنه يسوغ لمن قرأ أو سمع رواية ذلك بغير إذن اتفاقا ، بل ويمكن التخلص بهذا أيضا من منع بعض المتأخرين صحة القياس على الشهادة في غير مجلس الحكم ، وقال : إنما يصح إذا كان بمجلس الحكم .
وقرر المنع بأن الرواية لا تتوقف على مجلس الحكم لأنها شرع عام ، والإثبات بأن المؤثر هو الشهادة في مجلس الحكم كما أن قول الراوي : أرويه عن فلان . مؤثر في إيجاب العمل مع الثقة ، وذاك يقتضي جواز
الرواية بغير إذن .
قال : وعلى تقدير صحة القياس في الصورة الأولى فالشهادة على الشهادة نيابة ، فاعتبر فيها الإذن ، ولهذا لو
قال له بعد التحمل : لا تؤد عني . امتنع عليه الأداء بخلاف الرواية . وهذا ليس على إطلاقه ، بل منعه لريبة وعلة مؤثرة ، وحينئذ فما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح من استوائهما في هذه المسألة صحيح .
وترجح توجيه المنع بدون إذن في الرواية ، وهو الذي مشى عليه شيخنا ( لكن إذا صح ) عند أحد من المتقدمين ، كما عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، أو المتأخرين على
[ ص: 19 ] المختار ما حصل الإعلام به من الحديث بحيث حصل الوثوق به ، يجب ( عليه العمل ) بمضمونه إن كان أهلا ، وإن لم تجز له روايته ; لأن العمل تكفي فيه صحته في نفسه ، ولا يتوقف على أن تكون له به رواية كما سلف في نقل الحديث من الكتب المعتمدة .
وحكى
عياض عن محققي الأصوليين أنهم لا يختلفون فيه ، مع ذهاب بعضهم إلى منع الرواية به كما تقدم ، وإن كان مقتضى منع
أهل الظاهر ومن تابعهم من العمل بالمروي بالإجازة كالمرسل منعه هنا من باب أولى .
ولذا قال
البلقيني هنا : كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم السابق ، يعني في الإجازة ، يقتضي منع هذا أيضا .