[ صحة
السماع بدون النظر في الكتاب ] :
( ولينظر السامع ) استحبابا ( حين يطلب ) أي : يسمع ( في نسخة ) إما له أو لمن حضر من السامعين أو الشيخ ، فهو أضبط وأجدر أن يفهم معه ما يسمع ، لوصول المقروء إلى قلبه من طريقي السمع والبصر كما أن الناظر في الكتاب إذا تلفظ به يكون أثبت في قلبه ; لأنه يصل إليه
[ ص: 83 ] من طريقين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار في ( الموفقيات ) : ( دخل علي أبي وأنا أنظر في دفتر وأروي فيه بيني وبين نفسي ولا أجهر ، فقال لي : إنما لك من روايتك هذه ما أدى بصرك إلى قلبك ، فإذا أردت الرواية فانظر إليها واجهر بها ، فإنه يكون لك منها ما أدى بصرك إلى قلبك ، وما أدى سمعك إلى قلبك ) .
ولهذا قال
الخطيب : ( حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14172أبو عبد الله الحميدي ) قال : أتى جماعة من الطلبة الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14074أبا إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله المصري الحبال ليسمعوا منه جزءا ، فأخرج به عشرين نسخة ، وناول كل واحد نسخة يعارض بها .
ويتأكد النظر إذا أراد السامع النقل منها ، كما صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح تبعا
للخطيب ، لكونه حينئذ كأنه قد تولى العرض بنفسه ، وبهذا يظهر مناسبة إدخال هذا الفرع في الترجمة ، وبكونه مستحبا صرح
الخطيب ، ويشهد له قول
علي بن عبد الصمد المكي : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل : أيجزئ ألا أنظر في النسخة حين السماع وأقول : ثنا . مثل الصك شهد بما فيه ولو لم ينظر فيه ؟ فقال لي : لو نظرت في الكتاب كان أطيب لنفسك .
[ ص: 84 ] ( وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى ) بن معين كما رواه
الخطيب في ( الكفاية ) من طريقه بسند فيه وجادة ، وأورده لذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بصيغة التمريض ( يجب ) النظر ، وذلك أنه سئل عمن لم ينظر في الكتاب والمحدث يقرأ : أيجوز له أن يحدث بذلك عنه ؟ فقال : أما عندي فلا ، ولكن عامة الشيوخ هكذا سماعهم . قال : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب يحدث من الكتاب ثم يلقيه إليهم فيكتبونه من غير أن يكونوا قد نظروا فيه . ولم ينفرد
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين بهذا ، فقد أورد
الخطيب أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13621أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وارة أنه قال : أنتم أهل بلد ينظر إليكم ، يجيء رجل يسألني في أحاديث وأنتم لا تنظرون فيها ثم تكتبونها ، لا أحل لمن لم ينظر في الكتاب أن ينسخ منها شيئا .
ونحوه عن
عبد الرزاق قال : لما قدم علينا
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري قال : ائتوني برجل يكتب ، خفيف الكتاب . قال : فأتينا
nindex.php?page=showalam&ids=17248بهشام بن يوسف فكان هو يكتب ونحن ننظر في الكتاب ، فإذا فرغ ختمنا الكتاب حتى ننسخه . لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إن هذا من مذاهب المتشددين في الرواية ، والصحيح عدم اشتراطه وصحة السماع ولو لم ينظر أصلا في الكتاب حالة السماع . انتهى .
ويمكن أن يخص الاشتراط بما إذا لم يكن صاحب النسخة مأمونا موثوقا
[ ص: 85 ] بضبطه ، ولم يكن تقدم العرض بأصل الراوي ، فإنه حينئذ ، كما اقتضاه كلام
الخطيب ، لا بد من النظر ، وعبارته : ( وإذا كان صاحب النسخة مأمونا في نفسه ، موثوقا بضبطه ، جاز لمن حضر المجلس أن يترك النظر معه اعتمادا عليه في ذلك ، بل ويجوز ترك النظر حين القراءة إذا كان العرض قد سبق بالأصل ) .
ثم ما تقدم من اشتراط
الخطيب المقابلة في صحة الرواية هو المعتمد بين المتقدمين ، وبه صرح
عياض أيضا فقال : ( لا يحل للمسلم التقي الرواية مما لم يقابل ، ولا ينخدع في الاعتماد على نسخ الثقة العارف ، ولا على نسخه هو بيده بدون مقابلة وتصحيح ; فإن الفكر يذهب ، والقلب يسهو ، والبصر يزيغ ، والقلم يطغى . بل واختاره من المتأخرين
nindex.php?page=showalam&ids=12453ابن أبي الدم ، فقال : لا يجوز أن يروي عن شيخه شيئا سمعه عليه من كتاب لا يعلم هل هو كل الذي سمعه أو بعضه ؟ وهل هو على وجهه أو لا ؟ ) .