فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ الأقوال الخمسة في كيفية الضرب ] :

( وصله ) أي : الضرب ( بالحروف ) [ ص: 100 ] المضروب عليها بحيث يكون مختلطا بها حال كونه ( خطا ) كما نقله عياض عن أكثر الضابطين . قال : ويسمى أيضا - يعني : عند المغاربة - الشق . انتهى .

وهو مأخوذ من الشق ، وهو الصدع في الإناء ، زجاجا أو غيره ، لاشتراكهما في الصدع ، لا سيما والحرف صار بالخط فوقه كأنه شق ، أو من شق العصى وهو التفريق ، لكونه فرق بين الثابت والزائد .

قال المصنف : ويوجد في بعض النسخ من ابن الصلاح : النشق . بزيادة نون مفتوحة في أوله وسكون المعجمة ، فإن لم يكن تصحيفا وتغييرا من النساخ فكأنه مأخوذ من نشق الظبي في الحبالة وهي التي يصاد بها ; أي : علق فيها من جهة إبطال حركة الكلمة بالخط وإهمالها حيث جعلت في صورة وثاق يمنعها من التصرف . انتهى .

ومنه : رجل نشق إذا كان ممن يدخل في أمور لا يكاد يتخلص منها . ونحو ما نقله عياض قول الرامهرمزي ، وتبعه الخطيب وغيره : أجود الضرب ألا يطمس الحرف المضروب عليه ، بل يخط من فوقه خطا جيدا بينا يدل على إبطاله ، ولا يمنع قراءته . يعني للأمن من الارتياب ( أو لا ) تصل خط الضرب بالمضروب عليه ، بل اجعله أعلاه كالأول أيضا لكن منفصلا عنه ( مع عطفه ) ; أي : الخط من طرفي المضروب عليه بحيث يكون كالنون المنقلبة .

أشار إليه عياض عن بعضهم وقال - وتبعه ابن الصلاح - : ( إن منهم من يستقبح هذا الضرب بقسميه ويراه تسويدا وتغليسا ويقتصر على غيره مما [ ص: 101 ] سيأتي ) ( أو كتب ) ; أي : ويبعد الزائد أيضا بكتب ( لا ) أو ( من ) في أوله ( ثم إلى ) في آخره ، وذلك - والله أعلم - فيما يجوزون أن نفيه أو إثباته غير متفق عليه في سائر الروايات ، ولذا يضاف إليه ببعض الأصول الرمز لمن وقع عنده أو نفي عنه من الرواة ، وقد يقتصر على الرمز لكن حيث يكون الزائد كلمة أو نحوها .

وقد قال ابن الصلاح تبعا لعياض : ( إن مثل هذه العلامة تحسن فيما ثبت في رواية وسقط من أخرى ) ، ( أو نصف ) ; أي : يبعد الزائد أيضا بتحويق نصف ( دارة ) كالهلال ، حكاهما عياض عن بعضهم ، واستقبح غيره ثانيهما كما حكاه ابن الصلاح ، ( وإلا صفرا ) ; أي : يبعد بتحويق صفر ، وهو ( دائرة ) منطبقة صغيرة ، حكاه عياض عن بعض الأشياخ المحسنين لكتبهم .

قال : وسميت بذلك لخلو ما أشير إليه بها عن الصحة ، كتسمية الحساب لها بذلك لخلو موضعها من عدد .

ثم إذا أشير للزائد بواحد من الصفر ونصف الدائرة فليكن في كل جانب بأصل الكتاب إن اتسع المحل ولم يلتبس بالدارة التي تجعل فصلا بين الحديثين ونحو ذلك ، وإلا فأعلى الزائد كالعلامة قبلهما .

( وعلم ) أيها الطالب لما تبعده بأحد ما تقدم .

( سطرا ) سطرا إذا ما كثرت سطوره ) ; أي : الزائد ، بأن تكرر تلك العلامة في أول كل سطر وآخره لما فيه من البيان والإيضاح .

( أو لا ) تكررها بل اكتف بها في طرفي الزائد فقط . حكاه عياض عن بعضهم .

( وإن حرف ) يعني كلمة أو غيرها ( أتى تكريره ) غلطا ( فابق ) على وجه الاستحباب ( ما ) هو ( أول سطر ) سواء كان الأول من المكرر أو الثاني ( ثم ) إن يكن أحدهما بأوله ، فأبق ( ما ) هو ( آخر سطر ) [ ص: 102 ] بحيث يكون المضروب عليه حينئذ هو الأول مراعاة لأوائل السطور ثم أواخرها أن تطمس وتشوه ، ثم إن كان التكرار لهما وسط السطر ( فابق ما تقدما ) منهما لأنه قد كتب على الصواب ، والثاني خطأ ، فهو أولى بالإبطال .

( أو استجد ) ; أي : أبق أجودهما صورة وأدلهما على قراءته .

وهذان ( قولان ) أطلق الرامهرمزي وغيره حكايتهما في أصل المسألة من غير مراعاة لأوائل السطور ، ومحلهما عند عياض ما إذا كانا في وسط السطر كما بيناه .

( وما لم يضف ) المكرر ( أو يوصف أو نحوهما ) بالنقل كالعطف عليه والخبر عنه ، فإن كان كذلك ( فألف ) بين المضاف والمضاف إليه ، وبين الصفة والموصوف ، وبين المبتدأ والخبر ، بأن تضرب على الحرف المتطرف من المتكرر دون المتوسط ، ولا تفصل بالضرب بين ذلك مراعيا بالفصل لا أول ولا أجود ; إذ مراعاة المعاني المقربة للفهم أولى من ذلك . واستحسنه ابن الصلاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية