( 699 ) واعقد للاملا مجلسا فذاك من أرفع الاسماع والأخذ ثم إن ( 700 ) تكثر جموع فاتخذ مستمليا
محصلا ذا يقظة مستويا ( 701 ) بعال أو فقائما يتبع ما
يسمعه مبلغا أو مفهما ( 702 ) واستحسنوا البدء بقارئ تلا
وبعده استنصت ثم بسملا ( 703 ) فالحمد فالصلاة ثم أقبل
يقول من أو ما ذكرت وابتهل ( 704 ) له وصلى وترضى رافعا
والشيخ ترجم الشيوخ ودعا ( 705 ) وذكر معروف بشيء من لقب
كغندر أو وصف نقص أو نسب ( 706 ) لأمه فجائز ما لم يكن
يكرهه كابن علية فصن (707 ) وارو في الإملا عن شيوخ قدم
أولاهم وانتقه وأفهم [ ص: 248 ] ( 708 ) ما فيه من فائدة ولا تزد
عن كل شيخ فوق متن واعتمد ( 709 ) عالي إسناد قصير متن
واجتنب المشكل خوف الفتن ( 710 ) واستحسن الإنشاد في الأواخر
بعد الحكايات مع النوادر ( 711 ) وإن يخرج للرواة متقن
مجالس الإملاء فهو حسن ( 712 ) وليس بالإملاء حين يكمل
غنى عن العرض لزيغ يحصل
[
استحباب عقد مجلس الإملاء ] :
( واعقد ) إن كنت محدثا عارفا ( للاملا ) بالنقل وبالقصر للضرورة ، في الحديث ( مجلسا ) من كتابك أو حفظك ، والحفظ أشرف ، لا سيما وقد اختلف في التحديث من الكتاب كما تقدم بسطه في صفة رواية الحديث .
( فذاك ) أي : الإملاء ( من أرفع ) وجوه ( الاسماع ) بالنقل أيضا ، من المحدث ، ( والأخذ ) أي : التحمل للطالب ، بل هو أرفعها عند الأكثرين كما بينته مع تعليله في أول أقسام التحمل ، ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14508الحافظ السلفي فيما رويناه عنه :
واظب على كتب الأمالي جاهدا من ألسن الحفاظ والفضلاء
فأجل أنواع العلوم بأسرها ما يكتب الإنسان في الإملاء
قال
الخطيب في ( جامعه ) : إنه أعلى مراتب الراوين ، ومن أحسن مذاهب المحدثين مع ما فيه من خصال الدين والاقتداء بسنن السلف الصالحين . انتهى .
ومن فوائده اعتناء الراوي بطرق الحديث وشواهده ومتابعه وعاضده بحيث بها يتقوى ، ويثبت لأجلها حكمه بالصحة أو غيرها ، ولا يتروى ، ويرتب عليها إظهار الخفي من العلل ، ويهذب اللفظ من الخطأ والزلل .
ويتضح ما لعله يكون غامضا في بعض الروايات ، ويفصح بتعيين ما أبهم أو أهمل أو أدرج ، فيصير من الجليات ، وحرصه على ضبط غريب المتن والسند ، وفحصه عن المعاني التي
[ ص: 249 ] فيها نشاط النفس بأتم مستند ، وبعد السماع فيها عن الخطأ والتصحيف الذي قل أن يعرى عنه لبيب أو حصيف .
وزيادة التفهم والتفهيم لكل من حضر من أجل تكرر المراجعة في تضاعيف الإملاء والكتابة والمقابلة على الوجه المعتبر ، وحوز فضيلتي التبليغ والكتابة ، والفوز بغير ذلك من الفوائد المستطابة ، كما قرره
الرافعي وبينه ونشره وعينه .
يقال : أمليت الكتاب إملاء وأمللت إملالا . جاء القرآن بهما جميعا قال تعالى :
فليملل وليه فهذا من " أمل " ، وقال تعالى :
فهي تملى عليه فهذا من " أملى " .
فيجوز أن تكون اللغتان بمعنى واحد ، ويجوز أن يكون أصل " أمليت " أمللت ، فاستثقل الجمع بين حرفين في لفظ واحد ، فأبدلوا من أحدهما ياء كما قالوا : تظننت . يعني : حيث أبدلوا من إحدى النونين ياء فقالوا : التظني . وهو إعمال الظن ، وكأنه من قولهم : أملى الله له . أي أطال عمره .
فمعنى : أمليت الكتاب على فلان : أطلت قراءتي عليه . قاله
النحاس في ( صناعة الكتاب ) وهو طريقة مسلوكة في القديم والحديث ، لا يقوم به إلا أهل المعرفة .
وقد أملى النبي صلى الله عليه وسلم الكتب إلى الملوك وفي المصالحة يوم
الحديبية وفي غير ذلك ، وأملى
واثلة رضي الله عنه - كما رواه
معروف الخياط - الأحاديث على
[ ص: 250 ] الناس وهم يكتبونها عنه ، وممن أملى ;
شعبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12514وسعيد بن أبي عروبة ،
وهمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع ،
nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة ،
ومالك ،
وابن وهب ،
وأبو أسامة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17376ويزيد بن هارون ،
وعاصم بن علي ،
وأبو عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16719وعمرو بن مرزوق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15061وأبو مسلم الكجي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14907وجعفر الفريابي ،
والهجيمي ، في خلق يطول سردهم ، ويتعسر عدهم ، من المتقدمين والمتأخرين
كابن بشران ،
والخطيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=14508والسلفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر ،
والرافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12795وابن الصلاح ،
والمزي ،
والناظم .
وكان الإملاء انقطع قبله دهرا ، وحاوله
التاج السبكي ، ثم ولده
الولي العراقي ، على إحيائه ، فكان يتعلل برغبة الناس عنه ، وعدم موقعه منهم ، وقلة الاعتناء به ، إلى أن شرح الله صدره لذلك ، واتفق شروعه فيه
بالمدينة الشريفة ، ثم عقده
بالقاهرة في عدة مدارس .
وكذا أملى يسيرا في زمنه
السراج بن الملقن ، ولم يرتض شيخنا صنيعه فيه ، وبعدهما
الولي العراقي بالحرمين وعدة مدارس من
القاهرة ، وشيخنا
بالشام وحلب ومصر
وبالقاهرة في عدة مدارس ، واقتديت بهم في ذلك بإشارة بعض محققي شيوخي ، فأمليت
بمكة وبعدة أماكن من
القاهرة ، وبلغ عدة ما أمليته من المجالس إلى الآن نحو الستمائة ، والأعمال بالنيات .
واختلف صنيعهم في تعيين يوم لذلك ، وكذا في تعدد يوم من الأسبوع ،
[ ص: 251 ] وعين شيخنا لذلك يوم الثلاثاء خاصة ، وقبل ذلك يوم الجمعة بعد صلاتها ، وهو المستحب ، وكذا يستحب أن يكون في المسجد ; لشرفهما ، فقد قال
كعب : ( إن الله تعالى اختار الأيام فجعل منهن الجمعة ، والبقاع فجعل منهن المساجد ) .
وقال
علي : ( المساجد مجالس الأنبياء ، وحرز من الشيطان ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبو إدريس الخولاني : ( المساجد مجالس الكرام ) .
ويروى في المرفوع : (
المسجد بيت كل تقي ) . وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز بأمر أهل العلم بنشره في المساجد فإن السنة كانت قد أميتت .
واجلس مستقبل القبلة مستعملا ما تقدم قريبا في نفسك ومع أصحابك ، وعند الابتداء والانتهاء ، وفي خفة المجلس ، فلا فرق .