[
اتخاذ المستملي وأوصافه وآدابه ] :
( ثم إن تكثر جموع ) من الحاضرين ( فاتخذ ) وجوبا كما صرح به
الخطيب ، ( مستمليا ) يتلقن منك للاحتياج إليه ، وإن تقل
[ ص: 252 ] فلا ; لعدم الاحتياج إليه غالبا ، ثقة ( محصلا ذا يقظة ) وفهم وبراعة في الفن ، يبلغ عنك الإملاء إلى من بعد في الحلقة اقتداء بأئمة الحديث وحفاظه
كمالك وشعبة nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع .
بل روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهما من حديث
رافع بن عمرو قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929992رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى ، على بغلة شهباء ، وعلي رضي الله عنه يعبر عنه ) .
والحذر أن يكون مغفلا بليدا ، كالمستملي الذي قال لممليه - وقد قال له : ثنا عدة . ما نصه - : عدة ابن من ؟ فقال له المملي : عدة ابن فقدتك .
وكالآخر الذي قال لممليه - وقد قال له : عن
أنس قال رسول ، كذا في كتابي ، وهو رسول الله ، إن شاء الله . ما نصه - : قال رسول ، وشك
أبو عثمان - وهي كنية المملي - في الله . فقال له المملي : كذبت يا عدو الله ، ما شككت في الله قط .
وكالآخر الذي كان ممليه يقول له : حدثنا
حماد بن خالد . فيكتبه :
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، ويستمليه
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، ثم يرجع إلى بيته فلا يحسن قراءته أصلا فيقوم عند ذلك لزوجته فيضربها ، فتستغيث المرأة بالمملي . في حكايات من هذا النمط مضحكة ، تقدم بعضها في الفصل الخامس من الباب قبله .
وقد قيل في كاتب :
أقول له بكرا فيسمع خالدا ويكتبه زيدا ويقرؤه عمرا
وأيضا :
[ ص: 253 ] .
يعي غير ما قلنا ويكتب غير ما وعاه ويقرأ غير ما هو كاتب
.
فإن تكاثر الجمع بحيث لا يكفي واحد ، فزد بحسب الحاجة ، فقد كان
لعاصم بن علي الذي حزر مجلسه بأكثر من مائة ألف إنسان ، مستمليان .
nindex.php?page=showalam&ids=15061ولأبي مسلم الكجي الذي حزر بنيف وأربعين ألف محبرة سوى النظارة ، سبعة يتلقى بعضهم عن بعض .
ويستحب أن يكون المستملي جهوري الصوت ، فقد شبهه بعضهم بالطبال في العسكر ، وأن يكون كما قال
الخطيب وابن السمعاني مقيدا له بما إذا كثر العدد بحيث لا يرون وجهه ، ( مستويا ) أي : جالسا ، ( بـ ) مكان ( عال ) ، من كرسي ونحوه ، ( أو فقائما ) على رجليه
nindex.php?page=showalam&ids=13382كابن علية بمجلس
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11790وآدم بن أبي إياس بمجلس
شعبة ، بل كان بعض الصالحين يقرأ على شيخنا وهو قائم ، وفعلته معه غير مرة لضرورة اقتضت ذلك ، ولا شك أن الجلوس بالمكان المرتفع أو قائما أبلغ للسامعين ، وفيه تعظيم للحديث وإجلال له .
( يتبع ) ذلك المستملي ( ما يسمعه ) منك ويؤديه على وجهه من غير تغيير ، وذلك مستحب كما صرح به
الخطيب وابن السمعاني ، ثم رجعا إلى الوجوب ،
[ ص: 254 ] وعبارتهما معا : ويستحب ألا يخالف لفظ المملي في التبليغ عنه ، بل يلزمه ذلك خاصة إذا كان الراوي من أهل الدراية والمعرفة بأحكام الرواية .
وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أيضا يشعر بالوجوب ، وهو الظاهر من قوله : وعليه أن يتبع . إلى آخره .
( مبلغا ) بذلك من لم يبلغه لفظ المملي ، ( أو مفهما ) به من بلغه على بعد ولم يتفهمه ، فيتوصل بصوت المستملي إلى تفهمه وتحققه .
وقد تقدم بيان الحكم فيمن لم يسمع إلا من المستملي ، دون المملي في الفرع الخامس من الفروع التالية لثاني أقسام التحمل ، بما أغنى عن إعادته .