[
الأخذ عمن هو فوقه ودونه ومثله ] :
( واكتب ) حيث لزمت ترك التكبر بالسند عمن لقيته ( ما تستفيده ) ; أي : الذي تحصل لك به فائدة من الحديث ونحوه ، ( عاليا ) كان سنده ( أو نازلا ) عن شيخك أو رفيقك أو من دونك في الرواية أو الدراية أو السن أو فيهما جميعا ، فالفائدة ضالة المؤمن حيثما وجدها التقطها ، بل قال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وسفيان : إنه لا ينبل المحدث حتى يكتب عمن هو فوقه ومثله ودونه .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك يكتب عمن دونه ، فيقال له ، فيقول : لعل الكلمة التي فيها نجاتي لم تقع لي .
وهكذا كانت سيرة السلف الصالح ، فكم من كبير روى عن صغير كما سيأتي في بابه ، وأوردت في ترجمة شيخنا من روايته عن جمع من رفقائه ، بل وتلامذته ، جملة .
وفي ( صحيح
مسلم ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كنت أقرئ رجالا من
المهاجرين ; منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف . وكذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام يقرأ على
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل ، وقيل له : أتقرأ على هذا الغلام الخزرجي ؟ فقال : إنما أهلكنا التكبر .
والأصل في هذا قراءته صلى الله عليه وسلم مع عظيم منزلته على
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، وقالوا : إنما قرأ
[ ص: 296 ] عليه مع كونه لم يستذكر منه بذلك العرض شيئا ; ليتواضع الناس ، ولا يستنكف الكبير أن يأخذ العلم عمن هو دونه مع ما فيه من ترغيب الصغير في الازدياد إذا رأى الكبير يأخذ عنه ، كما يحكى أن بعضهم سمع صبيا في مجلس بعض العلماء يذكر شيئا ، فطلب القلم وكتبه عنه ، فلما فارقه قال : والله إني لأعلم به منه ، ولكن أردت أن أذيقه حلاوة رياسة العلم ; ليبعثه على الاستكثار .
ووقف
nindex.php?page=showalam&ids=16805القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري على جزء من حديث
أبي الفضل الخزاعي فيه حكايات مليحة مما قرأه
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبو سعد السمعاني أحد تلامذته
بالكوفة على الشريف
عمر بن إبراهيم الحسني بإجازته من
محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي ، فكتبه بخطه ثم أمره بإسماعه له ، فقال له : كيف هذا يا سيدي وأنا أفتخر بالسماع منك ؟ فقال له : ذاك بحالة .
قال
أبو سعد : فقرأته وسمعه القاضي مني مع جماعة ، وأمر بكتابة اسمه ففعلوا ، وكتب هو بخطه أول الجزء : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبو سعد السمعاني .
ولا تأنف من تحديثك عمن دونك ، فقد روينا في ( الوصية )
nindex.php?page=showalam&ids=13564لأبي القاسم بن منده من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15787خارجة بن مصعب أنه قال : من سمع حديث من هو دونه فلم يروه فهو مراء ، لا سيما وقد فعله غير واحد . وفي رواية الأكابر عن الأصاغر والآباء عن الأبناء والأقران لذلك أمثلة كثيرة .
[ ص: 297 ] .
وتوسط جماعة فرووا عمن دونهم مع تغطيتهم بنوع من التدليس ، بحيث لا يميزهم إلا الحاذق .