[
حفظ الكتب والمذاكرة بعده ] :
( واحفظه ) ; أي : الحديث ، ( بالتدريج ) قليلا قليلا مع الأيام والليالي ، فذلك أحرى بأن تمتع بمحفوظك ، أو أدعى لعدم نسيانه ، ولا تنشره في كثرة كمية المحفوظ مع قلة مرات الدرس وقلة الزمان الذي هو ظرف المحفوظ . وكذا لا تأخذ نفسك بما لا طاقة لك به ، بل اقتصر على اليسير الذي تضبطه وتحكم حفظه وإتقانه ; لقوله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930028خذوا من الأعمال ما تطيقون ) .
ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : كنت آتي
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ومنصورا فأسمع أربعة
[ ص: 315 ] أحاديث خمسة ، ثم أنصرف كراهية أن تكثر وتفلت . رويناه في ( الجامع )
للخطيب . وعنده عن
شعبة nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية ومعمر نحوه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : من طلب العلم جملة فاته جملة ، وإنما يدرك العلم حديث وحديثان . وعنه أيضا قال : إن هذا العلم إن أخذته بالمكاثرة له غلبك ، ولكن خذه مع الأيام والليالي أخذا رفيقا تظفر به .
( ثم ) بعد حفظك له ( ذاكر به ) الطلبة ونحوهم ، فإن لم تجد من تذاكره فذاكر مع نفسك ، وكرره على قلبك ،
فالمذاكرة تعينك على ثبوت المحفوظ ، وهي من أقوى أسباب الانتفاع به .
والأصل فيها معارضة
جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل رمضان ، ويروى عن
أنس قال : (
كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث ، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه ) . وفي حديث مرفوع : (
أن المؤمن نساء إذا ذكر ذكر ) .
وقال
علي : ( تذاكروا هذا الحديث ، إن لا تفعلوا يدرس ) ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : ( تذاكروا الحديث ; فإن حياته مذاكرته ) ، ونحوه عن
أبي سعيد [ ص: 316 ] الخدري nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد : ذاكر بعلمك تذكر ما عندك ، وتستفيد ما ليس عندك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16419عبد الله بن المعتز : من أكثر مذاكرة العلماء لم ينس ما علم ، واستفاد ما لم يعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ، ولو أن يحدث به من لا يشتهيه . وقد كان
إسماعيل بن رجاء يجمع صبيان الكتاب ، ويحدثهم كي لا ينسى حديثه . ونحوه ما اعتذر به
ابن المجدي عن
القاياتي في إقرائه مشكل الكتب للمبتدئين ، أن ذلك لئلا ينفك إدمانه في تقريرها . وقيل : حب التذاكر أنفع من حب البلاذر . وقيل أيضا : حفظ سطرين خير من كتابة وقرين ، وخير منهما مذاكرة اثنين .
ولبعضهم :
من حاز العلم وذاكره صلحت دنياه وآخرته فأدم للعلم مذاكرة
فحياة العلم مذاكرته
[ ص: 317 ] ( و ) لا تتساهلن في المذاكرة ، بل ( الاتقان ) بالنصب مفعول مقدم ، فيها وفي شأنك كله ( اصحبن ) بنون التأكيد الخفيفة ، فالحفظ - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي - الإتقان .