[
تفسير الغريب بما ورد في بعض طرقه ] ( وخير ما فسرته ) ; أي : الغريب ، ( بـ ) المعنى ( الوارد ) في بعض الروايات مفسرا لذلك اللفظ ; ( كالدخ ) بضم الدال المهملة عند الأكثر ، وحكى
ابن السيد فيها الفتح أيضا ، بعدها معجمة ; فإنه جاء في رواية أخرى ما يقتضي تفسيره ( بالدخان ) مع كونه لغة حكاها
ابن الدريد وابن السيد والجوهري وآخرون ، قال الشاعر :
عند رواق البيت يغشى الدخا
في القصة المتفق عليها ، (
لابن صائد ) بمهملتين بينهما ألف ثم مثناة :
أبي عمارة عبد الله ، الذي يقال له : ابن صياد أيضا ، وكان يقال : إنه الدجال .
nindex.php?page=showalam&ids=12070فالبخاري أخرجها من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17248هشام بن يوسف ،
ومسلم من حديث
عبد الرزاق ، كلاهما عن
معمر ، عن
[ ص: 34 ] nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
سالم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قال له : ( خبأت لك خبيئا ) . قال
ابن صائد : هو الدخ . ( كذاك ) ; أي : كونه الدخان ، ثبت ( عند
الترمذي ) في جامعه وقال : إنه صحيح . وكذا عند
أبي داود ، كلاهما من حديث
عبد الرزاق ، وأخرجه
أحمد عنه أيضا . واتفق الثلاثة على قولهم : وخبأ له ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - : (
يوم تأتي السماء بدخان مبين ) .
بل في رواية أخرى عند
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث
أبي ذر : فأراد
ابن صياد أن يقول : الدخان . فلم يستطع ، فقال : الدخ الدخ . وذلك كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان ; ولهذا قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اخسأ ، فلن تعدو قدرك ) ; أي : فلا مزيد لك على قدر إدراك الكهان .
ووقع في رواية أخرى عند
البزار أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط من حديث
أبي الطفيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة قال : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - خبأ له سورة الدخان ) : . وكأنه أطلق السورة وأراد بعضها .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12168أبو موسى المديني أن السر في امتحان النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية الإشارة إلى أن
عيسى ابن مريم عليه السلام يقتل الدجال بحبل الدخان ، كما في رواية
أحمد من حديث
أبي الزبير عن
جابر ، فأراد التعريض
لابن صائد بذلك ; لأنه كان يظن أنه
[ ص: 35 ] الدجال . على أن
الخطابي استبعد تفسير الدخ بالدخان ، وصوب أنه خبأ له الدخ ، وهو نبت يكون من البساتين . وسبب استبعاده أن الدخان لا يحط في اليد ولا الكم ، ثم قال : إلا أن يكون خبأ له اسم الدخان في ضميره .
(
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ) أبو عبد الله ( فسره ) أيضا في علومه ( الجماع ) ; أي : بالجماع ، ( وهو ) كما اتفق عليه الأئمة ( واهم ) في ذلك ، حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إنه تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن . ولفظ
الحاكم : سألت الأدباء عن تفسير الدخ ، فقال : كذا يدخها ويزخها - يعني بالزاء بدل الدال - بمعنى واحد ، الدخ والزخ . قال : والمعنى الذي أشار إليه
ابن صائد - خذله الله فيه - مفهوم ، ثم أنشد
لعلي رضي الله عنه : طوبى لمن كانت له مزخه يزخها ثم ينام الفخه فالمزخة بالفتح : هي المرأة ، قاله
الجوهري . ومعنى يزخها : يجامعها . والفخة : أن ينام فينفخ في نومه . ويؤيد وهم
الحاكم رواية
أبي ذر الماضية ; لما فيه من قوله : فأراد
ابن صائد أن يقول : الدخان . فلم يستطع .
بل قال المصنف : إنه لم ير في كلام أهل اللغة أن الدخ بالدال هو الجماع ، وإنما ذكره بالزاء فقط . وإذا كان كل من
الحاكم والخطابي مع كونه من أئمة الفن صدر منه خلاف الرواية في معنى هذا اللفظ ،
[ ص: 36 ] فكيف ممن دونهما على أن من الغريب ما لا يعرف تفسيره إلا من الحديث ؟ ! .
وقد جمع
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري من ذلك شيئا ، وإلى ذلك أشار
ابن الأثير في النهاية ، فقال في ( هرد ) : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : القول عندنا في الحديث : ( بين مهرودتين ) يروى بالدال والذال ; أي : بين ممصرتين ، على ما جاء في الحديث ، ولم نسمعه إلا فيه . وكذلك أشياء كثيرة لم تسمع إلا في الحديث ، ونقل غيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري منها حديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930065من اطلع في صير باب ففقيت عينه فهي هدر ) ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ( أنه مر برجل ومعه صير فذاق منه ) . فالأول : الشق ، والثاني : الصحناة . ومنها أن
عمر سأل المفقود الذي استهوته الجن : ما شرابهم ؟ قال : الجدف . يعني بالجيم والمهملة المحركتين بعدهما فاء ، وهو نبات باليمن لا يحتاج آكله شرب ماء . وقيل : ما لم يذكر اسم الله عليه .
ونازع
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري صاحبه
القاضي أبو الفرج النهرواني في جعله الصير مما لا يعرف إلا في الحديث ، بأنه مشهور بين الخاصة والعامة . وكذا مما ينبغي أن يعتمد في الغريب تفسير الراوي ، ولا يتخرج على الخلاف في تفسير اللفظ بأحد محتمليه ; لأن هذا إخبار عن مدلول اللغة ، وهو من أهل اللسان ، وخطاب الشارع يحمل على اللغة ما أمكن موافقته لها .
ووراء الإحاطة بما تقدم الاشتغال بفقه الحديث والتنقيب عما تضمنه من الأحكام والآداب المستنبطة منه . وقد تكلم
البدر بن جماعة في مختصره فيما يتعلق بفقهه وكيفية الاستنباط منه ، ولم يطل في ذلك ، والكلام فيه متعين ، وذكر
[ ص: 37 ] شروطه لمن بلغ أهليته ذلك . وهذه صفة الأئمة الفقهاء والمجتهدين الأعلام ;
nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي ومالك وأحمد والحمادين والسفيانين
nindex.php?page=showalam&ids=12418وابن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وخلق من المتقدمين والمتأخرين . وفي ذلك أيضا تصانيف كثيرة ; ( كالتمهيد ) و ( الاستذكار ) ، كلاهما
nindex.php?page=showalam&ids=13332لابن عبد البر . و ( معالم السنن ) و ( إعلام الحديث على
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) ، كلاهما
للخطابي . و ( شرح السنة )
للبغوي مفيد في بابه . و ( المحلى )
nindex.php?page=showalam&ids=13064لابن حزم ، كتاب جليل ، لولا ما فيه من الطعن على الأئمة وانفراده بظواهر خالف فيها جماهير الأمة . و ( شرح الإلمام ) و ( العمدة ) ، كلاهما
لابن دقيق العيد ، وفيهما دليل على ما وهبه الله تعالى له من ذلك . ونعم الكتاب ( شرح
مسلم )
لأبي زكريا النووي ، وكذا أصله
nindex.php?page=showalam&ids=14961للقاضي عياض ، و ( شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) لشيخنا ، و ( الأحوذي في شرح
الترمذي )
nindex.php?page=showalam&ids=12815للقاضي أبي بكر بن العربي ، والقطعة التي
لابن سيد الناس عليه أيضا ، ثم الذيل عليها للمصنف ، وانتهى فيه إلى النصف ، وقد شرعت في إكماله ، إلى غير ذلك مما يطول إيراده من الشروح التي على الكتب الستة ، وكلها مشروحة .
ومن غريبها ( شرح
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ) للإمام
أبي الحسن علي بن عبد الله ابن النغمة ، سماه ( الإمعان في شرح مصنف
النسائي أبي عبد الرحمن ) . ومن متأخرها شرح
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه للدميري .
ولأبي زرعة ابن المصنف على
أبي داود قطعة حافلة ، بل وشرحه بتمامه
الشهاب ابن رسلان . وكذا على
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه لمغلطاي قطعة . وعلى ( الموطأ ) و ( مسند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) و ( المصابيح ) و ( المشارق ) و ( المشكاة ) و ( الشهاب ) و ( الأربعين النووية ) و ( تقريب الأحكام ) لخلق ، وما لا ينحصر .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في تأريخه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12013أبي زرعة الرازي قال : تفكرت ليلة في رجال ، فأريت فيما يرى النائم كأن رجلا ينادي يا أبا زرعة : فهم متن الحديث خير من التفكر في الموتى .
[ ص: 38 ] تتمة : مما قد يتضح به المراد من الخبر معرفة سببه ; ولذا اعتنى
nindex.php?page=showalam&ids=14800أبو حفص العكبري أحد شيوخ
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى بن الفراء الحنبلي ، ثم
أبو حامد محمد بن أبي مسعود الأصبهاني ، عرف بكوتاه ، بإفراده بالتصنيف .
وقال
ابن النجار في ثانيهما : إنه حسن في معناه لم يسبق إليه . وليس كذلك ،
فالعكبري متقدم عليه . وقول
ابن دقيق العيد في أثناء البحث التاسع من كلامه على حديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929713الأعمال بالنيات ) من ( شرح العمدة ) : شرح بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيفه ، كما صنف في أسباب النزول ، فوقفت من ذلك على شيء مشعر بعدم الوقوف على واحد منهما .
وقد أفرده بنوع شيخنا تبعا لشيخه
البلقيني ، وعنده في محاسنه من أمثلته الكثير ، ومنها حديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930066الخراج بالضمان ) . فالجمهور رووه كذلك فقط ، وعند
أبي داود وغيره سببه ، وهو أن رجلا ابتاع عبدا ، فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ، ثم وجد به عيبا ، فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرده عليه ، فقال الرجل : يا رسول الله ، إنه قد استغل غلامي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930066الخراج بالضمان ) . وأشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله . والتقيد بالسبب هنا أولى ، وإن أخذ بعمومه جماعة من العلماء من المدنيين والكوفيين .