الأكابر عن الأصاغر 831 - وقد روى الكبير عن ذي الصغر طبقة وسنا او في القدر 832 - أو فيهما ومنه أخذ الصحب
عن تابع كعدة عن كعب
( الأكابر ) الذين يروون ( عن الأصاغر ) ، وهو نوع مهم تدعو لفعله الهمم العلية والأنفس الزكية ; ولذا قيل كما تقدم في محله : لا يكون الرجل محدثا حتى يأخذ عمن فوقه ومثله ودونه . وفائدة ضبطه الخوف من ظن الانقلاب في السند مع ما فيه من العمل بقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930136أنزلوا الناس منازلهم ) .
وإلى ذلك أشار
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بقوله : ومن الفائدة فيه ألا يتوهم كون المروي عنه أكبر وأفضل ; نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك ، فتجهل بذلك منزلتهما .
والأصل فيه رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته حديث الجساسة عن
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري كما في صحيح
مسلم ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في كتابه إلى
اليمن : (
وإن مالكا - يعني ابن مرارة - حدثني بكذا ) ، وذكر شيئا . أخرجه
ابن منده . وقوله أيضا : (
حدثني عمر أنه ما سابق أبا بكر إلى خير قط إلا سبقه ) ، أخرجه
الخطيب في تاريخه
والديلمي . إلى غير ذلك ;
[ ص: 166 ] كأمر الأذان ، وما ذكره - صلى الله عليه وسلم - عن
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة . وفيه تأليف
nindex.php?page=showalam&ids=15333لإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي سمعته ،
ولمحمد بن حميد بن سهل المخرمي ، وفي مستخرج
ابن منده لتذكرة أشياء نفيسة من ذلك .
( وقد روى الكبير عن ذي الصغر ) بضم الصاد المهملة وتسكين الغين المعجمة ; أي : عن الصغير . وذلك ينقسم أقساما : ( طبقة وسنا ) ; أي : إما أن تكون الرواية عن أصغر منه فيهما ، وهما لتلازمهما غالبا كالشيء الواحد ، لا في الجلالة والقدر ; كرواية كل من
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى بن سعيد الأنصاري عن تلميذهما الإمام الجليل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس في خلق غيرهما ممن روى عن
مالك من شيوخه ، بحيث أفردهم
الرشيد العطار في مصنف سماه : ( الإعلام بمن حدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس الإمام من مشايخه السادة الأعلام ) . ومن قبله أفردهم
nindex.php?page=showalam&ids=17020محمد بن مخلد الدوري ، وهو في مسموعاتي . وكرواية
nindex.php?page=showalam&ids=13696أبي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين في بعض تصانيفه عن تلميذه الحافظ الجليل
الخطيب ،
والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه .
( او ) بالنقل ، روى الحافظ العالم عمن هو أصغر منه ( في القدر ) فقط دون السن ; كرواية
مالك nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب عن شيخهما
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار وأشباهه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه عن شيخهما
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، مع كونهم دون الرواة عنهم في الحفظ والعلم ; لأجل روايتهم . وذلك كثير جدا ، فكم من حافظ جليل أخذ عن مسند محض
كالحجار ، أو عمن دونه في اللقي خاصة دون السن أيضا . ( أو ) روى عمن هو أصغر منه ( فيهما ) ; أي : في السن الملازم للطبقة كما مر ، وفي القدر معا ; كرواية كثير من الحفاظ والعلماء عن أصحابهم وتلامذتهم ; مثل
nindex.php?page=showalam&ids=16390عبد الغني بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14658محمد بن علي الصوري ،
والخطيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=13484أبي النصر بن ماكولا ، في نظائرهما .
وحاصلها يرجع إلى رواية الراوي عمن دونه في اللقي أو في السن أو في المقدار .
[ ص: 167 ] ( ومنه ) ; أي : ومن هذا النوع ، ( أخذ الصحب ) ; أي : الصحابة ، ( عن تابع ) لهم ; ( كـ ) رواية ( عدة ) من الصحابة ، فيهم العبادلة الأربعة
وعمر وعلي وأنس ومعاوية nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة رضي الله عنهم ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب ) الأحبار في أشباه لذلك ، أفردها
الخطيب في جزء رواية الصحابة عن التابعين ، وقد رتبته ولخصه شيخنا فيما أخذت عنه . ومن أمثلته ما رواه
الترمذي في ( جامعه ) من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=930139عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أملى عليه : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) ، قال : فجاءه ابن أم مكتوم ، الحديث .
وقال
عقبه : وهذا الحديث يرويه رجل من الصحابة ، وهو
سهل ، عن رجل من التابعين ، وهو
مروان .
ويلتحق بذلك ما في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان عن
مالك بن يخامر عن
معاذ لزيادة ( وهم
بالشام ) في حديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930140لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ) ،
فمالك المذكور كما قال
أبو نعيم : لا يثبت كونه صحابيا . ورواية الصحابة عن التابعين ، وكذا الآباء عن الأبناء ، والشيخ عن التلميذ ، وإن كانت من مسائل هذا النوع ، فهي أخص من مطلقه .
وكذا أخذ التابعين عن أتباعهم ;
nindex.php?page=showalam&ids=12300كالزهري nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد عن
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16666وكعمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبي إسحاق السبيعي nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير عن
معمر ،
وكقتادة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
ومن ظريف أمثلة هذا النوع أن
الشريف يعقوب المغربي المالكي المتوفى في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة ( 783هـ ) كان يواظب الحضور عند
الولي ابن الناظم في المدرسة الظاهرية القديمة ; لكونه منزلا في طلبتها مع كونه في عداد
[ ص: 168 ] شيوخه . بل ذكر
السراج بن الملقن أنه قرأ عليه في مذهب
مالك ; ولذا قال
الولي : فقد أخذ المذكور عني ، وأخذ عنه شيخي . قال : وهذه ظريفة .
ومن فوائد هذا النوع وما أشبهه التنويه من الكبير بذكر الصغير ، وإلفات الناس إليه في الأخذ عنه . وقد قال
التاج السبكي بعد إفادته : إن إمام الحرمين نقل في الوصية من نهايته عن تلميذه
nindex.php?page=showalam&ids=12851أبي نصر بن أبي القاسم القشيري ، وهذا أعظم ما عظم به
أبو نصر ، فهو فخار لا يعدله شيء . وكذا نقل
الجمال الأسنوي في المهمات وغيرها عن
الناظم واصفا له بحافظ العصر مع كونه من تلامذته ، وهو وأمثاله مما يعد من مفاخر كل من الراوي والمروي عنه . وذكرت مما وقع لشيخنا من ذلك مع طلبته في ترجمته جملة .