[
اختلاف ضرر الوضع ] واقتصر الشارح على حكاية بعض هذه المقالة ، والضرر بهؤلاء شديد ، ولذلك قال
العلائي : أشد الأصناف ضررا أهل الزهد ; كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، وكذا المتفقهة الذين استجازوا نسبة ما دل عليه القياس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأما باقي الأصناف -
كالزنادقة - فالأمر فيهم أسهل ; لأن كون تلك الأحاديث كذبا لا تخفى إلا على الأغبياء ، وكذا أهل الأهواء من
الرافضة والمجسمة والقدرية في شد بدعهم ، وأمر أصحاب الأمراء والقصاص أظهر ; لأنهم في الغالب ليسوا
[ ص: 326 ] من أهل الحديث .
قال شيخنا : وأخفى الأصناف من لم يتعمد الوضع ، مع الوصف بالصدق ; كمن يغلط فيضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كلام بعض الصحابة أو غيرهم ، وكمن ابتلي بمن يدس في حديثه ما ليس منه ، كما وقع
nindex.php?page=showalam&ids=15743لحماد بن زيد مع ربيبه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16010ولسفيان بن وكيع مع وراقه ،
ولعبد الله بن صالح كاتب
الليث مع جاره ، ولجماعة من الشيوخ المصريين في ذلك العصر مع
خالد بن نجيح المدائني المصري .
وكمن تدخل عليه آفة في حفظه ، أو في كتابه ، أو في بصره ، فيروي ما ليس من حديثه غالطا ، فإن الضرر بهم شديد لدقة استخراج ذلك إلا من الأئمة النقاد . انتهى .
والأمثلة لمن يضع كلامه أو كلام غيره كثيرة ; كحديث : ( المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء ) ; فإن هذا لا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل هو من كلام
الحارث بن كلدة طبيب العرب أو غيره ، وحديث : ( من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم ) ، كما سيأتي قريبا .
وحديث : ( حب الدنيا رأس كل خطيئة ) ، فقد رواه
البيهقي في الزهد ،
[ ص: 327 ] وأبو نعيم في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري من ( الحلية ) من قول
عيسى ابن مريم - عليه السلام - ، وجزم
ابن تيمية بأنه من قول
nindex.php?page=showalam&ids=401جندب البجلي - رضي الله عنه - ، وأورده
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان له من قول
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار ،
وابن يونس في ترجمة
سعد بن مسعود التجيبي من ( تأريخ مصر ) له من قول
سعد هذا .
ولكن أخرجه
البيهقي أيضا في الحادي والسبعين من ( الشعب ) بسند حسن إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رفعه مرسلا ، [ قال
القاضي زكريا : قال
العراقي : مراسيل الحسن عندهم شبه الريح . وأورده
الديلمي في الفردوس ، وتبعه ولده بلا إسناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رفعه أيضا .
ولا دليل للحكم عليه بالوضع مع وجود هذا ، ولذا لا يصح التمثيل به ، اللهم إلا أن يكون سنده مما ركب ، فقد
ركبت أسانيد مقبولة لمتون ضعيفة أو متوهمة ; كما سيأتي هنا وفي النوع بعده ، فيكون من أمثلة الوضع السندي .
( ومنه ) أي الموضوع ( نوع وضعه لم يقصد نحو حديث
ثابت ) هو ابن موسى الزاهد ، الذي رواه
إسماعيل بن محمد الطلحي عنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك بن عبد الله القاضي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
أبي سفيان عن
جابر رفعه : ( من كثرت صلاته ) بالليل . . . . . . ( الحديث ) ، وتمامه : " حسن وجهه بالنهار " فإن هذا لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 328 ] وإن أغرب
nindex.php?page=showalam&ids=15007القضاعي حيث قال في مسند الشهاب له لما ساقه من طرق : ما طعن أحد منهم - أي من الحفاظ الذين أشار إليهم - في إسناده ولا متنه .
واغتر
الركن بن القوبع المالكي ; حيث قال من أبيات :
ومن كثرت صلاة الليل منه فيحسن وجهه قول النبي .
ولكن لم يقصد راويه الأول وهو ثابت وضعه ، إنما دخل على شريك وهو في مجلس إملائه عند قوله : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
أبي سفيان عن
جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يذكر المتن الحقيقي لهذا السند ، أو ذكره - حسب ما اقتضاه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان - وهو :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929848يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم .
فقال
شريك متصلا بالسند أو بالمتن حين نظر إلى
ثابت : " من كثرت . . . . . " إلى آخره ، قاصدا بذلك مماجنة
ثابت لزهده وورعه وعبادته ، فظن
ثابت أن هذا متن ذاك السند ، أو بقية المتن لمناسبته له ، فكان يحدث به كذلك مدرجا له في المتن الحقيقي أو منفصلا عنه ، وهو الذي رأيته .
وذلك ( وهلة ) أي : غلطة من ثابت لغفلته التي أدى إليها صلاحه ( سرت ) تلك الغلطة بحيث انتشرت ، فرواه عنه غير واحد ، وقرن بعضهم
بشريك nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، ولم يقنع جماعة من الضعفاء بروايته عن
ثابت ، مع تصريح
ابن [ ص: 329 ] عدي بأنه لا يعرف إلا به ، بل سرقوه منه ، ثم رووه عن
شريك نفسه .
ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16390عبد الغني بن سعيد الحافظ : إن كل من حدث به عن
شريك ، فهو غير ثقة .
ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : إنه حديث باطل ليس له أصل ولا يتابعه عليه ثقة ، ولا يخدش في قولهما رواية
زكريا بن يحيى زحمويه مع كونه ثقة له عن
شريك ، فالراوي له عن
زحمويه ضعيف .
وكذا سرقه بعضهم ورواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، وبعضهم صير له إسنادا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج كلاهما عن
أبي الزبير عن
جابر ، وجعله بعضهم من مسند
أنس .
وفي قيام الليل )
لابن نصر ، ومسند الشهاب
nindex.php?page=showalam&ids=15007للقضاعي ، والموضوعات
nindex.php?page=showalam&ids=11890لابن الجوزي من طرقه الكثير ، إلى غير ذلك مما لم يذكروه ، ولكنه من جميعها على اختلافها باطل ، كشف النقاد سترها ، وبينوا أمرها بما لا نطيل بشرحه .
ولا اعتداد بما يخالف هذا كما تقدم ، وإنما يعرف معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري فيما رواه
مسبح بن حاتم ، ثنا
عبد الله بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13397إسماعيل المكي عنه أنه سئل : ما بال المتهجدين بالليل ، أحسن الناس وجوها ؟ ! قال : لأنهم خلوا بالرحمن ،
[ ص: 330 ] فألبسهم من نوره .
وظهر بما تقرر أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح - تبعا
للخليلي في الإرشاد - : إنه شبه الوضع حسن ; إذ لم يضعه ثابت ، وإن كان
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين قال فيه : إنه كذاب ، نعم الطرق المركبة له موضوعة ، ولذا جزم
أبو حاتم بأنه موضوع ، والظاهر أنهم توهموه حديثا وحملهم الشره ومحبة الظهور على ادعاء سماعه ، وهم صنف من الوضاعين .
كما وضع بعضهم حين سمع
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد يذكر عن بعض التابعين مما نسبه
لعيسى - عليه السلام - : " من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم " فتوهمه - كما ذكره
أبو نعيم في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=12208أحمد بن أبي الحواري من ( الحلية ) - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع له عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد سندا ، وهو عن
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن
حميد عن
أنس لسهولته وقربه ، وجلالة الإمام تنبو عن هذا .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان فسماه مدرجا ; حيث قال : إن ثابتا قاله عقب حديث : " يعقد الشيطان " ، فأدرجه في الخبر ، فعلى هذا فهو من أقسام المدرج ، كما أشرت إليه هناك ; إذ لم يشترطوا في إطلاق الإدراج كونه عمدا ، بل يطلقونه على ما هو أعم من ذلك .