[ نوعا الضبط ] قال : " ثم
الضبط نوعان : ظاهر وباطن ، فالظاهر ضبط معناه من حيث اللغة ، والباطن ضبط معناه من حيث تعلق الحكم الشرعي به ، وهو الفقه ، ومطلق الضبط الذي هو شرط في الراوي هو الضبط ظاهرا عند الأكثر ; لأنه يجوز
[ ص: 5 ] نقل الخبر بالمعنى ، فيلحقه تهمة تبديل المعنى بروايته قبل الحفظ ، أو قبل العلم حين سمع ، ولهذا المعنى قلت الرواية عن أكثر الصحابة ; لتعذر هذا المعنى " . قال : " وهذا الشرط وإن كان على ما بينا ، فإن أصحاب الحديث قلما يعتبرونه في حق الطفل دون المغفل ; فإنه متى صح عندهم سماع الطفل أو حضوره أجازوا روايته . والأول أحوط للدين وأولى " انتهى .
[ وحاصله اشتراط كون سماعه عند التحمل تاما ] ، فيخرج من سمع صوت غفل ، وكونه حين التأدية عارفا بمدلولات الألفاظ ، ولا انحصار له في الثاني عند الجمهور ; لاكتفائهم بضبط كتابه ، ولا في الأول عند المتأخرين خاصة ; لاعتدادهم بسماع من لا يفهم العربي أصلا كما سيأتي كل ذلك .
وقوله : " لتعذر هذا المعنى " ; أي : عند ذاك الصحابي نفسه ; لخوفه من عدم حفظه وعدم تمكنه في الإتيان بكل المعنى ، وهذا منهم رضي الله عنهم تورع واحتياط ، ولقد كان بعضهم تأخذه الرعدة إذا روى ، ويقول : ونحو ذا أو قريب من ذا ، وما أشبه ذلك ] .