263 - وصحح اكتفاؤهم بالواحد جرحا وتعديلا خلاف الشاهد 264 - وصححوا استغناء ذي الشهرة عن
تزكية كمالك نجم السنن 265 - nindex.php?page=showalam&ids=13332ولابن عبد البر كل من عني
بحمله العلم ولم يوهن 266 - فإنه عدل بقول المصطفى
" يحمل هذا العلم " لكن خولفا
[ ص: 10 ] ( وصحح اكتفاؤهم ) أي : أئمة الأثر فيها ( ب ) قول العدل ( الواحد جرحا وتعديلا ) أي : من جهة الجرح والتعديل ( خلاف ) أي : بخلاف ( الشاهد ) ، فالصحيح عدم الاكتفاء به فيه بدون اثنين ; لأنه إن كان المزكي للراوي ناقلا عن غيره فهو من جملة الأخبار ، أو كان اجتهادا من قبل نفسه فهو بمنزلة الحاكم ، وفي الحالين لا يشترط العدد ، والفرق بينهما ضيق : الأمر في الشهادة ; لكونها في الحقوق الخاصة التي يمكن الترافع فيها ، وهي محل الأغراض بخلاف الرواية ; فإنها في شيء عام للناس غالبا لا ترافع فيه .
ونحوه قول
ابن عبد السلام : " الغالب من المسلمين مهابة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، بخلاف شهادة الزور " ، ولأنه قد ينفرد بالحديث واحد ، فلو لم يقبل لفاتت المصلحة ، بخلاف فوات حق واحد في المحاكمات ; ولأن بين الناس إحنا وعداوات تحملهم على شهادة الزور بخلاف الرواية .
والقول الثاني :
اشتراط اثنين في الرواية أيضا ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل
المدينة وغيرهم ; لأن التزكية صفة ، فتحتاج في ثبوتها إلى عدلين كالرشد والكفاءة وغيرهما ، وقياسا على الشاهد بالنسبة لما هو المرجح فيها عند الشافعية والمالكية ، بل هو قول
محمد بن الحسن ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، وإلا
فأبو عبيد لا يقبل في التزكية فيها أقل من ثلاثة متمسكا بحديث
قبيصة فيمن تحل له المسألة : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929863حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا فيشهدون له ) ) . قال : وإذا كان هذا في حق الحاجة فغيرها أولى ، ولكن المعتمد الأول ،
[ ص: 11 ] والحديث فمحمول على الاستحباب فيمن عرف له مال قبل .
وممن رجح الحكم كذلك في البابين
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14552والسيف الآمدي ، ونقله هو
وابن الحاجب عن الأكثرين ، ولا تنافيه الحكاية الماضية للتسوية عن الأكثرين ; لتقييدها هناك بالفقهاء .
وممن اختار التفرقة أيضا
الخطيب وغيره ، وكذا اختار
القاضي أبو بكر بعد حكاية ما تقدم الاكتفاء بواحد ، لكن في البابين معا ، كما نقل عن
أبي حنيفة وأبي يوسف في الشاهد خاصة ، وعبارته : والذي يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضي ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، لشاهد ومخبر ; أي : عارف بما يجب أن يكون عليه العدل ، وما به يحصل الجرح ، كما اقتضاه أول كلامه الذي حكاه
الخطيب عنه ، وهو ظاهر ، واستثنى تزكية المرأة في الحكم الذي لا تقبل شهادتها فيه ، كل ذلك بعد حكايته عن أكثر الفقهاء من أهل
المدينة وغيرهم عدم قبول تزكية النساء مطلقا في البابين .
وكذا أشار لتخصيص تزكية العبد بالرواية لقبوله فيها دون الشهادة ، ولكن
[ ص: 12 ] التعميم في قبول تزكية كل عدل ; لأنها - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي - خبر وليست شهادة ، صرح به أيضا صاحب ( المحصول ) وغيره من تقييد .
وقال
النووي في التقريب : يقبل - أي : في الرواية -
تعديل العبد والمرأة العارفين ، ولم يحك غيره .
قال
الخطيب في الكفاية : الأصل في هذا الباب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك
nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة عن حال
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، وجوابها له ، يعني الذي ترجم عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه :
تعديل النساء بعضهن بعضا .
ولا تقبل
تزكية الصبي المراهق ، ولا الغلام الضابط جزما ، وإن اختلف في روايتهما ; لأن الغلام وإن كانت حاله ضبط ما سمعه ، والتعبير عنه على وجهه ، فهو غير عارف بأحكام أفعال المكلفين ، وما به منها يكون العدل عدلا ، والفاسق فاسقا ، فذلك إنما يكمل له المكلف ، وأيضا فلكونه غير مكلف لا يؤمن منه تفسيق العدل وتعديل الفاسق ، ولا كذلك المرأة والعبد ، فافترق الأمر فيهما ، قاله
الخطيب .
( وصححوا ) كما هو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعليه الاعتماد في أصول الفقه ، ومشى عليه
الخطيب ، مما تثبت به العدالة أيضا ( استغناء ذي الشهرة )
[ ص: 13 ] ونباهة الذكر بالاستقامة والصدق ، مع البصيرة والفهم ، وهو الاستقامة ( عن تزكية ) صريحة (
كمالك ) ، هو ابن أنس ( نجم السنن ) كما وصفه به إمامنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمهما الله ،
وكشعبة nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين ، ومن جرى مجراهم ، فهؤلاء وأمثالهم كما قال
الخطيب - وقد عقد بابا لذلك في كفايته - لا يسأل عن عدالتهم ، وإنما
يسأل عن عدالة من كان في عداد المجهولين ، أو أشكل أمره على الطالبين .
وساق بسنده أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد سئل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، فقال : مثل
إسحاق يسأل عنه ؟
إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين . وأن
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين سئل عن
أبي عبيد ، فقال : مثلي يسأل عنه ؟ هو يسأل عن الناس . وعن
ابن جابر أنه قال : لا يؤخذ العلم إلا ممن شهد له بالطلب ، وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16637ابن مسهر : إلا عن جليس العالم ; فإن ذلك طلبه .
قال
الخطيب : أراد أن من عرفت مجالسته للعلماء أو أخذه عنهم أغنى ظهور ذلك عن أمره عن أن يسأل عن حاله . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر بن الباقلاني أنه قال : الشاهد والمخبر إنما يحتاجان إلى التزكية متى لم يكونا مشهورين بالعدالة والرضى ، وكان أمرهما مشكلا ملتبسا ، ومجوزا فيه العدالة وغيرها .
[ ص: 14 ] قال : والدليل على ذلك أن العلم بظهور سترهما ; أي : المستور من أمرهما ، واشتهار عدالتهما أقوى في النفوس من تعديل واحد أو اثنين يجوز عليهما الكذب والمحاباة في تعديله ، وأغراض داعية لهما إلى وصفه بغير صفته ، وبالرجوع إلى النفوس يعلم أن ظهور ذلك من حاله أقوى في النفس من تزكية المعدل لهما ، فصح بذلك ما قلناه ، قال : ويدل على ذلك أيضا أن نهاية حالة تزكية المعدل أن تبلغ مبلغ ظهور ستره ، وهي لا تبلغ ذلك أبدا ، فإذا ظهر ذلك فما الحاجة إلى التعديل ؟ - انتهى .
ومن هنا لما شهد
nindex.php?page=showalam&ids=15215أبو إبراهيم المزني صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عند
nindex.php?page=showalam&ids=15551القاضي بكار بن قتيبة ، رحمهم الله ، وقيل له : إنه
أبو إبراهيم ، ولم يكن يعرفه قبلها ، فقال : تقام البينة عندي بذلك فقط .
وكذا
يثبت الجرح بالاستفاضة أيضا ، وذهب بعضهم إلى أن مما يثبت به العدالة رواية جماعة من الجلة عن الراوي ، وهذه طريقة
البزار في مسنده ، وجنح إليها
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان في الكلام على حديث قطع السدر من كتابه : الوهم
[ ص: 15 ] والإيهام ، ونحوه قول
الذهبي في ترجمة
مالك بن الحسير الزيادي من ميزانه .
وقد نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان أنه ممن لم يثبت عدالته ، يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة ، قال : وفي رواة الصحيحين عدد كثير ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم ، والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ، ولم يأت بما ينكر عليه ، أن حديثه صحيح ، لكن قد تعقبه شيخنا بقوله ما نسبه للجمهور : لم يصرح به أحد من أئمة النقد إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان . نعم ، هو حق فيمن كان مشهورا بطلب الحديث والانتساب إليه ، كما قررته في علوم الحديث ، وأغرب منه ما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في طبقاته عن
ابن عبدان أنه حكى في كتابه ( شرائط الأحكام ) عن بعض أصحابنا أنه لم يعتبر في ناقل الخبر ما يعتبر في الدماء والفروج من التزكية ، بل إذا كان ظاهره الدين والصدق قبل خبره . واستغربه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح (
nindex.php?page=showalam&ids=13332ولابن عبد البر ) قول فيه توسع أيضا ، وهو ( كل من عني ) بضم أوله ( بحمله العلم ) . زاد الناظم : ( ولم يوهنا ) بتشديد
[ ص: 16 ] الهاء المفتوحة ; أي : لم يضعف ( فإنه عدل بقول
المصطفى ) صلى الله عليه وسلم .