[ ص: 235 ] قالوا حديث يكذبه النظر والخبر .
32 -
دعاء النبي - عليه الصلاة والسلام - لعلي .
قالوا : رويتم أن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن
أبي البختري nindex.php?page=hadith&LINKID=949757أن عليا - رضي الله عنه - قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن لأقضي بينهم ، فقلت له : إنه لا علم لي بالقضاء ، فضرب بيده صدري وقال : اللهم اهد قلبه وثبت لسانه . فما شككت في قضاء حتى جلست مجلسي هذا .
ثم رويتم أنه اختلف قوله في أمهات الأولاد وقال بشيء ، ثم رجع عنه . وقضى في الجد بقضايا مختلفة ، مع قوله : من أحب أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد ، وندم على إحراق المرتدين بعد الذي بلغه من فتيا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وجلد رجلا في الخمر ثمانين فمات فوداه وقال : " وديته لأن هذا شيء جعلناه بيننا " ، وهو كان أشار على
عمر - رضي الله عنه - بجلد ثمانين في الخمر ، ورأى الرجم على مولاة حاطب ، فلما سمع قول
عثمان - رضي الله عنه -
[ ص: 236 ] " إنما يجب الحد على من يعرفه " وهذه لا تعرفه ، وكانت أعجمية تابعه ، ونازعه
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت في المكاتب فأفحمه .
وقال في أمر الحكمين : .
لقد عثرت عثرة لا أجتبر سوف أكيس بعدها وأستمر وأجمع الرأي الشتيت المنتشر
قال : وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : أن
عليا - رضي الله عنه - رجع عن قوله في الحرام : " إنها ثلاث " ، وقطع اليد من أصول الأصابع ، وحكم أصابع الصبيان في السرق ، وقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض ، والله - عز وجل - يقول :
وأشهدوا ذوي عدل منكم وقال :
ممن ترضون من الشهداء وجهر في قنوت الغداة بأسماء رجال ، وأخذ نصف دية الرجل من أولياء المقتول ، وأخذ نصف دية العين من المقتص من الأعور ، وخلف رجلا يصلي العيد بالضعفاء في المسجد الأعظم ، إذا خرج الإمام إلى المصلى .
وقالوا : هذه الأشياء خلاف على جميع الفقهاء والقضاة ، وجميع الأمراء من نظرائه . ولا يشبه هذا قوله : " ما شككت في قضاء حتى جلست مجلسي هذا " ، ولا يشبه دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له أن يثبت الله لسانه وقلبه ، بل يشبه دعاءه عليه بضد ما قال .
[ ص: 237 ] قال
أبو محمد : ونحن نقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دعا له بتثبيت اللسان والقلب لم يرد أن لا يزل أبدا ولا يسهو ولا ينسى ولا يغلط في حال من الأحوال لأن هذه الصفات لا تكون لمخلوق ، وإنما هي من صفات الخالق سبحانه - جل وعز - والنبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالله تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز من أن يدعو لأحد بأن لا يموت ، وقد قضى الله تعالى الموت على خلقه ، وبأن لا يهرم إذا عمره ، وقد جعل الهرم في تركيبه ، وفي أصل جبلته .
وكيف يدعو له بهذه الأمور فينالها بدعائه والنبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه ربما سها وكان ينسى الشيء من القرآن حتى قال الله تعالى سنقرئك فلا تنسى وقبل الفدية في يوم بدر ، فنزل
لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم وقال :
لو نزل عذاب ما نجا إلا عمر وذلك لأنه أشار عليه بالقتل ، وترك أخذ الفداء .
وأراد يوم الأحزاب أن يتقي المشركين ببعض ثمار
المدينة حتى قال له بعض
الأنصار ما قال ، وكاد يجيب المشركين إلى شيء مما أرادوه يتألفهم بذلك ، فأنزل الله - عز وجل - (
ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ) وهكذا الأنبياء المتقدمون - عليهم السلام - في السهو والنسيان .
وتعداد هذا يطول ويكثر وليس به خفاء على من علمه وإنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - له بأن يكون الصواب أغلب عليه والقول بالحق في القضاء أكثر منه
[ ص: 238 ] ومثل هذا دعاؤه
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس بأن يعلمه الله التأويل ويفقهه في الدين ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مع دعائه لا يعرف كل القرآن وقال : لا أعرف " حنانا " ولا " الأواه " ولا " الغسلين " ولا " الرقيم " . وله أقاويل في الفقه منبوذة مرغوب عنها كقوله في المتعة وقوله في الصرف وقوله في الجمع بين الأختين الأمتين ، ومع هذا فإنه ليس كل ما دعا به الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وسألوه أعطوه وأجيبوا إليه .
فقد كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يدعو
لأبي طالب ويستغفر له حتى نزلت عليه (
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) وكان يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949759اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون فأنزل الله تعالى عليه
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .
وبعد ، فإن أقاويل
علي - رضي الله عنه - هذه كلها ليست منبوذة يقضى عليه بالخطأ فيها ، ومن أغلظها بيع أمهات الأولاد ، وقد كن يبعن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي خلافة
أبي بكر - رضي الله عنه - في الدين وعلى حال الضرورة ، حتى نهى عن ذلك
عمر - رضي الله عنه - من أجل أولادهن ، ولئلا تلحقهم السبة ، ويرجع عليهم الشين بأسباب كثيرة ، من جهة الأمهات إذا ملكن .
[ ص: 239 ] والناس مجمعون على أن
الأمة لا تخرج عن ملك سيدها إلا ببيع أو هبة أو عتق ، وأم الولد لم ينلها شيء من ذلك وأحكام الإماء جارية عليها إلى أن يموت سيدها ، فبأي معنى يزيل الولد عنها البيع ، وإنما هو شيء استحسنه
عمر - رضي الله عنه - بما أراد من النظر للأولاد . ولسنا نذهب إلى هذا ولا نعتقده ولكنا أردنا به التنبيه على حجة
علي - رضي الله عنه - فيه وحجة من تقدمه في إطلاق ذلك وترك النهي عنه .
فأين هؤلاء عن
قضايا علي - رضي الله عنه - اللطيفة التي تغمض وتدق وتعجز عن أمثالها جلة الصحابة ، كقضائه في العين إذا لطمت أو بخصت أو أصابها مصيب ، بما يضعف معه البصر بالخطوط على البيضة ، وكقضائه في اللسان إذا قطع فنقص من الكلام شيء فحكم فيه بالحروف المقطعة ، وكقضائه في القارصة والقامصة والواقصة ، وهن ثلاث جوار كن يلعبن فركبت إحداهن صاحبتها فقرصتها الثالثة فقمصت المركوبة فوقعت الراكبة فوقصت عنقها ، فقضى
علي - رضي الله عنه - بالدية أثلاثا وأسقط حصة الراكبة لأنها أعانت على نفسها .
[ ص: 240 ] وكقضائه في رجلين اختصما إليه في ابن امرأة وقعا عليها في طهر واحد فادعياه جميعا أنه ابنهما جميعا يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما ، وقد روى
حماد عن
إبراهيم عن
عمر أنه قضى بمثل ذلك موافقا له عليه وكان
عمر - رضي الله عنه - ينزل القرآن بحكمه ويفرق الشيطان من حسه والسكينة تنطق على لسانه .
وذكرته
عائشة - رضي الله عنها - فقالت : كان والله أحوذيا نسيج وحده قد أعد للأمور أقرانها ، تريد حسن السياسة .
وذكره
المغيرة فقال : كان والله أفضل من أن يخدع ، وأعقل من أن يخدع . وقال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس : والله لهو بما يكون أعلم منا بما كان ، يريد أنه يصيب بظنه فلا يخطئ .
وقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إن لكل أمة محدثين أو مروعين ، فإن يكن في هذه الأمة أحد منهم ، فهو عمر [ ص: 241 ] وقال لسارية بن زنيم الدؤلي : " يا سارية الجبل الجبل " . وسارية في وجه العدو ، فوقع في نفس
سارية ما قال ، فاستند إلى الجبل ، فقاتل العدو من جانب واحد .
وعمر مع هذا يقول في قضية نبهه
علي - رضي الله عنه - عليها : لولا قول
علي لهلك
عمر ، ويقول : أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها
أبو حسن .
حدثنا
الزيادي قال أنا
عبد الوارث عن
يونس عن
الحسن أن
عمر - رضي الله عنه - أتي بامرأة وقد ولدت لستة أشهر فهم بها ، فقال له
علي : قد يكون هذا ، قال الله تعالى
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وقال تعالى
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين .