[ ص: 314 ] 17 - قالوا : حديث في التشبيه
رؤية الرب
قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
رأيت ربي في أحسن صورة ووضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثندوتي .
قال
أبو محمد : ونحن نقول : إن الله
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، يعني في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة رآه المؤمنون كما يرون القمر ليلة البدر .
وقد سأله
موسى - صلى الله عليه وسلم - فقال :
رب أرني أنظر إليك .
يريد أن يتعجل من الرؤية ما أجله الله تعالى له ولأمثاله من أوليائه .
فقال : "
لن تراني " ، ولذلك يقول قوم : إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لم يره إلا في المنام وعند تغشي الوحي له ، وإن الإسراء ليلة الإسراء كان بروحه دون جسمه ، ألا تسمع إلى قول الله - عز وجل - :
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن .
[ ص: 315 ] يعني بالرؤيا ما رآه ليلة أسري به ، فأخبر بذلك فارتد به قوم وقالوا : كيف يذهب إلى
بيت المقدس ثم يصعد إلى السماء ، ثم يهبط إلى الأرض في ليلة ؟ وتوهموا أنه ادعى الإسراء بجسمه ، وكان
أبو بكر - رضي الله عنه - ممن صدق بذلك وحاج فيه فسمي الصديق .
قالوا : وقد قالت إحدى أزواجه في ليلة الإسراء : " إنا ما فقدنا جسمه " .
وحدثنا
أبو الخطاب قال : نا
مالك بن سعيد قال : نا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش قال : سمعت
الوليد بن العيزار يذكر عن
أبي الأحوص في قوله تعالى :
ولقد رآه بالأفق المبين ، قال : رأى
جبريل - عليه السلام - في صورته وله سبعمائة جناح .
قالوا : ومما يدل على ذلك أيضا حديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15987سعيد بن أبي هلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن عثمان ، عن
عمارة بن عامر ، عن
أم الطفيل امرأة أبي بن كعب ، أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر أنه
رأى ربه في المنام في صورة شاب موفر في خضرة على فراشه فراش من ذهب في رجليه نعلان من ذهب .
قال
أبو محمد : ونحن لم نذكر قول من تأول هذا التأويل في هذا الحديث أننا رأيناه صوابا ، وإنما ذكرناه ليعلم أن الحديث قد تأوله قوم واحتجوا له بهذين الحديثين اللذين ذكرناهما ، وكيف يكون ذلك كما تأولوا والله - جل وعز - يقول :
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا الآية ؟ !
[ ص: 316 ] وهذا لا يجوز أن يتأول فيه هذا التأويل ، ولا يدفع بمثل هذه الأحاديث ، ونحن نعوذ بالله أن نتعسف فنتأول فيما جعله الله فضيلة
لمحمد ، ونحن نسلم للحديث ونحمل الكتاب على ظاهره .