باب الهاء
هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أم معاوية
من أخبارها
( 170 ) حدثنا
محمد بن السري بن مهران الناقد ، ثنا
أبو السكين زكريا بن يحيى الطائي ، حدثني عم أبي
زحر بن حصن ، عن جده
حميد بن منهب الطائي قال : " كانت
هند بنت عتبة عند
الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان
الفاكه من فتيان
قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن ، فخلا ذلك البيت يوما واضطجع الفاكه
وهند فيه وقت القائلة ، ثم خرج
الفاكه في بعض حاجاته ، فأقبل رجل ممن كان يغشاه فولج البيت ، فلما رأى المرأة ولى هاربا ، فأبصره
الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى
هند فضربها برجله وقال لها : من هذا الذي كان عندك ؟ قالت : ما كان عندي أحد ، وما انتبهت حتى أنبهتني ، قال : الحقي بأهلك ، وتكلم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية ، إن الناس قد
[ ص: 70 ] أكثروا فيك ؛ فنبئيني نبأك ، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله ، فتنقطع عنك القالة ، وإن كان كاذبا حاكمته إلى بعض كهان
اليمن ، فحلفت له بما كانوا يحلفون به إنه لكاذب عليها ، فقال
للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان
اليمن ، فخرج
عتبة في جماعة من
بني عبد مناف ، وخرج
الفاكه في جماعة من
بني مخزوم وخرجت معهم
هند ونسوة معها ، فلما شارفوا البلاد وقالوا : نرد على
الكاهن ، تنكر حال
هند وتغير وجهها ، فقال لها أبوها : إني قد أرى ما بك من تنكر الحال وما ذاك إلا لمكروه عندك ، أفلا كان هذا من قبل أن يشهد الناس مسيرنا ؟ فقالت : لا والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ، ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ولا آمن أن يسميني بسمة تكون علي سبة في
العرب ، فقال : إني أختبره قبل أن ينظر في أمرك ، فصفر بفرسه حتى أدلى ، ثم أخذ حبة من بر ، فأدخلها في إحليله وأوكأ عليها بسير ، فلما صبحوا أكرمهم ونحر لهم ، فلما قعدوا قال له
عتبة : إنا قد جئناك في أمر ، وإني قد اختبأت لك خبأ أختبرك به فانظر ما هو ؟ قال : نمرة في كمرة قال : أريد أبين من هذا . قال : حبة من بر في إحليل مهر ، قال : صدقت . انظر في أمر هؤلاء النسوة ، فجعل يدنو من إحداهن ، فيضرب كتفها ويقول انهضي حتى دنا من
هند فضرب كتفها وقال :
قومي غير وحشاء ولا زانية ، ولتلدن غلاما يقال له معاوية ، فنهض لها الفاكه فأخذ بيدها ، فنترت يدها من يده وقالت : إليك ، فوالله لأحرصن على أن يكون ذلك من غيرك ، فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية " .