صفحة جزء
15837 وعن سلمان الفارسي قال : كنت رجلا من أهل جي ، وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق ، وكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء ، فقيل لي : إن الدين الذي تطلب إنما هو بالمغرب ، فخرجت حتى أتيت الموصل ، فسألت عن أفضل رجل فيها فدللت على رجل في صومعة ، فأتيته فقلت : إني رجل من أهل جي ، وإني جئت أطلب العلم ، وأتعلم منك فضمني إليك أخدمك وأصحبك ، وتعلمني شيئا مما علمك الله . قال : نعم ، فصحبته فأجرى علي مثل ما يجري عليه من الخل والزيت والحبوب ، فلم أزل معه حتى نزل به الموت ، فجلست عند رأسه أبكيه ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : والله يبكيني أني خرجت من بلادي أطلب العلم فرزقني الله - عز وجل - صحبتك ، فعلمتني وأحسنت صحبتي ، فنزل بك الموت فلا أدري أين أذهب ؟ قال : لي أخ بالجزيرة بمكان كذا وكذا ، وهو على الحق ، فأته فأقرئه مني السلام ، وأخبره أني أوصيت بك إليه ، وأوصيك بصحبته . قال : فلما أن قبض الرجل ، خرجت حتى أتيت الرجل الذي وصف فأخبرته بالخبر ، وأقرأته السلام من صاحبه ، وأخبرته أنه هلك ، وأمرني بصحبته ، فضمني إليه وأجرى علي كما كان يجري علي من الأجر ، فصحبته ما شاء الله ونزل به الموت ، فلما أن نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : خرجت من بلادي أطلب الخير ، فرزقني الله صحبة فلان فأحسن صحبتي وعلمني ، فلما نزل به الموت أوصى بي إليك ، فضممتني فأحسنت صحبتي وعلمتني ، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين [ ص: 338 ] أتوجه ؟ قال : إن خالي على قرب الرومي ، فهو على الحق ، فأته فأقرئه مني السلام واصحبه ; فإنه على الحق ، فلما قبض الرجل خرجت حتى أتيته ، فأخبرته بخبري وبوصية الآخر قبله قال : فضمني إليه وأجرى علي كما كان يجري علي‌‌ ، فلما نزل به الموت جلست أبكي عند رأسه ، فقال : ما يبكيك ؟ فقصصت قصتي ، فقلت له : إن الله رزقني صحبتك ، فأحسنت صحبتي ، وقد نزل بك الموت ولا أدري أين أتوجه ؟ قال : ما بقي أحد أعلمه على دين عيسى - عليه السلام - في الأرض ، ولكن هذا أوان يخرج فيه نبي أو قد خرج بتهامة ، فأت على الطريق لا يمر بك أحد إلا سألته عنه ، فإذا بلغك أنه خرج فأته ; فإنه النبي الذي بشر به عيسى - عليه السلام - وآية ذلك أن بين كتفيه خاتم النبوة ، وأنه يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة .

قال : وكان لا يمر بي أحد إلا سألته عنه ، فمر بي ناس من أهل مكة فسألتهم ، فقالوا : نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي ، فقلت لبعضهم : هل لكم أن أكون عبدا لبعضكم على أن تحملوني عقبة ، وتطعموني من الخبز كسرا ؟ فإذا بلغتم إلى بلادكم ; فإن شاء أن يبيع باع ، وإن شاء أن يستعبد ، فقال رجل منهم : أنا ، فصرت عبدا له حتى قدم مكة ، فجعلني في بستان له مع حبشان كانوا فيه ، فخرجت وسألت ، فلقيت امرأة من بلادي ، فسألتها فإذا أهل بيتها قد أسلموا ، وقالت : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس في الحجر هو وأصحابه ، إذ صاح عصفور بمكة ، حتى إذا أضاء لهم الفجر تفرقوا . فانطلقت إلى البستان ، فكنت أختلف ليلتي ، فقال لي الحبشان : ما لك ؟ قلت : أشتكي بطني ، فقال : وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني إذا ذهبت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال : فلما كانت الساعة التي أخبرتني المرأة التي يجلس فيها هو وأصحابه ، خرجت أمشي حتى رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو محتب وأصحابه حوله ، فأتيته من ورائه فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أريد ، فأرسل حبوته فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، فقلت : الله أكبر هذه واحدة ، ثم انصرفت ، فلما كانت الليلة المقبلة لقطت تمرا جيدا ، ثم انطلقت به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعته بين يديه ، بين يديه ، فقال : " ما هذا ؟ " . قلت : هدية ، فأكل منها وقال للقوم : " كلوا " . قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فسألني عن أمري فأخبرته قال : " اذهب فاشتر نفسك " . فانطلقت إلى صاحبي فقلت : يعني نفسي ، فقال : نعم على أن تنبت لي مائة نخلة ، فإذا أنبت جئتني [ ص: 339 ] بوزن نواة من ذهب . فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اشتر نفسك بالذي سألك ، وائتني بدلو من ماء البئر التي كنت تسقي منها ذلك النخل " . قال : فدعا لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سقيتها ، فوالله لقد غرست مائة نخلة فما منها نخلة إلا نبتت ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته : أن النخل قد نبت ، فأعطاني قطعة من ذهب ، فانطلقت بها فوضعتها في كفة الميزان ، ووضع في الجانب الآخر نواة ، قال : فوالله ما استقلت القطعة من الذهب من الأرض قال : وجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فأعتقني . رواه الطبراني ، وفيه عبد الله بن عبد القدوس التميمي ضعفه أحمد والجمهور ووثقه ابن حبان ، وقال : ربما أغرب ، وبقية رجاله ثقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية