[ ص: 53 ] الفتاح المنان ، ذي الطول والفضل والإحسان ، الذي من علينا بالإيمان ، وفضل ديننا على سائر الأديان ، ومحا بحبيبه وخليله عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم عبادة الأوثان .
( المنان ) صيغة مبالغة من المن ، بمعنى الكثير الإنعام ، وسيأتي في النوع الخامس والأربعين في أثر مسلسل عن علي : أنه الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال .
( ذي الطول ) كما وصف تعالى بذلك نفسه في كتابه ، وفسره nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، بذي السعة والغنى .
( والفضل والإحسان الذي من علينا بالإيمان ) بأن هدانا إليه ووفقنا له .
[ ص: 54 ] ( وفضل ديننا ) وهو الإسلام ( على سائر الأديان ) كما وردت بذلك الأحاديث المشهورة .
( ومحا بحبيبه وخليله عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم عبادة الأوثان ) أي الأصنام التي كان عليها كفار الجاهلية في زمن الفترة بعد عيسى عليه السلام ، وقد ذكر المصنف هنا أربع صفات من أشرف أوصافه صلى الله عليه وسلم : فالحبيب ورد في حديث الترمذي وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347670ألا وأنا حبيب الله ولا فخر " .
وقد اختلف في تفسير الخلة واشتقاقها ، فقيل : الخليل المنقطع إلى الله بلا مرية ، وقيل المختص به ، وقيل الصفي الذي يوالي فيه ويعادي فيه ، وقيل المحتاج إليه .
وأصل المحبة الميل ، وهي في حق الله تعالى تمكينه لعبده من السعادة والعصمة ، وتهيئة أسباب القرب ، وإفاضة الرحمة عليه ، وكشف الحجب عن قلبه ، والأكثر عن أن درجة المحبة أرفع ، وقيل بالعكس ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نفى ثبوت الخلة لغير ربه ، وأثبت المحبة [ ص: 55 ] لفاطمة وابنها وأسامة وغيرهم ، وقيل هما سواء ، والعبد : من أشرف صفات المخلوق .
أسند القشيري في رسالته عن الدقاق قال : ليس شيء أشرف من العبودية ، ولا اسم أتم للمؤمن منها ، ولذلك قال في صفته صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج - وكان أشرف أوقاته : ( سبحان الذي أسرى بعبده ) ( فأوحى إلى عبده ) ، ولو كان اسم أجل من العبودية لسماه به .
وأسند عنه أيضا قال : العبودية أتم من العبادة ، فأولا عبادة وهي للعوام ، ثم عبودية وهي للخواص ، ثم عبودية وهي لخواص الخواص .
[ ص: 56 ] والأشهر في معنى الرسول أنه إنسان أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ، فإن لم يؤمر فنبي فقط ، وممن جزم به الحليمي ، وقيل : وكان معه كتاب ، أو نسخ لبعض شرع من قبله ، فإن لم يكن فنبي فقط وإن أمر بالتبليغ ، فالنبي أعم عليهما ، وقيل هما بمعنى ، وهو الأولى .
ثم الأكثر على أنه صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الإنس والجن دون الملائكة ، صرح بذلك الحليمي والبيهقي في الشعب والرازي والنسفي في تفسيريهما .
ونقله المتأخرون ، منهم الحافظ أبو الفضل العراقي في نكته على nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، والشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع ، واختار البارزي والسبكي أنه مرسل إلى الملائكة أيضا ، وهو اختياري وقد ألفت فيه كتابا ، وأما الكلام في شرح اسمه محمد فقد بسطناه في شرح الأسماء النبوية .