( وما أشبه كله مرفوع على الصحيح الذي قاله الجمهور ) .
[ ص: 209 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي ، ومن يجب اتباع سنته ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال غيره : لأن مقصود الصحابي بيان الشرع لا اللغة ، ولا العادة ، والشرع يتلقى من الكتاب ( ق 62 \ ب ) ، والسنة والإجماع والقياس ، ولا يصح أن يريد أمر الكتاب ; لكون ما في الكتاب مشهورا يعرفه الناس ، ولا الإجماع ; لأن المتكلم بهذا من أهل الإجماع ، ويستحيل أمره نفسه ، ولا القياس إذ لا أمر فيه ، فتعين كون المراد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
( وقيل : ليس بمرفوع ) ; لاحتمال أن يكون الآمر غيره ، كأمر القرآن أو الإجماع أو بعض الخلفاء ، أو الاستنباط ، وأن يريد سنة غيره .
وأجيب ببعد ذلك مع أن الأصل الأول . وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه في قصته مع الحجاج حين قال له : إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : فقلت لسالم : أفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : وهل يعنون بذلك إلا سنته .
فنقل سالم ، وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة ، وأحد الحفاظ من التابعين عن الصحابة ، أنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بذلك إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما قول بعضهم : إن كان مرفوعا فلم لا يقولون فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 210 ] فجوابه : أنهم تركوا الجزم بذلك تورعا واحتياطا ، ومن هذا قول أبي قلابة ، عن أنس : من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا . أخرجاه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة : لو شئت لقلت : إن أنسا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أي لو قلت لم أكذب ; لأن قوله : من السنة هذا معناه . لكن إيراده بالصيغة التي ذكرها الصحابي أولى ، وخصص بعضهم الخلاف بغير nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق ، أما هو فإن قال ذلك ، فمرفوع بلا خلاف .
قلت : ويؤيد الوقف في غيره ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في المصنف ، عن حنظلة السدوسي قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك يقول : ( ق 63 \ أ ) : " كان يؤمر بالسوط فيقطع ثمرته ، ثم يدق بين حجرين ، ثم يضرب به ، فقلت nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس : في زمان من كان هذا ؟ قال في زمان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " .
فإن صرح الصحابي بالأمر كقوله : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا خلاف فيه ، إلا ما حكي عنداود [ ص: 211 ] وبعض المتكلمين أنه لا يكون حجة حتى ينقل لفظه ، وهذا ضعيف ، بل باطل ; لأن الصحابي عدل عارف باللسان . فلا يطلق ذلك إلا بعد التحقيق .
قال البلقيني : وحكم قوله : من السنة ، قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في متعة الحج : سنة أبي القاسم ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص في عدة أم الولد : لا تلبسوا علينا سنة نبينا ، رواه أبو داود ، وقول عمر في المسح : أصبت السنة ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه .
قال : وبعضها أقرب من بعض ، وأقربها للرفع سنة أبي القاسم ، ويليها سنة نبينا ، ويلي ذلك أصبت السنة .
( ولا فرق بين قوله ) ، أي الصحابي ما تقدم ( في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بعده ) ، أما إذا قال ذلك التابعي ، فجزم ابن الصباغ في العدة أنه مرسل ، وحكى فيه ، [ ص: 212 ] إذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب وجهين : هل يكون حجة أو لا ، وللغزالي فيه احتمالان بلا ترجيح : هل يكون موقوفا ، أو مرفوعا مرسلا .
وكذا قوله من السنة : فيه وجهان حكاهما المصنف في شرح مسلم وغيره ، وصحح وقفه ، وحكى الداودي الرفع عن القديم .
تكملة
من المرفوع أيضا ما جاء عن الصحابي ، ومثله لا يقال من قبل الرأي ، ولا مجال للاجتهاد فيه فيحمل على السماع ، جزم به الرازي في " المحصول " ، وغير واحد من أئمة الحديث .
وترجم على ذلك الحاكم في كتابه " معرفة المسانيد التي لا يذكر سندها " ، ومثله بقول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : من أتى ساحرا أو عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد أدخل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في كتابه " التقصي " عدة ( 63 \ ب ) أحاديث من ذلك ، مع أن موضوع الكتاب للمرفوعة ، منها حديث سهل بن أبي خيثمة في صلاة الخوف ، وقال في " التمهيد " : هذا الحديث موقوف على سهل ، ومثله لا يقال من قبل الرأي .
نقل ذلك العراقي ، وأشار إلى تخصيصه بصحابي لم يأخذ عن أهل الكتاب .
[ ص: 213 ] وصرح بذلك شيخ الإسلام في " شرح النخبة " جازما به ، ومثله بالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق ، وأخبار الأنبياء ، والآتية كالملاحم والفتن وأحوال يوم القيامة ، وعما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص .
قال : ومن ذلك فعله ما لا مجال للاجتهاد فيه ، فينزل على أن ذلك عنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في صلاة علي في الكسوف في كل ركعة أكثر من ركوعين .
وجزم بذلك أيضا الزركشي في مختصره نقلا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر .
وأما البلقيني ، فقال : الأقرب أن هذا ليس بمرفوع ؛ لجواز إحالة الإثم على ما ظهر من القواعد ، وسبقه إلى ذلك أبو القاسم الجوهري ، نقله عنه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ورده عليه .