[ ص: 423 ] القسم الثاني : القراءة على الشيخ ، ويسميها أكثر المحدثين عرضا . سواء قرأت أو غيرك وأنت تسمع من كتاب أو حفظ ، حفظ الشيخ أم لا إذا أمسك أصله هو أو ثقة ، وهي رواية صحيحة بلا خلاف في جميع ذلك إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد به .
واختلفوا في مساواتها للسماع من لفظ الشيخ ورجحانه عليها ورجحانها عليه ، فحكي الأول عن مالك وأصحابه وأشياخه ومعظم علماء الحجاز والكوفة nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهم ، والثاني عن جمهور أهل المشرق وهو الصحيح . والثالث عن أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب وغيرهما ، ورواية عن مالك ، والأحوط في الرواية بها : قرأت على فلان أو قرئ عليه وأنا أسمع فأقر به ، ثم عبارات السماع مقيدة : كحدثنا أو أخبرنا قراءة عليه ، وأنشدنا في الشعر قراءة عليه ، ومنع إطلاق حدثنا وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، ويحيى بن يحيى التميمي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهم وجوزها طائفة . قيل : إنه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ، وجماعات من المحدثين ومعظم الحجازيين والكوفيين .
ومنهم من أجاز فيها سمعت ، ومنعت طائفة حدثنا وأجازت أخبرنا وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق . وقيل : إنه مذهب أكثر المحدثين وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وابن وهب وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا وصار هو الشائع الغالب على أهل الحديث .
( القسم الثاني ) من أقسام التحمل ( القراءة على الشيخ ويسميها أكثر المحدثين عرضا ) من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يعرض القرآن على المقرئ ، لكن قال شيخ الإسلام ابن حجر في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : بين القراءة والعرض [ ص: 424 ] عموم وخصوص ، لأن الطالب إذا قرأ كان أعم من العرض وغيره ، ولا يقع العرض إلا بالقراءة ; لأن العرض عبارة عما يعرض به الطالب أصل شيخه معه أو مع غيره بحضرته . فهو أخص من القراءة ، انتهى .
( سواء قرأت ) عليه بنفسك ( أو قرأ غيرك ) عليه ( وأنت تسمع ) وسواء كانت القراءة منك أو من غيرك ( من كتاب أو حفظ ) وسواء في الصور الأربع ( حفظ الشيخ ) ما قرئ عليه ( أم لا إذا أمسك أصله هو أو ثقة ) غيره كما سيأتي .
قال العراقي : وهكذا إن كان ثقة من السامعين يحفظ ما قرئ وهو مستمع غير غافل ، فذلك كاف أيضا .
قال : ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح هذه المسألة . والحكم فيها متجه ولا فرق بين إمساك الثقة لأصل الشيخ وبين حفظ الثقة لما يقرأ ، وقد رأيت غير واحد من أهل الحديث وغيرهم اكتفى بذلك ، انتهى .
وقال شيخ الإسلام : ينبغي ترجيح الإمساك في الصور كلها على الحفظ لأنه خوان ، وشرط nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في القارئ أن يكون ممن يعرف ويفهم .
[ ص: 425 ] وشرط nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين في الشيخ أن يكون بحيث لو فرض من القارئ تحريف أو تصحيف لرده ، وإلا فلا يصح التحمل بها .
( وهي ) أي الرواية بالقراءة بشرطها ( رواية صحيحة ، بلا خلاف في جميع ذلك إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد به ) إن ثبت عنه ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم النبيل ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=14347الرامهرمزي عنه .
وروى الخطيب عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال : ما أخذت حديثا قط عرضا ، وعن محمد بن سلام أنه أدرك مالكا والناس يقرأون عليه فلم يسمع منه لذلك ، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=16341عبد الرحمن بن سلام الجمحي لم يكتف بذلك ، فقال مالك : أخرجوه عني .
وممن قال بصحتها من الصحابة فيما رواه البيهقي في " المدخل " : أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة . ومن التابعين nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، وأبو سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله ، nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد ، nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار ، وابن هرمز ، وعطاء ، ونافع ، وعروة ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، ومكحول ، والحسن ، ومنصور ، وأيوب . ومن الأئمة nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ، وشعبة ، والأئمة الأربعة ، nindex.php?page=showalam&ids=16349وابن مهدي ، وشريك ، والليث ، وأبو عبيد ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في خلق لا يحصون كثرة .
[ ص: 426 ] وروى الخطيب عن إبراهيم بن سعد أنه قال : لا تدعون تنطعكم يا أهل العراق ! العرض مثل السماع .
( واختلفوا في مساواتها للسماع من لفظ الشيخ ) في المرتبة ( ورجحانه عليها ورجحانها عليه ) على ثلاثة مذاهب :
( فحكي الأول ) وهو المساواة ( عن مالك وأصحابه وأشياخه ) من علماء [ ص: 427 ] المدينة ( ومعظم علماء الحجاز والكوفة nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهم ) وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14347الرامهرمزي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، ثم روي عن علي القراءة على العالم بمنزلة السماع منه .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : اقرأوا علي فإن قراءتكم علي كقراءتي عليكم ، رواه البيهقي في " المدخل " ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14667أبو بكر الصيرفي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قلت : وعندي أن هؤلاء إنما ذكروا المساواة في صحة الأخذ بها ردا على من كان أنكرها لا في اتحاد المرتبة .
أسند الخطيب في " الكفاية " من طريق ابن وهب قال : سمعت مالكا وسئل عن الكتب التي تعرض عليه ، أيقول الرجل حدثني ؟ قال : نعم ، كذلك القرآن أليس الرجل يقرأ على الرجل فيقول : أقرأني فلان .
وأسند الحاكم في علوم الحديث عن مطرف قال : سمعت مالكا يأبى أشد الإباء على من يقول : لا يجزيه إلا السماع من لفظ الشيخ ، ويقول : كيف لا يجزئك هذا في الحديث ويجزئك في القرآن والقرآن أعظم .
( و ) حكي ( الثاني ) وهو ترجيح السماع عليها ( عن جمهور أهل المشرق وهو الصحيح ، [ ص: 428 ] و ) حكي ( الثالث ) وهو ترجيحها عليه ( عن أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب وغيرهما و ) هو ( رواية عن مالك ) حكاها عنه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وابن فارس والخطيب ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، وشعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=17320ويحيى بن عبد الله بن بكير ، nindex.php?page=showalam&ids=13924والعباس بن الوليد بن يزيد ، وأبى الوليد موسى بن داود الضبي ، وأبي عبيد ، وأبي حاتم . وحكاه ابن فارس عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، والحسن بن عمارة .
وروى البيهقي في " المدخل " عن nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي بن إبراهيم قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، nindex.php?page=showalam&ids=16545وعثمان بن الأسود ، nindex.php?page=showalam&ids=15776وحنظلة بن أبي سفيان ، وطلحة بن عمرو ، ومالك ، ومحمد بن إسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، وهشام ، nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ، nindex.php?page=showalam&ids=12514وسعيد بن أبي عروبة ، والمثنى بن الصباح يقولون : قراءتك على العالم خير من قراءة العالم عليك ، واعتلوا بأن الشيخ لو غلط لم يتهيأ للطالب الرد عليه .
وعن أبي عبيد : القراءة علي أثبت من أن أتولى القراءة أنا .
وقال صاحب البديع بعد اختياره التسوية : محل الخلاف ما إذا قرأ الشيخ [ ص: 429 ] في كتابه لأنه قد يسهو ، فلا فرق بينه وبين القراءة عليه ، أما إذا قرأ الشيخ من حفظه فهو أعلى بالاتفاق .
واختار شيخ الإسلام أن محل ترجيح السماع ما إذا استوى الشيخ والطالب ، أو كان الطالب أعلم ، لأنه أوعى لما يسمع ، فإن كان مفضولا فقراءته أولى ، لأنها أضبط له .
قال : ولهذا كان السماع من لفظه في الإملاء أرفع الدرجات ، لما يلزم منه تحرير الشيخ والطالب . وصرح كثيرون بأن القراءة بنفسه أعلى مرتبة من السماع بقراءة غيره . وقال الزركشي : القارئ والمستمع سواء .
( والأحوط ) الأجود ( في الرواية بها ) أن يقول ( قرأت على فلان ) إن قرأ بنفسه ( أو قرئ عليه وأنا أسمع فأقر به ثم ) يلي ذلك ( عبارات السماع مقيدة ) بالقراءة لا مطلقة ( كحدثنا ) بقراءتي أو ( قراءة عليه ) وأنا أسمع ( أو أخبرنا ) بقراءتي أو ( قراءة عليه ) وأنا أسمع أو أنبأنا أو نبأنا أو قال لنا كذلك ( وأنشدنا في الشعر قراءة عليه .
ومنع إطلاق حدثنا وأخبرنا ) هنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله ( ابن المبارك ، ويحيى بن يحيى التميمي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وغيرهم ) . [ ص: 430 ] قال الخطيب : وهو مذهب خلق كثير من أصحاب الحديث ( وجوزها طائفة قيل إنه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ) ابن أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان ( ابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى ) بن سعيد ( القطان ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ، وجماعات من المحدثين ، ومعظم الحجازيين والكوفيين ) كالثوري ، وأبي حنيفة وصاحبيه ، nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل ، nindex.php?page=showalam&ids=17376ويزيد بن هارون ، nindex.php?page=showalam&ids=12063وأبي عاصم النبيل ، nindex.php?page=showalam&ids=17282ووهب بن جرير ، وثعلب ، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ، وألف فيه جزءا ، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبي نعيم الأصبهاني ، وحكاه عياض عن الأكثرين ، وهو رواية عن أحمد .
( ومنهم من أجاز فيها سمعت ) أيضا وروي عن مالك والسفيانيين . والصحيح لا يجوز ، وممن صححه أحمد بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=12604والقاضي أبو بكر الباقلاني وغيرهما .
ويقع في عبارة السلفي في كتابه " التسميع " سمعت بقراءتي ، وهو إما تسامح في الكتابة لا يستعمل في الرواية ، أو رأي يفصل بين التقييد والإطلاق .
( ومنعت طائفة ) إطلاق ( حدثنا وأجازت ) إطلاق ( أخبرنا وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق ، وقيل : إنه مذهب [ ص: 431 ] أكثر المحدثين ) عزاه لهم محمد بن الحسن التميمي الجوهري في كتاب " الإنصاف " قال : فإن أخبرنا علم يقوم مقام قائله أنا قرأته عليه لا أنه لفظ به لي .
( وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وابن وهب ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وقيل إنه أول من أحدث الفرق بين اللفظين بمصر ، وهذا يدفعه النقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر ( وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا ) حكاه الجوهري المذكور .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : ( وصار ) الفرق بينهما ( هو الشائع الغالب على أهل الحديث ) وهو اصطلاح منهم ، أرادوا به التمييز بين النوعين ، والاحتجاج له من حيث اللغة فيه عناء وتكلف .
قال : ومن أحسن ما حكي عمن ذهب هذا المذهب ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13855البرقاني عن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي أحد رؤساء الحديث بخراسان أنه قرأ على بعض الشيوخ عن nindex.php?page=showalam&ids=14898الفربري " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " ، وكان يقول له في كل حديث : حدثكم nindex.php?page=showalam&ids=14898الفربري ، فلما فرغ الكتاب سمع الشيخ يذكر أنه إنما سمع الكتاب من nindex.php?page=showalam&ids=14898الفربري قراءة [ ص: 432 ] عليه ، فأعاد قراءة الكتاب كله وقال في جميعه أخبركم nindex.php?page=showalam&ids=14898الفربري . قال العراقي : وكأنه كان يرى إعادة السند في كل حديث ، وهو تشديد ، والصحيح أنه لا يحتاج إليه كما سيأتي .
أحدها وهو رأي nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : أنها مصادر وقعت موقع فاعل حالا ، كما وقع المصدر موقعه نعتا في " زيد عدل " وأنه لا يستعمل منها إلا ما سمع ، ولا يقاس .
فعلى هذا استعمال الصيغة المذكورة في الرواية ممنوع ، لعدم نطق العرب بذلك .
الثاني : وهو للمبرد ، أنها ليست أحوالا بل مفعولات لفعل مضمر من لفظها [ ص: 433 ] وذلك المضمر هو الحال ، وأنه يقال في كل ما دل عليه الفعل المتقدم ، وعلى هذا تخرج الصيغة المذكورة ، بل كلام أبي حيان في تذكرته يقتضي أن أخبرنا سماعا مسموع ، وأخبرنا قراءة لم يسمع ، وأنه يقاس على الأول على هذا القول .
الثالث : وهو للزجاج قال ، يقول nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : فلا يضمر لكنه مقيس .
الرابع : وهو للسيرافي قال : هو من باب جلست قعودا ، منصوب بالظاهر مصدرا معنويا .