والصواب وقول الأكثرين يرويه على الصواب ، وأما إصلاحه في الكتاب فجوزه بعضهم والصواب تقريره في الأصل على حاله مع التضبيب عليه وبيان الصواب في الحاشية ثم الأولى عند السماع أن يقرأه على الصواب ، ثم يقول في روايتنا أو عند شيخنا أو من طريق فلان كذا ، وله أن يقرأ ما في الأصل ثم يذكر الصواب ، وأحسن الإصلاح بما جاء في رواية أو حديث آخر .
وإن كان الإصلاح بزيادة ساقط فإن لم يغاير معنى الأصل فهو على ما سبق وإن غاير تأكد الحكم بذكر الأصل مقرونا بالبيان ، فإن علم أن بعض الرواة أسقطه وحده فله أيضا أن يلحقه في نفس الكتاب مع كلمة يعني ، هذا إذا علم أن شيخه رواه على الخطأ ، فأما إن رواه في كتاب نفسه وغلب على ظنه أنه من كتابه لا من شيخه فيتجه إصلاحه في كتابه وروايته . كما إذا درس من كتابه بعض الإسناد أو المتن فإنه يجوز استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط كذا قاله أهل التحقيق ، ومنعه بعضهم ، وبيانه حال الرواية أولى : وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره أو حفظه فإن وجد في كتابه كلمة غير مضبوطة أشكلت عليه جاز أن يسأل عنها العلماء بها ويرويها على ما يخبرونه .
وشكا nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة إلى الخليل فقال له : سألته عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعف فانتهرني ، وقال : أخطأت إنما هو رعف بفتح العين ، [ ص: 542 ] فقال الخليل : صدق أتلقى بهذا الكلام أبا سلمة . ( وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف ) . روى الخطيب عن شعبة قال : من طلب الحديث ولم يبصر العربية كمثل رجل عليه برنس وليس له رأس .
وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة قال : مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة ولا شعير فيها .
وروى الخليلي في الإرشاد عن العباس بن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه قال : جاء nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز الدراوردي في جماعة إلى أبي ليعرضوا عليه كتابا ، فقرأ لهم الدراوردي ، وكان رديء اللسان يلحن
[ قبيحا ] ، فقال أبي : ويحك يا دراوردي ! أنت كنت إلى إصلاح لسانك قبل النظر في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك .
( وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق ) والضبط عنهم لا من بطون الكتب .
( وإذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، و ) عبد الله ( بن [ ص: 543 ] سخبرة ) وأبو معمر nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد القاسم بن سلام فيما رواه البيهقي عنهما ( يرويه ) على الخطأ ( كما سمعه ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وهذا غلو في اتباع اللفظ ، والمنع من الرواية بالمعنى .
( والصواب وقول الأكثرين ) منهم nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد وعطاء وهمام nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل : أنه ( يرويه على الصواب ) لا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به ، واختار ابن عبد السلام ترك الخطأ والصواب أيضا ، حكاه عنه ابن دقيق العيد ، أما الصواب فإنه لم يسمع كذلك . وأما الخطأ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله كذلك .
( وأما إصلاحه في الكتاب ) وتغيير ما وقع فيه ( فجوزه بعضهم ) أيضا ، ( والصواب تقريره في الأصل على حاله ، مع التضبيب عليه ، وبيان الصواب في الحاشية ) كما تقدم ، فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفى للمفسدة ، وقد يأتي من يظهر له وجه صحته ، ولو فتح باب التغيير لجسر عليه من ليس بأهل .
( ثم الأولى عند السماع أن يقرأه ) أولا ( على الصواب ثم يقول ) وقع ( في [ ص: 544 ] روايتنا أو عند شيخنا أو من طريق فلان كذا وله أن يقرأ ما في الأصل ) أولا ، ( ثم يذكر الصواب ) وإنما كان الأول أولى ، كيلا يتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل .
( وأحسن الإصلاح ) أن يكون ( بما جاء في رواية ) أخرى ، ( أو حديث آخر ) فإن ذاكره أمن من التقول المذكور .
( وإن كان الإصلاح بزيادة الساقط ) من الأصل ، ( فإن لم يغاير معنى الأصل فهو على ما سبق ) .
كذا عبر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أيضا ، وعبارة العراقي : فلا بأس بإلحاقه في الأصل من غير تنبيه على سقوطه ، بأن يعلم أنه سقط في الكتابة ، كلفظة ابن في النسب ، وكحرف لا يختلف المعنى به .
وقد سأل أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل فقال : وجدت في كتابي حجاج عن جريج ، يجوز لي أن أصلحه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أرجو أن يكون هذا لا بأس به .
[ ص: 545 ] وقيل لمالك : أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد ، فقال أرجو أن يكون خفيفا .
( وإن غاير ) الساقط معنى ما وقع في الأصل ( تأكد الحكم بذكر الأصل مقرونا بالبيان ) لما سقط ، ( فإن علم أن بعض الرواة ) له ( أسقطه وحده ) وأن من فوقه من الرواة أتى به ، ( فله أيضا أن يلحقه في نفس الكتاب مع كلمة يعني ) قبله ، كما فعل الخطيب ، إذ روى عن nindex.php?page=showalam&ids=13577أبي عمر بن مهدي عن المحاملي بسنده إلى عروة ، عن عمرة يعني عن عائشة قالت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347893كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله " .
قال الخطيب : كان في أصل nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي عن عمرة قالت كان ، فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بد ، وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه ، وإنما سقط من كتاب شيخنا وقلنا له ما فيه : يعني ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي لم يقل لنا ذلك ، قال : وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا ، ثم روى عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال : أنا أستعين في الحديث بيعني .
( هذا إذا علم أن شيخه رواه ) له ( على الخطأ ، فأما إن رواه في كتاب نفسه [ ص: 546 ] وغلب على ظنه أنه ) أي السقط ( من كتابه لا من شيخه فيتجه ) حينئذ ( إصلاحه في كتابه ، و ) في ( روايته ) عند تحديثه ، كما تقدم عن أبي داود .
( كما إذا درس من كتابه بعض الإسناد أو المتن ) بتقطع أو بلل ونحوه ( فإنه يجوز ) له ( استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته ) ووثق به ، بأن يكون أخذه عن شيخه وهو ثقة ، ( وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط ، كذا قال أهل التحقيق ) وممن فعله nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد .
( ومنعه بعضهم ) وإن كان معروفا محفوظا ، نقله الخطيب عن nindex.php?page=showalam&ids=13481أبي محمد بن ماسي ، ( وبيانه حال الرواية أولى ) قاله الخطيب ، ( وهكذا الحكم ) جار ( في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب ) ثقة ( غيره أو حفظه ) كما روي عن أبي عوانة وأحمد وغيرهما ، ويحسن أن يبين مرتبته ، كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون وغيره .
وفي غير المسند عن يزيد : أنا عاصم وثبتني فيه شعبة .
فإن بين أصل التثبت من دون من ثبته فلا بأس ، فعله أبو داود في سننه عقب حديث الحكم بن حزن قال : ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا .
( فإن وجد في كتابه كلمة ) من غريب العربية ( غير مضبوطة أشكلت عليه ، جاز أن يسأل عنها العلماء بها ويرويها على ما يخبرونه ) به فعل ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما ، وروى الخطيب عن عفان بن سلمة أنه كان يجيء إلى الأخفش ، وأصحاب النحو يعرض عليهم نحو الحديث يعربه .