إذا كان في سماعه بعض الوهن فعليه بيانه حال الرواية ومنه إذا حدثه من حفظه في المذاكرة فليقل : حدثنا مذاكرة كما فعله الأئمة ، ومنع جماعة منهم الحمل عنهم حال المذاكرة ، وإذا كان الحديث عن ثقة ومجروح ، أو ثقتين فالأولى أن يذكرهما ، فإن اقتصر على ثقة فيهما لم يحرم ، وإذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه من آخر فروى جملته عنهما مبينا أن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر جاز ، ثم يصير كل جزء منه كأنه رواه عن أحدهما مبهما فلا يحتج بشيء منه إن كان فيهما مجروح ، ويجب ذكرهما جميعا مبينا إن كان عن أحدهما بعضه وعن الآخر بعضه .
( الرابع عشر : إذا كان في سماعه بعض الوهن ) أي الضعف ( فعليه بيانه [ ص: 562 ] حال الرواية ) فإن في إغفاله نوعا من التدليس ، وذلك كأن يسمع من غير أصل ، أو يحدث هو أو الشيخ وقت القراءة ، أو حصل نوم أو نسخ ، أو سمع بقراءة مصحف أو لحان . أو كان التسميع بخط من فيه نظر .
( ومنه إذا حدثه من حفظه في المذاكرة ) لتساهلهم فيها ، ( فليقل حدثنا في المذاكرة ) ونحوه ( كما فعله الأئمة ، ومنع جماعة منهم ) كابن مهدي nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وأبي زرعة ( الحمل عنهم حال المذاكرة ) لتساهلهم فيها ; ولأن الحفظ خوان .
وامتنع جماعة من رواية ما يحفظونه إلا من كتبهم لذلك ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، ( وإذا كان الحديث عن ) رجلين أحدهما ( ثقة ، و ) الآخر ( مجروح ) كحديث nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس مثلا ، يرويه عنه nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني ، وأبان بن أبي عياش ( أو ) عن ( ثقتين ، فالأولى أن يذكرهما ) لجواز أن يكون فيه شيء ، لأحدهما لم يذكره الآخر ، وحمل لفظ أحدهما على الآخر .
( فإن اقتصر على ثقة فيهما لم يحرم ) ; لأن الظاهر اتفاق الروايتين ، وما ذكره من الاحتمال نادر بعيد ، ومحذور الإسقاط في الثاني ، أقل من الأول .
قال الخطيب : وكان nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروح ، ويذكر [ ص: 563 ] الثقة ، ثم يقول وآخر ، كناية عن المجروح ، قال : وهذا القول لا فائدة فيه ، وقال البلقيني : بل له فائدة تكثير الطرق ( وإذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه ) الآخر ( من ) شيخ ( آخر ، فروى جملته عنهما مبينا أن بعضه عن أحدهما ، وبعضه عن الآخر ) غير مميز لما سمعه من كل شيخ عن الآخر ( جاز ، ثم يصير كل جزء منه كأنه رواه عن أحدهما مبهما فلا يحتج بشيء منه إن كان فيهما مجروح ) ; لأنه ما من جزء منه إلا ويجوز أن يكون عن ذلك المجروح .
( ويجب ذكرهما ) حينئذ ( جميعا مبينا إن كان عن أحدهما بعضه وعن الآخر بعضه ) ، ولا يجوز ذكرهما ساكتا عن ذلك ، ولا إسقاط أحدهما مجروحا ، كان أو ثقة .
ومن أمثلة ذلك حديث الإفك في الصحيح من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، حيث قال : حدثني عروة nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16590وعلقمة بن وقاص nindex.php?page=showalam&ids=16523وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة قال : وكل قد حدثني طائفة من حديثها ، ودخل حديث بعضهم في بعض ، وأنا أوعى ، لحديث بعضهم من بعض ، فذكر الحديث .
قال والجواب : أن الممتنع إنما هو إسقاط بعضهم ، وإيراد كل الحديث عن بعضهم ; لأنه حينئذ يكون قد حدث عن المذكور ببعض ما لم يسمعه منه ، فأما إذا بين أنه لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا فليس بممتنع .
فهذا هو بعض حديث أبي نعيم الذي ذكره في الرقاق ، وأما بقية الحديث فيحتمل أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخذه من كتاب أبي نعيم وجادة أو إجازة ، أو سمعه من شيخ آخر غير أبي نعيم ، إما محمد بن مقاتل أو غيره ، ولم يبين ذلك ، بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ، ولكن ما من قطعة منه إلا وهي محتملة ; لأنها غير متصلة بالسماع ، إلا القطعة التي صرح في الاستئذان باتصالها .