معرفة آداب المحدث : علم الحديث شريف ، يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ، وهو من علوم الآخرة ؛ من حرمه حرم خيرا عظيما ، ومن رزقه نال فضلا جزيلا ؛ فعلى صاحبه تصحيح النية ، وتطهير قلبه من أغراض الدنيا ، واختلف في السن الذي يتصدى فيه لإسماعه ، والصحيح أنه متى احتيج إلى ما عنده جلس له في أي سن كان ، وينبغي أن يمسك عن التحديث إذا خشي التخليط بهرم ، أو خرف أو عمى ، ويختلف ذلك باختلاف الناس .
[ ص: 565 ] ( النوع السابع والعشرون : ) ( معرفة آداب المحدث : علم الحديث شريف ) ، وكيف لا وهو الوصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ; والباحث عن تصحيح أقواله وأفعاله والذب عن أن ينسب إليه ما لم يقله ، وقد قيل في تفسير قوله تعالى : يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ، ليس لأهل الحديث منقبة أشرف من ذلك لأنه لا إمام لهم غيره صلى الله عليه وسلم ، ولأن سائر العلوم الشرعية محتاجة إليه . أما الفقه فواضح ، وأما التفسير فلأن أولى ما فسر به كلام الله تعالى ما ثبت عن نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .
وهو علم ( يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ) ، وينافر ضد ذلك ، ( وهو من علوم الآخرة ) المحضة ، بخلاف غيره في الجملة .
قال أبو الحسن شبويه : من أراد علم القبر فعليه بالأثر ، ومن أراد علم الخبز فعليه بالرأي .
وكأن تلقيب المحدث بأمير المؤمنين مأخوذ من هذا الحديث . وقد لقب به جماعة ؛ منهم : سفيان ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وابن راهويه ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ، وغيرهم .
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : قلت nindex.php?page=showalam&ids=15683لحبيب بن أبي ثابت : حدثنا ، قال : حتى تجيء النية .
وقيل nindex.php?page=showalam&ids=11820لأبي الأحوص سلام بن سليم : حدثنا ، فقال : ليس لي نية ، فقالوا له : إنك تؤجر ، فقال :
يمنوني الخير الكثير وليتني نجوت كفافا لا علي ولا ليا
[ ص: 567 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : أستغفر الله إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء .
( واختلف في السن الذي ) يحسن أن ( يتصدى فيه لإسماعه ) ؛ فقال nindex.php?page=showalam&ids=13122ابن خلاد : إذا بلغ الخمسين ، لأنها انتهاء الكهولة ، وفيها مجتمع الأشد .
قال : ولا ينكر عند الأربعين ؛ لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال ، وعندها ينتهي عزم الإنسان وقوته ، ويتوفر عقله ويجود رأيه .
وأنكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ، وقال : كم من السلف فمن بعدهم من لم ينته إلى هذا السن ، ونشر من الحديث والعلم ما لا يحصى ، nindex.php?page=showalam&ids=16673كعمر بن عبد العزيز ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، وجلس مالك للناس ابن نيف وعشرين ، وقيل : ابن سبع عشرة سنة ، والناس متوافرون وشيوخه أحياء ؛ ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16920وابن المنكدر وابن هرمز ، وغيرهم ، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأئمة من المتقدمين والمتأخرين . وقد حدث بندار وهو ابن ثمانية عشرة وحدث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وما في وجهه شعرة ، وهلم جرا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13122ابن خلاد محله فيمن يؤخذ عنه الحديث لمجرد الإسناد من غير براعة في العلم ؛ فإنه لا يحتاج إليه لعلو إسناده إلا عند السن المذكور ، أما من عنده براعة في العلم فإنه يؤخذ عنه قبل السن المذكور .
قال ( والصحيح أنه متى احتيج إلى ما عنده جلس له في أي سن كان .
[ ص: 568 ] وينبغي أن يمسك عن التحديث إذا خشي التخليط بهرم ، أو خرف ، أو عمى ، ويختلف ذلك باختلاف الناس ) ، وضبطه nindex.php?page=showalam&ids=13122ابن خلاد بالثمانين ، قال : والتسبيح والذكر وتلاوة القرآن أولى به .
فإن يكن ثابت العقل مجتمع الرأي فلا بأس ؛ فقد حدث بعدها أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=51وعبد الله بن أبي أوفى في آخرين ، ومن التابعين : nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح القاضي ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي في آخرين ، ومن أتباعهم : مالك ، والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة .
وقال مالك : إنما يخرف الكذابون .
وحدث بعد المائة من الصحابة : nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام ، ومن التابعين : شريك النمري ، وممن بعدهم : nindex.php?page=showalam&ids=14120الحسن بن عرفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13890وأبو القاسم البغوي ، والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري ، nindex.php?page=showalam&ids=14508والسلفي ، وغيرهم .